🔵 الأستاذ/ أبو فيصل: حقيقة علمنة الروحانية ونسبية الأخلاق بمنهج العصر الجديد لتدمير ديننا ومجتمعاتنا

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والفلسفات الجديدة التي تروج لما يسمى بـ"الروحانية الحديثة" و"مدارس الوعي والطاقة". هذه الموجة الفكرية ال

س
سحر اليوقا و الطاقة
ديسمبر 16,2025
5 دقائق
0

حقيقة "علمنة الروحانية" ونسبية الأخلاق: كيف يخترق منهج العصر الجديد ديننا ومجتمعاتنا؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والفلسفات الجديدة التي تروج لما يسمى بـ"الروحانية الحديثة" و"مدارس الوعي والطاقة". هذه الموجة الفكرية التي يُطلق عليها أحيانًا "العصر الجديد" أو "عصر الدلو" تحمل في طياتها تغييرات عميقة في فهم الإنسان للدين، والأخلاق، والهوية، والعلاقة مع الكون والخالق. فما هي حقيقة هذه الأفكار؟ وكيف تؤثر على مجتمعاتنا الإسلامية؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال، مستندين إلى تحليل علمي وشرعي لهذه الظواهر.

أولاً: ما المقصود بـ"علمنة الروحانية"؟

"علمنة الروحانية" تعني فصل الروحانيات عن مصادرها الدينية الأصيلة، مثل الوحي (القرآن والسنة)، وتحويلها إلى مفاهيم وتجارب شخصية أو طقوس مجردة من الالتزام الديني أو الأخلاقي. في هذا السياق، يتم استبدال العبادات الإسلامية بطقوس مستوردة أو مبتدعة، مثل التأمل، واليوغا، وجلسات الطاقة، ويتم إفراغ المفاهيم الإسلامية من معانيها الحقيقية وملؤها بمفاهيم غريبة.

أمثلة على علمنة الروحانية:

  • استبدال العبادة بالطقوس: العبادة لله تعالى تتحول إلى مجرد ممارسات تأملية أو طقوس للطاقة.
  • استبدال القضاء والقدر بـ"الطالع" أو "الخرائط الفلكية": يصبح الإنسان مرتبطًا بحركة الكواكب والنجوم بدلاً من الإيمان بالقضاء والقدر.
  • استبدال الذنوب بـ"الطاقة السلبية": لا يُعترف بالذنب والمعصية، بل يُقال أن هناك فقط طاقات منخفضة يجب التخلص منها.
  • استبدال الملائكة بـ"طاقات نورانية": الملائكة تتحول إلى رموز أو طاقات، والوحي يُستبدل بـ"الحدث" أو "الإلهام".
  • استبدال الله تعالى بـ"الكون": يُروَّج لفكرة أن الكون هو مصدر العطاء والرزق، وليس الله عز وجل.

ثانياً: نسبية الأخلاق وأثرها على المجتمع

من أخطر ما يروج له منهج العصر الجديد هو فكرة "نسبية الأخلاق"، أي أنه لا يوجد خير أو شر مطلق، ولا حلال أو حرام ثابت، بل كل شيء نسبي ويخضع للتجربة الشخصية. هذه الفكرة تهدم الأساس الأخلاقي والديني للمجتمع، وتؤدي إلى فقدان الضوابط الشرعية والأخلاقية.

قاعدة "اللاءات الثلاثة" في العصر الجديد

يرتكز منهج العصر الجديد على ثلاث قواعد أساسية، يُطلق عليها "اللاءات الثلاثة"، وهي:

  • لا أحكام: لا يوجد حلال أو حرام، ولا يجوز إصدار الأحكام على الأفعال أو الأشخاص.
  • لا قيود: لا توجد ضوابط أو حدود، والإنسان حر بشكل مطلق في تصرفاته.
  • لا خطيئة: لا يوجد ذنب أو معصية، بل فقط "طاقات منخفضة" يجب التخلص منها.

لماذا هذه القواعد؟

لأن فلسفة العصر الجديد تقوم على تأليه الإنسان، واعتباره "إلهًا صغيرًا" أو "خليفة الله في الأرض" بمعنى مُحرّف، بحيث يصبح الإنسان هو المشرّع لنفسه، ولا يقبل بأي قيد أو حكم أو وصف بالخطيئة.

ثالثاً: كيف يتم اختراق المفاهيم الدينية؟

1.إفراغ المفاهيم الإسلامية من محتواها

يتم أخذ الهيكل الخارجي للمفاهيم الدينية (مثل الصلاة، الذكر، الإيمان)، ثم يُفرغ من معناه الحقيقي، ويُملأ بمفاهيم الطاقة والوعي والطقوس المستوردة.

2.إضفاء الطابع العلمي الزائف

يتم تقديم هذه الطقوس والفلسفات في ثوب علمي أو نفسي، مثل ربطها بعلم النفس أو الفلك أو الطب، رغم أنها لا تستند إلى أي أساس علمي حقيقي، بل هي خليط من الفلسفات الوثنية القديمة (الهندوسية، البوذية، القبالاه، الغنوصية).

3.الاستشهاد بالأنبياء والرسل زورًا

يُقال أحيانًا أن هذه العلوم مستمدة من علوم الأنبياء مثل إدريس وسليمان والخضر عليهم السلام، لتضليل الناس وإضفاء الشرعية على هذه الممارسات.

رابعاً: أمثلة تطبيقية من مدارس الوعي والطاقة

  • التاروت والخرائط الفلكية: يُقدَّم التاروت كمرشد روحي بديل عن النبي والوحي، وتُفسر الخرائط الفلكية على أنها تحدد مصير الإنسان بدلاً من القضاء والقدر.
  • مدارس الطاقة (الريكي، الثيتا، الأكسس بارز...): يُقال للممارس "ركّز نيتك" بدل "اللهم"، و"توكل على الكون" بدل "توكل على الله"، ويُستبدل الإيمان بالاهتزازات العليا.
  • المدرسة النورانية والصوفية المنحرفة: يتم التركيز على التجربة الذاتية والباطنية، ويُفرغ الإنسان من عبوديته لله ليصبح محور الكون.

خامساً: خطورة "اللاءات الثلاثة" على الفرد والمجتمع

1.لا أحكام

  • إلغاء مفهوم الحلال والحرام، والذنب والمسؤولية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • منع النقد الأخلاقي، بحيث لا يمكن تمييز الفضيلة عن الرذيلة.

2.لا قيود

  • رفض كل الضوابط الشرعية والأخلاقية والاجتماعية.
  • الترويج لفكرة أن الإنسان يخلق مستقبله ويعيد برمجة الكون، وأنه حر في كل شيء حتى في تغيير الأقدار.
  • تبرير كل التصرفات حتى لو خالفت الدين أو الفطرة.

3.لا خطيئة

  • إلغاء مفهوم الذنب والتوبة والمحاسبة.
  • تحويل كل الأخطاء والمعاصي إلى مجرد "طاقات منخفضة" يجب التخلص منها.
  • قتل الضمير الإنساني، فلا يوجد ما يدعو الإنسان للندم أو التوبة.

سادساً: تطبيقات فلسفة العصر الجديد في الحياة اليومية

  • تطبيع الرذيلة: يصبح تقبل الفواحش والانحرافات الأخلاقية أمرًا عاديًا، بحجة "لا أحكام".
  • الحياد الأخلاقي: لا يجوز الحكم على أي فعل أو شخص، حتى لو كان مخالفًا للدين أو الفطرة.
  • تفكيك الأسرة والمجتمع: يتم تشجيع الفردية المطلقة، والتحرر من كل التزامات الأسرة والدين والمجتمع.
  • تسويق أفكار "اللامحدودية" و"تحقيق الذات": يُقال للإنسان إنه محور الكون، ويجب أن يحقق ذاته ويحرر قدراته، دون أي اعتبار للضوابط الشرعية أو الأخلاقية.

سابعاً: كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا من هذه الأفكار؟

  • العلم والمعرفة: الجهل بهذه الأمور هو المدخل الأساسي للوقوع في الشبهات. يجب علينا أن نتعلم ونُعلِّم أبناءنا أساسيات العقيدة الإسلامية، ونوضح لهم خطورة هذه الفلسفات.
  • الحوار مع الأبناء: تحدث مع أبنائك وبناتك عن هذه الأفكار، وبيّن لهم كيف يتم استدراج الناس إليها عبر المدارس أو وسائل التواصل.
  • التحذير من الطقوس والممارسات المشبوهة: مثل التأملات الجماعية، جلسات الطاقة، تمارين اليوغا ذات البعد الروحي، تكرار العبارات الغامضة، وغيرها.
  • الرجوع للقرآن والسنة: التمسك بالوحي هو الحصن الحصين ضد هذه التيارات الفكرية، فالله تعالى لا يؤيد المبتدع ولا المشرك.
  • الوعي المجتمعي: شارك هذه المعلومات مع من حولك، وانشر الوعي بخطورة هذه الفلسفات حتى لا تنتشر في المجتمع.

خلاصة

إن "علمنة الروحانية" ونسبية الأخلاق ليست مجرد أفكار عابرة، بل هي مشروع فكري خطير يهدف إلى هدم الدين والأخلاق، وتحويل الإنسان إلى كائن بلا هوية ولا مسؤولية ولا ضوابط. هذه الفلسفات، رغم أنها تتزيّن بثوب العلم والوعي والتنمية الذاتية، إلا أن حقيقتها هي الإلحاد الروحي وتفكيك المجتمعات.

النجاة من هذه الموجة الفكرية لا تكون إلا بالتمسك بالقرآن والسنة، واليقظة الفكرية، ونشر الوعي بين الأجيال. فالعلم هو الحصن، والجهل هو المدخل الأكبر للانحراف.

احفظوا هذه القاعدة الذهبية:"لا أحكام، لا قيود، لا خطيئة"إذا وجدت هذه القاعدة في أي فلسفة أو دورة أو كتاب أو مدرب، فاعلم أن هذا هو جوهر العصر الجديد، وكن على حذر.

نصيحة أخيرة

لا تستهينوا بخطورة هذه التيارات، ولا تظنوا أن أبناءكم في مأمن منها. واجهوا الجهل بالعلم، والشبهة بالحجة، وكونوا سدًا منيعًا أمام كل ما يهدد دينكم ومجتمعكم.

نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا من كل فتنة، وأن يردنا إلى دينه ردًا جميلًا.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك