اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

القوانين الروحانية: الجذور الفلسفية، الانتشار، وخطورة التأثير على العقيدة

بقلم: د. أيمن العنقري في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع في العالم العربي والإسلامي موجة من الأفكار والممارسات المرتبطة بما يُسمى "القوانين الروحاني

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

بقلم: د. أيمن العنقري

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع في العالم العربي والإسلامي موجة من الأفكار والممارسات المرتبطة بما يُسمى "القوانين الروحانية" أو "القوانين الكونية الميتافيزيقية". هذه المفاهيم، التي يُروَّج لها تحت عناوين التنمية البشرية، تطوير الذات، الوعي، الطاقة، التأمل، وغيرها، تبدو للوهلة الأولى بريئة أو حتى مفيدة، لكنها في الحقيقة تحمل في طياتها فلسفات عقدية خطيرة، وجذورًا وثنية وإلحادية تهدد عقيدة المسلم وتشوّه مفهوم التوحيد.

في هذا المقال، سنستعرض ماهية الفلسفة الروحانية الحديثة، خصائصها، مصادرها، أهم رموزها، وأبرز القوانين التي تروج لها، مع بيان خطورتها على العقيدة الإسلامية، وكيفية التعامل مع هذا المد الفكري.

أولًا: ما هي الفلسفة الروحانية الحديثة؟

الفلسفة الروحانية الحديثة ليست دينًا بالمعنى التقليدي، بل هي تيار فكري فلسفي إلحادي غير ديني، يسعى للإجابة عن الأسئلة الكبرى حول الله، الكون، والإنسان، بعيدًا عن الوحي والشرائع السماوية. تعتمد هذه الفلسفة على ما يسمى "التجربة الغنوصية" (المعرفة الباطنية الذاتية)، وتتبنى عقائد مثل وحدة الوجود، تأليه الذات الإنسانية، وحدة الأديان، والتمرد على كل دين أو شريعة.

تدعو الروحانية الحديثة إلى البحث عن "المقدس" في داخل الإنسان، وترفض أي مصدر خارجي للمعرفة (كالكتب السماوية أو الأنبياء)، بل تزعم أن الحقيقة والمعرفة تكتشف من الداخل عبر الحدس، الإلهام، والتجربة الذاتية.

ثانيًا: خصائص الفلسفة الروحانية الحديثة

تعتبر الروحانية الحديثة أن الأديان والمعتقدات عائق أمام الوصول للحقيقة، وتدعو إلى التحرر منها، بل وتعتبرها "سجونًا جماعية" تمنع الإنسان من اكتشاف ذاته الإلهية.

تستمد الروحانية الحديثة أفكارها من فلسفات شرقية كالهندوسية، البوذية، الطاوية، ومن التصوف الغالي (خاصة عقيدة وحدة الوجود)، بالإضافة إلى الفلسفة الهرمسية (النصوص المصرية-اليونانية القديمة).

تنكر الروحانية الحديثة وجود حقيقة مطلقة، وتزعم أن كل الأديان متساوية، وأن الخير والشر، والحق والباطل، كلها نسبية.

تدعو إلى الاكتفاء بالبحث الداخلي عن الحقيقة، وتعتبر الإنسان هو الإله أو جزء من الإله، وأن خلاصه وسعادته بيده وليس بيد خالقه.

تروج لفكرة أن الطريق إلى "الإله" هو الحب فقط، وترفض عبادة الله بالخوف أو الرجاء، مما يؤدي إلى اتباع الهوى وترك الضوابط الشرعية.

ثالثًا: أبرز رموز الروحانية الحديثة

ترجمت كتبهم إلى العربية وتروج أفكارهم في دورات التنمية البشرية:

  • أوشو: صوفي هندي ملحد، يدعو إلى تأليه الذات، وله وصايا عشر تلخص فلسفته.
  • واين داير: أمريكي، من أشهر دعاة تطوير الذات، ينادي بوحدة الوجود وتأليه الإنسان.
  • ديباك تشوبرا: هندي الأصل، طبيب وفيلسوف روحاني، يروج لفكرة أن الإنسان جزء من الجوهر الإلهي.
  • إكهارت تول: ألماني، من أشهر كتب التنمية الروحية في الغرب، يؤكد أن السعادة والمعرفة تنبع من الداخل.
  • لويز هاي، استر وجيري هيكس، لين ماكتغريت، ميريديث: وغيرهم ممن كتبوا في قوانين الجذب، النية، الامتنان، الشفاء بالطاقة، وغيرها.

رابعًا: مصادر القوانين الروحانية

  • الفلسفة الهندوسية (الفيدا والأوبنيشاد): تدعو لوحدة الوجود، الكارما، وتناسخ الأرواح.
  • الفلسفة البوذية: تدعو إلى الفناء في الكون، ونفي الذات الفردية.
  • الطاوية: تؤمن بوجود قوة كلية (الطاو) تسري في كل شيء.
  • الهرمسية: نصوص وثنية مصرية-يونانية، تقدس الكواكب والنجوم وتدعو للتنجيم والسحر.
  • التصوف الغالي: خاصة الحلاج وجلال الدين الرومي وابن عربي، الذين يروج لهم الروحانيون المعاصرون.

خامسًا: أشهر القوانين الروحانية ومضامينها

يزعم أن أفكار الإنسان ومشاعره تجذب إليه الأحداث والأشياء، وأنه قادر على خلق واقعه بنفسه، متجاهلين مشيئة الله وقدره.

يدعي أن النية الداخلية للإنسان (بمعزل عن العمل المشروع) قادرة على تغيير الواقع وتحقيق الأهداف، وأن النية "الكونية" تتحد مع الكون لتحقيق المراد.

يربط الامتنان بجلب النعم والشفاء، ويحث على شكر الجمادات والكون بدلًا من شكر الله.

يزعم أن الإنسان قادر على استحضار الثراء والصحة والسعادة بمجرد تغيير وعيه أو طاقته الداخلية.

يدعي أن الشفاء من الأمراض يتم عبر موازنة الطاقة الداخلية، والتأمل، والاعتراف بألوهية الذات، وليس بالتوكل على الله والأخذ بالأسباب المشروعة.

سادسًا: خطورة هذه الفلسفات على العقيدة والسلوك

  • شرك في الربوبية: إذ تجعل الإنسان شريكًا لله في الخلق والتدبير.
  • تشويه مفهوم التوحيد: بنفي الفارق بين الخالق والمخلوق، والدعوة لوحدة الوجود.
  • إلغاء الضوابط الشرعية: بإباحة كل شيء بدعوى الحب والنية الطيبة، ورفض الخوف من الله.
  • تفكيك الأسرة والمجتمع: حيث تؤدي هذه الأفكار إلى الانعزال، وقطع الأرحام، وترك المسؤوليات الأسرية.
  • نشر الإلحاد والزندقة: عبر تلبيس هذه الفلسفات لبوس العلم والتطوير الذاتي.

سابعًا: كيف نواجه هذا المد الفكري؟

  • العودة للقرآن والسنة: قراءة القرآن بتدبر، والالتزام بالورد اليومي، فهو أعظم مصدر للهداية والثبات.
  • تعلم العقيدة الصحيحة: دراسة كتب التوحيد والاعتقاد الميسرة، وسماع شروح العلماء الموثوقين.
  • الحذر من حضور دورات أو قراءة كتب الروحانيين: فالغالبية لا يستطيعون تمييز الحق من الباطل فيها، وهي مليئة بالمصطلحات الفلسفية المضللة.
  • الدعاء واللجوء إلى الله: بسؤال الله الهداية والثبات للأبناء والذات.
  • المحاورة بالحكمة والموعظة الحسنة: مع من تأثر بهذه الأفكار، مع الصبر وعدم اليأس.
  • الابتعاد عن بيئات ومجموعات الروحانية: وتقليل التعرض لها تدريجيًا.
  • التصدق والإكثار من الأعمال الصالحة: فهي من أسباب دفع البلاء والهداية.

نصيحة لأصحاب دور النشر والمكتبات

اتقوا الله في أبنائكم وبناتكم، ولا تروجوا ولا تبيعوا هذه الكتب التي تنشر الإلحاد والشرك والضلال، فأنتم مسؤولون أمام الله عن كل من يضل بسببها.

كلمة أخيرة

إن أخطر ما في هذه الفلسفات أنها تتسلل إلى العقول باسم العلم والتطوير الذاتي، وتُلبس الشرك والإلحاد ثوبًا عصريًا جاذبًا. الواجب على كل مسلم أن يكون يقظًا، وأن يحصن نفسه وأهله بالعلم الشرعي، وأن يبتعد عن كل ما يشكك في عقيدته أو يضعف يقينه.

نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا، وأن يثبتنا على التوحيد، وأن يرد كيد الملاحدة والروحانيين في نحورهم، وأن يجعل ما نقول ونكتب حجة لنا لا علينا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مصادر مقترحة للقراءة:

  • القرآن الكريم بتدبر.
  • "الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" للشيخ صالح الفوزان.
  • "رسالة القضاء والقدر" للشيخ ابن عثيمين.
  • "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد".
  • شروح العلماء الموثوقين على اليوتيوب.

للاستزادة والمتابعة:

تابع قناة الدكتور أيمن العنقري على تليجرام لمزيد من التاصيلات والردود العلمية على شبهات الروحانية الحديثة.

#القوانين_الروحانية #الميتافيزيقا #تطوير_الذات #العقيدة_الإسلامية #الوعي #الطاقة #التأمل #وحدة_الوجود #الرد_على_الشبهات

https://www.youtube.com/watch?v=bTih7o5uRpg

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك