المدرسة النورانية: بين الحقيقة والوهم – كشف أسرار "طاقات النور" ومخاطرها
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين أوساط بعض المسلمين مفاهيم غامضة حول "المدرسة النورانية" و"طاقات النور" و"العلوم الروحانية"، حتى أصبح لها أتباع وممارسون
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين أوساط بعض المسلمين مفاهيم غامضة حول "المدرسة النورانية" و"طاقات النور" و"العلوم الروحانية"، حتى أصبح لها أتباع وممارسون يروجون لها عبر الدروس، ووسائل التواصل الاجتماعي، ويدّعون أنها طريقٌ للارتقاء الروحي والتقرب إلى الله. فما هي حقيقة هذه المدرسة؟ وما جذورها؟ وما مدى خطورتها على العقيدة الإسلامية؟ في هذا المقال، سنكشف الحقائق بالأدلة، ونوضح أوجه التشابه بينها وبين السحر والهندوسية، ونحذر من الانجراف خلف هذه الدعاوى الباطلة.
ما هي المدرسة النورانية؟
المدرسة النورانية ليست مجرد مجموعة من الدروس أو الأوراد الروحية، بل هي منظومة فكرية وعقدية تدّعي امتلاك "علوم الحروف والأرقام" و"أسرار القرآن" و"تسخير الجن" و"فتح الطاقات الكونية". ويزعم أتباعها أن لديهم صلة خاصة بالله، وأنهم يتلقون العلم مباشرة من النبي ﷺ في المنام، أو من الأرواح والملائكة، أو من "الجن العلوي النوراني".
الجذور الحقيقية للمدرسة النورانية
بالرغم من المظهر الإسلامي الذي تتخذه هذه المدرسة، إلا أن جذورها تعود إلى الديانات الشرقية القديمة، خاصة الهندوسية، بالإضافة إلى السحر اليهودي (القبّالة)، والفلسفات الباطنية. وقد اعترف كبار منظّريهم بذلك في كتبهم، حيث نجد تطابقاً مذهلاً بين تعاليمهم وبين تعاليم الهندوسية والسحر.
كيف يروجون لمعتقداتهم؟
يركز دعاة النورانية على استثارة العواطف، وإبهار الأتباع بمظاهر الورع والتقوى، مثل كثرة الذكر، والصلاة، والصيام، والكلام الطيب. لكنهم في الحقيقة يروجون لمفاهيم خطيرة، منها:
- أن لكل حرف وآية في القرآن خادماً من الجن العلوي يمكن تسخيره.
- أن الدخول في "الخلوات" والأوراد بعدد معين يفتح لك أسرار الكون.
- أن النبي ﷺ أو الملائكة أو الأرواح تأتيهم في المنام لتعليمهم مباشرة.
- أن هناك علوم سرية (الجفر، الأوفاق، الطلاسم) لا يعرفها إلا "العارفون".
- أن الإنسان يمكنه التحكم بالكون وتغيير الأقدار عبر الطاقات.
ويستعملون ألفاظاً براقة مثل: "طاقات النور"، "الأنوار الربانية"، "الكرامات"، "الكشف"، "العلم اللدني"، وغيرها.
من هم رموز المدرسة النورانية؟
يعتبر أحمد البوني (مؤلف كتاب "شمس المعارف") المرجع الأول للنورانيين، وكتابه من أشهر كتب السحر الأسود في العالم الإسلامي. يليه كتاب "فصوص الحكم" لابن عربي، و"الطواسين" للحلاج، وغيرها من الكتب التي تمتلئ بالطلاسم، وتعظيم الجن، ودعوى الحلول والاتحاد، وتقديس الرموز الهندوسية والقبّالية.
أبرز المعتقدات والممارسات النورانية
- تسخير الجن وخدام الآيات: يزعمون أن لكل آية أو اسم من أسماء الله خادماً من الجن يمكن تسخيره عبر طقوس وأوراد معينة.
- الطلاسم والأوفاق: رسم جداول وأشكال هندسية وكتابة رموز وأسماء غريبة، يزعمون أنها تفتح الطاقات وتحقق الأمنيات.
- الخلوات والأوراد: الانعزال لأربعين ليلة مع ترديد أوراد وأدعية بعدد معين، مع إشعال البخور وقراءة الطلاسم.
- الاستعانة بالكواكب والأحجار: يربطون بين الكواكب والأيام والأحجار الكريمة، ويزعمون أن لكل حجر أو كوكب طاقة خاصة.
- الكرامات والمنامات: يزعمون حصول كرامات خارقة لهم، وأنهم يتلقون العلم من النبي ﷺ أو الأرواح في المنام.
- علم الجفر والأرقام: يدّعون أن هناك أسراراً رقمية في الحروف والآيات، وأنهم وحدهم يملكون مفاتيحها.
- الاستنارة والاتحاد: يروجون لفكرة أن الإنسان يمكن أن يصبح "نورانياً" أو "عارفاً بالله" حتى يصل إلى مرتبة الحلول والاتحاد (وحدة الوجود).
- الشاكرات واللطائف: يتبنون مفاهيم الشاكرات الهندوسية ويطلقون عليها "اللطائف الستة"، ويربطونها بألوان وأذكار وبخور.
- العلم اللدني والكشف: يدّعون أن لديهم علماً خاصاً يفيض عليهم مباشرة من الله أو الأرواح دون الحاجة للعلم الشرعي.
التشابه بين النورانية والسحر والهندوسية
عند مقارنة تعاليم النورانيين مع السحر والهندوسية، نجد تطابقاً في معظم الممارسات والمعتقدات:
| المعتقد/الممارسة | الهندوسية | السحر (القبّالة) | النورانيون |
|-------------------------|:---------:|:----------------:|:----------:|
| الطلاسم والأوفاق | ✔ | ✔ | ✔ |
| الشاكرات/اللطائف | ✔ | | ✔ |
| الاستعانة بالجن | ✔ | ✔ | ✔ |
| الكواكب والأحجار | ✔ | ✔ | ✔ |
| الخلوات الأربعينية | ✔ | ✔ | ✔ |
| الحلول والاتحاد | ✔ | | ✔ |
| الكارما | ✔ | | ✔ |
| التفسير الباطني للقرآن | | | ✔ |
| الكرامات والمنامات | ✔ | ✔ | ✔ |
هذا التشابه ليس صدفة، بل هو نتيجة نقل مباشر من تلك الديانات والفلسفات، مع تغليفها بمصطلحات إسلامية لخداع العامة.
خطورة المدرسة النورانية على العقيدة
- تحريف معاني القرآن والسنة: يعتمدون على التأويل الباطني، ويجتزئون الآيات والأحاديث دون دليل شرعي.
- الشرك بالله: الاستعانة بالجن، والطلاسم، ودعوى الحلول والاتحاد، كلها من أنواع الشرك الأكبر.
- إضلال الناس: يزعمون امتلاك أسرار خاصة، ويستغلون حاجات الناس النفسية والمالية ليوقعوهم في الشرك.
- الابتعاد عن العلم الشرعي: يروجون لفكرة أن العلم الحقيقي يؤخذ من الأرواح والمنامات، لا من القرآن والسنة وعلماء الأمة.
- ترويج السحر باسم الدين: يلبسون السحر والكهانة ثوب الإسلام، ويزعمون أن ذلك من "أسرار القرآن".
كيف يوقعون الناس في شباكهم؟
يستهدف النورانيون فئات المجتمع التي تعاني من ضغوط نفسية أو مشاكل اجتماعية أو أزمات مالية، ويوهمونهم بأن لديهم حلولاً سحرية وسريعة عبر الطلاسم والأوراد والخلوات. كما يغرونهم بالكرامات والأنوار المزعومة، ويستغلون جهلهم بالعلم الشرعي.
الرد الشرعي والعلمي على مزاعمهم
- العبادة في الإسلام توقيفية: لا يجوز ابتداع أوراد أو طقوس أو أذكار لم تثبت عن النبي ﷺ أو الصحابة أو السلف الصالح.
- تحريم السحر والشرك: الاستعانة بالجن، والطلاسم، والتعزيم، كلها من أعمال السحر والشرك المحرمة في القرآن والسنة.
- العلم الشرعي هو المرجع: لا يجوز الاعتماد على المنامات أو الإلهامات أو الكشف في التشريع، بل المرجع هو الكتاب والسنة وإجماع العلماء.
- الكرامات حق، لكن بشروط: الكرامات لا يدّعيها الأولياء، ولا تكون أبداً بطلاسم أو استعانة بالجن، بل هي منحة من الله لعباده الصالحين دون طلب أو سعي.
نصيحة لكل من انخدع بهذه المدرسة
أخي المسلم، أختي المسلمة، إياكم والانخداع بهذه الدعاوى الباطلة. لا يوجد في دين الله ما يسمى "طاقات النور" أو "خدام الآيات" أو "أسرار الحروف" التي لا يعرفها إلا النورانيون. كل ما في الأمر هو تلبيس من الشياطين، وتحريف للدين، واستغلال لحاجات الناس.
الطريق إلى الله واضح: اتباع القرآن والسنة، والابتعاد عن الشرك والبدع، والصبر على الابتلاء، والرضا بقضاء الله.
المصادر والمراجع الأساسية للنورانيين
- شمس المعارف الكبرى – أحمد البوني
- فصوص الحكم – ابن عربي
- الطواسين – الحلاج
- كتب الجفر والأوفاق والطلاسم
- مراجع الهندوسية والقبّالة
خلاصة القول
المدرسة النورانية ليست سوى إعادة إنتاج للسحر القديم والفلسفات الهندوسية والباطنية، لكنها لبست ثوب الإسلام لتضلل المسلمين. فلا تغتروا بالكرامات المزعومة، ولا تنخدعوا بالألفاظ البراقة. دين الله واضح، وشرعه محفوظ، ومن ابتغى الهداية في غيره أضله الله.
قال تعالى:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران: 85)
فاحذروا من هذه المدرسة، وانصحوا من تعرفون ممن وقع في شباكها، وعودوا إلى كتاب الله وسنة نبيه، ففيهما النور والهداية الحقيقية.
بقلم: [اسم الكاتب]
متخصص في الدراسات العقدية والتحذير من الفرق والمذاهب الباطلة
https://www.youtube.com/watch?v=NwHKHM92HYI