الشعوذة الحديثة وخرافات الطاقة: كشف الأسرار وتحذير للأسر
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات غامضة تحت مسميات “علوم الطاقة” و”شحن الصور”، وارتبطت بها طقوس وأساليب يُزعم أنها تجلب الرزق، وتحق
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات غامضة تحت مسميات “علوم الطاقة” و”شحن الصور”، وارتبطت بها طقوس وأساليب يُزعم أنها تجلب الرزق، وتحقق الأمنيات، وتُشفي الأمراض، وتُحسن العلاقات. ومع أن هذه الظواهر تبدو للبعض بريئة أو حتى “علمية”، إلا أن الواقع يكشف عن خفايا خطيرة تتعلق بالعقيدة والدين، بل وبالصحة النفسية والاجتماعية للأفراد والمجتمع. في هذا المقال، نكشف لكم حقيقة هذه الممارسات، ونوضح كيف يتم التلاعب بعقول الناس، ونقدم نصائح عملية لحماية أنفسنا وأبنائنا من الوقوع في فخاخ الدجل والشعوذة الحديثة.
ما هي طقوس الطاقة؟
تبدأ القصة غالبًا بطقوس صغيرة يُطلب من الممارسين تنفيذها دون فهم لمعناها أو خلفيتها. قد تكون كلمات يرددها الشخص، أو حركات جسدية، أو حتى النظر في صور معينة أو وضعها خلفية للهاتف أو في الغرفة. يُقال للممارس أن هذه الطقوس تساعده على تحقيق أهدافه وجذب الطاقة الإيجابية من “الكون”، أو أنها تقربه من الله، أو تحقق له أمانيه. في كثير من الأحيان، يُمنع طرح الأسئلة، ويُطلب من الشخص التنفيذ دون نقاش، تحت شعار “الثقة بالمدرب” أو “حسن النية”.
خرافة شحن الصور والطاقة المزعومة
من أشهر الممارسات المنتشرة في مدارس الطاقة ما يسمى “شحن الصور”. حيث يدعي المدرب أو المدربة أنهم قادرون على شحن صورة معينة بطاقة إيجابية أو بطاقة تحقق هدفًا محددًا (كالحب، المال، الصحة، النجاح...). يُطلب من الممارس أن يضع هذه الصورة في مكان بارز، أو يتأملها يوميًا، أو يستخدمها كخلفية لهاتفه، أو حتى يلبس عقدًا أو يستخدم عطراً “مشحونًا” بهذه الطاقة.
ولم يتوقف الأمر عند الصور فقط، بل امتد إلى مقاطع الفيديو، والمقاطع الصوتية، والماء، والعطور، والمكياج، والأحجار الكريمة، وحتى الملابس! وتباع هذه الخدمات بأسعار مختلفة، وتُروج على أنها “طاقات خاصة” أو “علاجات عن بعد”، ويستغل فيها جهل الناس وحاجتهم، بل وتُقدم أحيانًا عروضًا ترويجية لجذب المزيد من الضحايا.
كيف يتم خداع الناس؟
يعتمد مروجو هذه الممارسات على عدة أساليب نفسية:
- استغلال الجهل وحسن النية: كثير من الناس يجهلون حقيقة هذه الطقوس، ويظنون أنها مجرد وسائل تحسين ذات أو تطوير شخصي، أو حتى تقرب إلى الله، فيقعون في فخها بحسن نية.
- منع الأسئلة: يُطلب من الممارس التنفيذ دون نقاش، ويُعتبر السؤال أو التشكيك علامة على ضعف الإيمان أو عدم الثقة.
- ربط النتائج بالدين: يُقال للممارس إن هذه الطقوس تقربه من الله أو تحقق له البركة، فيخلط بين الدين والشعوذة.
- التسويق العاطفي والمادي: تُستخدم عبارات مثل “اشترك في القناة”، “اضغط لايك”، “شارك الصورة”، ويُقال إن الطاقة لن تعمل إلا إذا قمت بذلك، في محاولة لزيادة الانتشار والشعبية على حساب عقول الناس.
الحقيقة العلمية والدينية
من الناحية العلمية، لا يوجد أي دليل موثوق أو بحث معتمد يثبت وجود ما يسمى “شحن الصور بالطاقة” أو “الطاقة الكونية” كما يروج لها في هذه المدارس. الجامعات والمراكز البحثية العالمية المعتبرة (مثل أكسفورد، هارفارد، بيرمنجهام...) ترفض الاعتراف بهذه المفاهيم، وتعتبرها خرافات لا أساس لها من الصحة. حتى ما يُقال عن “الهالة” حول الجسم، فهو مجرد تفريغ كهربائي طبيعي وليس له علاقة بأي طاقة خارقة أو علاجية.
أما من الناحية الدينية، فقد اتفق العلماء على أن هذه الممارسات تدخل في باب السحر والشرك بالله، لأنها تعتمد على التعلق بغير الله، وادعاء معرفة الغيب، واستخدام رموز وطلاسم مأخوذة من عقائد وثنية شرقية (الهندوسية، البوذية...)، وترويج مفاهيم كونية غامضة لا أصل لها في الإسلام. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التعلق بالتمائم والعزائم، واعتبرها من الشرك، كما قال: “من تعلق تميمة فقد أشرك”.
خطر هذه الممارسات على المجتمع
- الاستنزاف المالي: كثير من الضحايا ينفقون أموالهم على جلسات شحن الصور، أو شراء منتجات “مشحونة”، دون أي فائدة حقيقية.
- التعلق بالأوهام: يعيش الممارس في دائرة من الأمل الكاذب، وينتظر تحقيق أحلامه دون سعي حقيقي أو أخذ بالأسباب المشروعة.
- الابتعاد عن الدين: مع الوقت، يبدأ الشخص في الاعتماد على هذه الطقوس بدل الاعتماد على الله والدعاء والعمل، وقد ينزلق إلى الشرك دون أن يشعر.
- المشاكل النفسية والاجتماعية: قد يؤدي التعلق بهذه الممارسات إلى اضطرابات نفسية، أو مشاكل أسرية، أو حتى تلبس شيطاني وأمراض روحية.
كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- التوعية والمعرفة: من الضروري أن يثقف الإنسان نفسه وأسرته حول حقيقة هذه الممارسات، ويعرف الفرق بين العلم الحقيقي والخرافة.
- مراقبة المحتوى: راقبوا ما يشاهده أبناؤكم على الإنترنت، وتأكدوا من عدم وجود صور أو مقاطع “مشحونة” أو طقوس غريبة في هواتفهم أو غرفهم.
- الرجوع إلى القرآن والسنة: اجعلوا القرآن والسنة مرجعكم في كل أمر، وابتعدوا عن كل ما يخالفهما، مهما بدا مغريًا أو “علميًا”.
- التحصين بالأذكار: حافظوا على أذكار الصباح والمساء، وقراءة سورة البقرة، والالتزام بالدعاء المشروع.
- استشارة أهل العلم: في حال الشك أو الوقوع في هذه الممارسات، استشيروا العلماء والدعاة الثقات، ولا تترددوا في طلب النصح.
الخلاصة
إن ما يسمى “شحن الصور بالطاقة” أو “الطاقة الكونية” ليس إلا خرافة حديثة مغلفة بعبارات علمية ودينية زائفة، تهدف إلى استغلال جهل الناس وسذاجتهم، وسلب أموالهم، وإبعادهم عن العقيدة الصحيحة. واجبنا اليوم أن نكون أكثر وعيًا، وأن نحمي أنفسنا وأسرنا من هذه الفتن، وأن نعود إلى ديننا الحنيف الذي فيه الشفاء والبركة والسعادة الحقيقية.
تذكروا: لا يوجد في ديننا ولا في العلم الحديث ما يثبت هذه الممارسات، وكل من يروج لها إنما يروج لوثنيات قديمة بثوب جديد. فاحذروا، وانصحوا غيركم، وكونوا سدًا منيعًا أمام موجة الشعوذة الحديثة.
مصادر موثوقة للعلم والدين:
- القرآن الكريم والسنة النبوية
- علماء الشريعة الثقات
- الجامعات والمراكز البحثية المعتمدة عالميًا
حفظكم الله من كل شر، ووفقكم لما فيه الخير والصلاح.
https://www.youtube.com/watch?v=ynfKuYefp7w