🔵 الأستاذة / فجر الوعي : عصر الدلو وشعوذة طاقة الأنوثة
بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ مفاهيم مثل "طاقة الأنوثة" و"تفعيل طاقة الأنوثة" حتى أصبح الحديث عنها شائعًا بين ا
عصر الدلو و"شعوذة" طاقة الأنوثة: قراءة نقدية في مفاهيم العصر الجديد
بقلم: قناة سحر اليوغا والطاقة
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ مفاهيم مثل "طاقة الأنوثة" و"تفعيل طاقة الأنوثة" حتى أصبح الحديث عنها شائعًا بين النساء والرجال على حد سواء. لم يعد الأمر يقتصر على الاهتمام التقليدي بأنوثة المرأة، بل أصبح الموضوع أعمق وأكثر خطورة مما يبدو على السطح. فما حقيقة هذه المفاهيم؟ وما علاقتها بفلسفات العصر الجديد وعصر الدلو؟ وهل هي مجرد تطوير للذات أم امتداد لأفكار وثنية قديمة؟ هذا المقال يسلط الضوء على خلفيات هذه الظاهرة ويكشف أبعادها الفلسفية والروحية.
ما هو عصر الدلو؟
عصر الدلو هو مفهوم فلكي وفلسفي يُروج له في حركات العصر الجديد (New Age). بحسب علم التنجيم، يُقسم الزمن إلى عصور فلكية، كل عصر يستمر حوالي 2160 سنة، بناءً على حركة نقطة الاعتدال الربيعي بين الأبراج. مرّ العالم بعصور مثل عصر الثور، الحمل، الحوت، والآن يُقال أننا ندخل عصر الدلو.
يربط أنصار العصر الجديد عصر الدلو بمرحلة "الاستيقاظ الروحي" و"تحرر البشرية" من الأديان التقليدية، والعودة إلى "الوحدة الكونية" أو "عبادة الكون". ويُعتبر رمز الدلو (حامل الماء) إشارة إلى "سكب الماء" أو "الفيض الروحي والمعرفة الباطنية" التي تغسل المفاهيم القديمة، أي الأديان والموروثات الدينية، ليحل محلها وعي جديد.
فلسفة طاقة الأنوثة والذكورة
تقوم فلسفة العصر الجديد على فكرة أن الكون قائم على توازن بين طاقتين أساسيتين: طاقة الأنوثة وطاقة الذكورة. هذا المفهوم ليس جديدًا، بل هو مستمد من الفلسفات الشرقية، خصوصًا الهندوسية، حيث يُمثل القمر وكوكب الزهرة طاقة الأنوثة، بينما تمثل الشمس والمريخ طاقة الذكورة.
في الهندوسية، هناك آلهة أنثوية مثل "شاكتي" و"كالي" و"إيزيس" (في مصر القديمة)، يُعتقد أنها مصدر الخلق. ويُروج في العصر الجديد لفكرة "تفعيل طاقة الأنوثة" كطريق للاتحاد بالوعي الكوني، أو "الإلهة الأم"، وهي فلسفة تعيد إحياء الوثنيات القديمة التي تقدس الأم الإلهة.
رموز طاقة الأنوثة في العصر الجديد
انتشرت رموز عدة مرتبطة بطاقة الأنوثة وعصر الدلو، منها:
- القمر: يمثل الجانب الأنثوي، اللاواعي، والغموض. يُعتبر وجه الإلهة، وتُقام طقوس اكتمال القمر للاحتفال بدورة الأنوثة والطبيعة.
- الماء: يرمز إلى طاقة الحياة والفيض الروحي والمعرفة الباطنية.
- اللوتس والفراشة الزرقاء: رموز للتحول والوعي الجديد.
- الحلزونات والأفاعي: رموز مستمدة من الفلك الهندي والكابالا، تشير إلى الطاقة الكونية والتحول الروحي.
كيف يتم الترويج لهذه الأفكار؟
تُروج مفاهيم طاقة الأنوثة وعصر الدلو عبر وسائل متعددة، منها:
- الإعلام والأفلام: أفلام مثل "أفاتار" و"ماتريكس" تروج لفكرة الاتحاد بالطبيعة والوعي الكوني، حيث تظهر الأم الكونية كقوة تجمع الجميع.
- اليوغا والتأمل: تُستخدم كأدوات للوصول إلى "الاتحاد بالكل" وتفعيل طاقات الشاكرات، خاصة شاكرة التاج المرتبطة بالنور والوعي.
- ورش العمل والدورات: انتشرت ورش ودورات تطوير الذات تحت عناوين مثل "تحرير شاكرة الرحم" و"تفعيل طاقة الأنوثة"، وغالبًا ما يتم اختيار توقيتها بناءً على الفلك الفيدي.
- حركات تمكين المرأة: تم دمج مفاهيم "الأنوثة المقدسة" مع قضايا تمكين المرأة، ليصبح الحديث عن الحقوق الاجتماعية متداخلًا مع طقوس وممارسات روحية غريبة عن ثقافتنا.
نقد وتحذير
ورغم أن هذه المفاهيم قد تبدو في ظاهرها إيجابية أو تطويرية، إلا أن جوهرها الفلسفي يتجاوز مجرد الاهتمام بأنوثة المرأة أو تحقيق التوازن النفسي. الفلسفة الباطنية للعصر الجديد تهدف إلى نزع الإنسان من الأديان السماوية، خاصة الإسلام، والدفع به نحو عبادة الذات أو "وحدة الوجود" حيث يصبح الإنسان "إلهًا صغيرًا" يسكب النور بدل أن يتلقاه.
يُحذر من الانخداع بالمصطلحات البراقة مثل "تحرير الطاقات" و"رفع الذبذبات"، فغالبًا ما تكون مجرد واجهة لأفكار وثنية شرقية تستهدف تغيير المفاهيم الدينية والاجتماعية من الجذور.
الخلاصة
عصر الدلو وطاقة الأنوثة ليست مجرد موضة عابرة في عالم تطوير الذات، بل هي جزء من مشروع فكري وفلسفي عميق يسعى لإعادة صياغة وعي الإنسان وعلاقته بالخالق والكون. من المهم أن نكون على وعي بحقيقة هذه المفاهيم وأصولها، وأن نميز بين التطوير الذاتي الحقيقي وبين الترويج لأفكار دخيلة قد تضر بعقيدتنا وهويتنا.
مصادر إضافية للقراءة:- الفلسفات الشرقية (الهندوسية والبوذية)- علم التنجيم والفلك الفيدي- نقد حركات العصر الجديد (New Age Movement)