🔵 القدر وقانون الجذب ( الجزء الثاني )

في عالم يموج بالأفكار الجديدة والدورات التدريبية حول "قانون الجذب" و"الطاقة الكونية"، يقف الكثيرون حائرين بين إغراء هذه المفاهيم وبين ثوابت العقيدة ال

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

القدر وقانون الجذب: رؤية إيمانية عميقة (الجزء الثاني)

مقدمة

في عالم يموج بالأفكار الجديدة والدورات التدريبية حول "قانون الجذب" و"الطاقة الكونية"، يقف الكثيرون حائرين بين إغراء هذه المفاهيم وبين ثوابت العقيدة الإسلامية. في هذا المقال، نستكمل الحديث عن العلاقة بين القدر وقانون الجذب، ونكشف عن الاحتياجات النفسية التي تدفع البعض للبحث عن حلول خارج إطار الإيمان، ونوضح كيف أن معرفة الله حق المعرفة هي السبيل الحقيقي للسكينة والنجاح.

لماذا ينجذب الناس لقانون الجذب والطاقة؟

الفراغ الإيماني

أحد أهم الأسباب هو الفراغ الإيماني الناتج عن ضعف معرفة الله حق المعرفة. كثيرون يظنون أنهم يعرفون الله، لكن المعرفة الحقيقية بالله، بأسمائه وصفاته وأفعاله، هي التي تملأ القلب وتمنعه من التعلق بأي شيء سواه. الفراغ القلبي يجعل الإنسان فريسة سهلة لأي فكر أو معتقد جديد يعده بتحقيق رغباته بسرعة وسهولة.

البحث عن الإشباع السريع

الرغبة في تحقيق الأهداف بسرعة (الثروة، الصحة، الحب، السعادة) تدفع البعض للجوء إلى دورات وقوانين تدعي أنها تحقق كل شيء في وقت قصير. لكن الحقيقة أن هذه المسارات لا تقدم إشباعًا حقيقيًا، بل هي مثل المخدرات: تعطي شعورًا مؤقتًا بالراحة، لكنها تترك الإنسان أكثر ضعفًا من الناحية الإيمانية والنفسية والمادية.

ضعف التعلق بالله

عندما يضعف تعلق القلب بالله، يبدأ الإنسان في البحث عن أسباب أخرى لتحقيق ما يريد، حتى لو كانت هذه الأسباب وهمية أو محرمة شرعًا. في المقابل، من يعرف أن الله هو الشافي، الغني، الملك، المجيب، لا يحتاج إلى جلسات استشفاء بالطاقة أو دورات الوفرة أو غيرها من الأفكار المستوردة.

الاحتياجات النفسية التي يستغلها قانون الجذب

  • الرغبة في الشفاء السريع:من يعاني من مرض أو ألم يلجأ أحيانًا إلى جلسات الطاقة أو أنظمة غذائية خطيرة، متناسيًا أن الشفاء الحقيقي بيد الله وحده.
  • الحاجة إلى الحب والقبول:البعض يسعى لدورات تعلمهم كيف يحبهم الناس أو أزواجهم، وينسى أن الله وحده هو الذي يجعل الود في القلوب.
  • البحث عن السعادة:تُروج بعض الدورات لفكرة أن الإنسان خُلق فقط للسعادة، بينما الحقيقة أن الغاية من الخلق هي عبادة الله، والسعادة فضل من الله وليست هدفًا بحد ذاته.
  • الرغبة في الفراسة وفهم الناس:تنتشر دورات تحليل الشخصية والباراسايكولوجي، رغم أن الفراسة الحقيقية هبة من الله للمؤمنين، وليست نتيجة تدريبات أو علوم زائفة.

كيف يُعالج الإسلام هذه الاحتياجات؟

معرفة الله حق المعرفة

كل احتياج نفسي أو مادي له أصل وعلاج في الدين. معرفة أسماء الله وصفاته (كالحي، القيوم، الشافي، الغني، الملك، المجيب، اللطيف، الحفيظ، المؤمن...) تملأ القلب بالسكينة وتغنيه عن التعلق بأي سبب آخر.

الأخذ بالأسباب المشروعة

الإسلام لا يمنع من الأخذ بالأسباب، بل يأمر بذلك، لكن مع ضرورة أن يكون القلب معلقًا بالله وحده، وأن تكون الأسباب مباحة وموافقة للشرع.

الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر يورث الرضا والطمأنينة. من يؤمن أن كل شيء بيد الله، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، يعيش في سكون ورضا مهما تغيرت الظروف.

اسم الله الحي القيوم وأثره في حياة المؤمن

ذكر اسم الله "الحي القيوم" في القرآن والسنة له دلالات عظيمة. الحي: الذي لا يموت ولا يفنى، القيوم: القائم على كل شيء، المدبر لأمور الخلق جميعًا. استشعار هذه المعاني يملأ القلب بالأمان والثقة بالله، ويقطع التعلق بالمخلوقات أو الأسباب الوهمية.

"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين."

هذا الدعاء العظيم يجمع بين التوسل بأسماء الله وصفاته، وطلب الإصلاح الكامل، والبراءة من الاعتماد على النفس أو المخلوقات.

مقارنة بين التعلق بالله والتعلق بالأسباب

  • التعلق بالله:يورث السكينة، الطمأنينة، الرضا، ويجعل الإنسان قويًا في مواجهة الابتلاءات.
  • التعلق بالأسباب أو بالمخلوقات:يورث القلق، الخوف، الاضطراب، ويجعل الإنسان فريسة سهلة للأوهام والأفكار المنحرفة.

تطبيقات عملية: كيف أحقق التوحيد في حياتي؟

  • اجعل قلبك معلقًا بالله في كل شأنك، واطلب منه وحده ما تريد.
  • خذ بالأسباب المشروعة، لكن لا تعتمد عليها، بل على الله.
  • تعلم أسماء الله وصفاته، واستشعر معانيها في حياتك اليومية.
  • عند الخوف أو القلق، استعن بأسماء الله (المؤمن، الحفيظ، اللطيف...) وادعه بها.
  • تذكر دائمًا أن كل ما في الكون مسخر بأمر الله، فلا تتعلق بمخلوق أو سبب مهما بدا قويًا.
  • اجعل التوحيد منهج حياة، وليس مجرد معلومات أو مصطلحات.

وقفات مع عظمة الله في الكون

تأمل في حجم الأرض بالنسبة للشمس، والشمس بالنسبة للنجوم، والنجوم بالنسبة للمجرات، لتدرك كم أنت صغير أمام عظمة الخالق. كل شيء في الكون يسير بتدبير الله، فكيف يتعلق القلب بمخلوق أو سبب ويترك الخالق العظيم؟

الخلاصة

  • قانون الجذب وأمثاله من الأفكار المستوردة لا تحقق السعادة الحقيقية، بل تملأ القلب فراغًا وقلقًا.
  • معرفة الله حق المعرفة، والإيمان بأسمائه وصفاته، والأخذ بالأسباب المشروعة، والإيمان بالقدر، هي مفاتيح السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.
  • اجعل التوحيد منهج حياتك، وكن على يقين أن الله وحده هو الحي القيوم، المدبر لكل شيء، القادر على كل شيء.
"عرفتك من كل شيء ظهر، عرفتك مما اختفى واستتر. عرفتك من حاضرات الوجود ومما مضى في زمان غبر. عرفتك من لفحات الرياح ومن نفحات نسيم السحار. عرفتك من وطأة الحادثات ومن رقة مثل خمل الزهر."

شاركنا تجربتك

هل مررتِ بتجربة شعرتِ فيها بقوة التعلق بالله وأثر ذلك في حياتك؟ شاركينا قصتك لتكون مصدر إلهام للآخرين.

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حياة طيبة في الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل، وأن يرزقنا السكينة والرضا بقضائه وقدره.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك