اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الملائكة بين الحقيقة والخيال: فهم صحيح لعالم الغيب

في عالم يموج بالمعلومات المتضاربة والأساطير المتنوعة، يظل موضوع الملائكة من أكثر المواضيع التي تشغل بال الكثيرين، خاصة مع انتشار أفكار وممارسات دخيلة

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في عالم يموج بالمعلومات المتضاربة والأساطير المتنوعة، يظل موضوع الملائكة من أكثر المواضيع التي تشغل بال الكثيرين، خاصة مع انتشار أفكار وممارسات دخيلة تدعي التواصل مع "الملائكة الحارسة" أو الحديث عن "الملائكة الساقطة". في هذا المقال، سنسلط الضوء على التصور الإسلامي الصحيح للملائكة، ونكشف زيف بعض الخرافات المنتشرة، مستندين إلى مصادر الوحي من القرآن والسنة.

مدخل: الإنسان وتساؤلات الوجود

خلق الله الإنسان بطبيعة فطرية تدفعه للتساؤل عن أصل وجوده، وسبب خلقه، وما بعد الموت. أودع الله في الإنسان أدوات للمعرفة: الحواس والعقل، ليكتسب من خلالهما حقائق عن العالم المحسوس. لكن هناك عوالم غيبية لا تدرك بالحواس ولا بالعقل وحده، مثل عالم الملائكة والجن. هنا يأتي دور الوحي، كمصدر وحيد موثوق للمعرفة الغيبية.

الملائكة في العقيدة الإسلامية

ماهيتهم وخلقهم

الملائكة مخلوقات نورانية خلقهم الله من نور، كما أخبر النبي ﷺ: "خلقت الملائكة من نور" (رواه مسلم). وهم عالم غيبي، لا يُرى في صورته الأصلية إلا إذا شاء الله، كما حدث مع النبي محمد ﷺ حين رأى جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية مرتين.

صفاتهم ووظائفهم

  • الطاعة المطلقة: الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
  • العبادة المستمرة: يسبحون الله ليل نهار ولا يفترون.
  • القدرات: لهم أجنحة، وقد ورد أن جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، يسد الأفق.
  • العلم: علمهم من الله، وهم ينفذون أوامره بدقة ولا يتصرفون من تلقاء أنفسهم.

أسماؤهم المعروفة

لم يُذكر من أسماء الملائكة إلا القليل في القرآن والسنة، مثل:

  • جبريل (موكل بالوحي)
  • ميكائيل (موكل بالأرزاق)
  • إسرافيل (موكل بالنفخ في الصور)
  • مالك (خازن النار)
  • رضوان (خازن الجنة)
  • منكر ونكير (ملائكة القبر)
  • هاروت وماروت (ملكين ابتلى الله بهما الناس في بابل)

وأي أسماء أخرى لم ترد في الوحي لا يجوز الجزم بها.

علاقتهم بالإنسان

  • مرافقة الإنسان: منذ كونه جنينًا، يرسل الله ملكًا ينفخ فيه الروح ويكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد.
  • الحفظ: هناك ملائكة تحفظ الإنسان من بين يديه ومن خلفه بأمر الله (المعقبات).
  • كتابة الأعمال: رقيب وعتيد يكتبان الحسنات والسيئات.
  • نزع الروح: ملك الموت يتوفى الأنفس عند الأجل.
  • تبشير المؤمنين: عند الموت، تبشر الملائكة المؤمنين بالجنة وتطمئنهم.
  • حضور مجالس الذكر: الملائكة تحضر مجالس العلم والذكر وتستغفر للمؤمنين.

الرد على خرافة "الملاك الحارس" والتواصل مع الملائكة

انتشرت في بعض الديانات المحرفة والفلسفات الوثنية (كالزرادشتية، واليونانية، والرومانية)، وكذلك في بعض الممارسات المعاصرة، فكرة "الملاك الحارس" الذي يمكن استدعاؤه والتواصل معه عبر طقوس معينة، كإشعال الشموع، أو التأمل، أو ترديد أرقام معينة، أو حتى كتابة رسائل له.

هذه الممارسات لا أصل لها في الإسلام، بل هي من الخرافات والشعوذة، وقد تؤدي إلى الشرك بالله، لأن الاستعانة بالغيب لا تكون إلا بالله وحده، ولا يجوز طلب المدد أو الحماية من الملائكة أو غيرهم من المخلوقات.

لماذا لا يمكن استدعاء الملائكة؟

الملائكة لا ينزلون إلا بأمر الله، حتى النبي محمد ﷺ لم يكن يستطيع أن يستدعي جبريل عليه السلام متى شاء، بل كان ينتظر الوحي من الله. فكيف يزعم بعض الناس اليوم أنهم يستطيعون استحضار الملائكة عبر طقوس أو تمارين؟!

من يظهر للناس في مثل هذه الطقوس؟

ما يُظن أنه ظهور للملائكة في جلسات التأمل أو الطقوس هو في الحقيقة من تلاعب الشياطين، الذين يستطيعون التشكل والإيحاء للناس، مستغلين جهلهم وضعف عقيدتهم.

حقيقة "الملائكة الساقطة"

تروج بعض الديانات المحرفة (كالنصرانية واليهودية) لفكرة أن هناك ملائكة تمردوا على الله وطُردوا من الجنة، وأصبحوا "ملائكة ساقطة". في التصور الإسلامي، هذه الفكرة باطلة تمامًا، فالملائكة لا يعصون الله أبدًا، ولا يتمردون عليه. أما إبليس، فهو من الجن، وليس من الملائكة، وقد تمرد على أمر الله فسُمي شيطانًا.

لماذا تنتشر هذه الخرافات؟

يرجع انتشار هذه الأفكار إلى الجهل بالدين، وعدم الرجوع للقرآن والسنة، والانبهار ببعض الفلسفات الشرقية أو الممارسات الروحية غير المنضبطة. أحيانًا يتم تلبيس الباطل بالحق، فيأخذون بعض المفاهيم الصحيحة (كوجود الملائكة الحفظة) ويغيرونها ليخترعوا "ملاكًا حارسًا" يُستدعى بالطقوس، أو يخلطون بين الجن والملائكة، أو يربطون بين أسماء إسلامية وممارسات وثنية.

كيف نحمي أنفسنا من الوقوع في هذه الخرافات؟

  • العلم الشرعي: تعلم العقيدة الصحيحة من مصادرها الموثوقة.
  • الرجوع للوحي: لا نأخذ معلومات الغيب إلا من القرآن والسنة الصحيحة.
  • الحذر من الطقوس الغريبة: كل ممارسة لم ترد في الشرع، أو فيها استعانة بغير الله، فهي باطلة.
  • التمسك بالتوحيد: لا يُطلب الحفظ أو النفع أو الضر إلا من الله وحده.

خاتمة: عظمة الخالق وتكريم المخلوق

إن الله سبحانه وتعالى، من رحمته بعباده، جعل الملائكة تلازم الإنسان وتحفظه وتدعو له وتستغفر له، لكن كل ذلك بأمر الله، وليس بطلب من الإنسان أو باستدعاء منه. فليكن توكلنا على الله وحده، ولنعلم أن كل ما سوى ذلك من خرافات وأباطيل لا تمت للعقيدة الصحيحة بصلة.

اللهم احفظنا بحفظك، وأعنا على اتباع الحق، وثبتنا على دينك، وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصادر:

  • القرآن الكريم
  • صحيح السنة النبوية
  • كتب العقيدة الإسلامية المعتمدة

تنبيه: كل ما يروج له من التواصل مع الملائكة خارج إطار الوحي هو من تلاعب الشياطين، فاحذروا وعودوا إلى كتاب الله وسنة نبيه، ففيهما النجاة والطمأنينة.

https://www.youtube.com/watch?v=Oo0BXf-Mtjg

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك