🔵 الطفل الداخلي : إستشاريين الطب النفسي يشرحون حقيقته

في السنوات الأخيرة، انتشر مفهوم "الطفل الداخلي" في العديد من الدورات وورش العمل المتعلقة بالتنمية الذاتية وعلوم الطاقة، حيث يُروج له كأداة لفهم الذات

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
6 دقائق

حقيقة "الطفل الداخلي" بين الطب النفسي وعلوم الطاقة: رؤية استشارية

في السنوات الأخيرة، انتشر مفهوم "الطفل الداخلي" في العديد من الدورات وورش العمل المتعلقة بالتنمية الذاتية وعلوم الطاقة، حيث يُروج له كأداة لفهم الذات وشفاء الجروح النفسية القديمة. لكن ما مدى صحة هذا المفهوم من وجهة نظر الطب النفسي والعلم؟ وهل له جذور علمية حقيقية أم أنه مجرد مصطلح انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ في هذا المقال، نستعرض آراء استشاريين في الطب النفسي حول حقيقة "الطفل الداخلي" ونوضح الفروق الجوهرية بين الأسس العلمية والعلاجات البديلة.

ما هو "الطفل الداخلي"؟

يُعرّف "الطفل الداخلي" في بعض مدارس التنمية الذاتية وعلوم الطاقة على أنه جزء من شخصية الإنسان يحمل مشاعر وتجارب الطفولة، ويؤثر على سلوكياته ومشاعره في الكبر. ويُقال إن التواصل مع هذا "الطفل" يساعد على الشفاء من الصدمات النفسية وتحقيق التصالح مع الذات. لكن، هل يوجد هذا المفهوم فعلاً في علم النفس؟

رأي الطب النفسي: لا وجود لمفهوم "الطفل الداخلي"

أكد الأطباء النفسيون المشاركون في النقاش أن مصطلح "الطفل الداخلي" لا وجود له في المراجع العلمية للطب النفسي أو علم النفس. وأوضحوا أن هذا المفهوم يُعد من "البدع" الحديثة التي انتشرت عبر دورات الطاقة والتنمية الذاتية، ولا تستند إلى أبحاث أو دراسات علمية معتمدة.

لماذا انتشر هذا المصطلح؟

يرى الخبراء أن انتشار مصطلحات مثل "الطفل الداخلي" يعود إلى رغبة بعض المدربين أو المروجين لعلوم الطاقة في تقديم مفاهيم جديدة لجذب الانتباه، أو لتبرير بعض السلوكيات والمشاعر السلبية عند الأفراد. وغالبًا ما يُستخدم هذا المصطلح لتفسير التصرفات المرحة أو الطفولية عند الكبار، بينما في الحقيقة، قد تكون هذه مجرد سمات شخصية طبيعية خلقها الله في الإنسان، مثل حب المرح أو اللطف.

كيف يتعامل الطب النفسي مع الصدمات النفسية؟

بدلاً من الحديث عن "الطفل الداخلي"، يركز الطب النفسي على دراسة التاريخ النفسي للفرد (History Taking)، أي معرفة الأحداث والتجارب التي مر بها منذ الطفولة وحتى الحاضر. وعند وجود مشكلات أو أعراض نفسية، مثل القلق أو الاكتئاب أو الرهاب، يتم البحث عن جذورها في الطفولة أو البيئة المحيطة، لكن دون اللجوء إلى مصطلحات غير علمية.

تراكمات الطفولة وليست صدمات

يشير الأطباء إلى أن الطفل غالبًا لا يدرك معنى "الصدمات" كما يتصورها الكبار، بل يمر بتجارب متراكمة قد تؤثر عليه لاحقًا. هذه التراكمات قد تظهر في صورة اضطرابات النوم، قضم الأظافر، العزلة، أو حتى مشاكل جلدية مثل الإكزيما. وفي مرحلة المراهقة والبلوغ، قد تتطور إلى مشاكل أكبر مثل الاكتئاب أو الوسواس القهري.

مخاطر بعض أساليب "علوم الطاقة"

حذر الاستشاريون من بعض الممارسات المنتشرة في دورات الطاقة، مثل تشجيع المتدربين على قطع علاقاتهم بأمهاتهم أو أسرهم بحجة "تحرير الطاقة السلبية" أو "الشفاء من صدمات الطفولة". وأكدوا أن هذا النهج خطير جدًا، إذ أن الأم هي المراقب الأول لسلوك الطفل، وأي محاولة لعزل الفرد عن أسرته قد تؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية خطيرة.

فلسفة تعظيم الذات

أحد المحاور الأساسية في بعض مدارس الطاقة هو "تعظيم الذات" بشكل مفرط، حتى يصل الأمر أحيانًا إلى تشبيه الإنسان بالقدرة الإلهية (والعياذ بالله)، أو الادعاء بأنه قادر على تحقيق كل شيء بمفرده دون الحاجة للآخرين. هذا النوع من التفكير قد يؤدي إلى الانعزال، فقدان التوازن النفسي، وصعوبة تقبل النقد أو المساعدة.

التربية والتوازن النفسي

أوضح الأطباء أن الشخصية الإنسانية تتكون من خلال التربية، البيئة، والعلاقات الأسرية. فالطفل الذي ينشأ في بيئة صحية، حيث يوجد توازن بين الثواب والعقاب، ويشعر بالحب والاهتمام، غالبًا ما ينمو ليصبح شخصًا متزنًا نفسيًا. أما الحرمان أو الإهمال أو العنف، فقد يترك فجوات عاطفية ونفسية تظهر لاحقًا في شكل مشاكل سلوكية أو نفسية.

أهمية الاعتراف بالمشكلات

من أهم خطوات العلاج النفسي هو الاعتراف بالمشكلات والسلبيات، وليس إنكارها أو الهروب منها. فالشخص الذي يعيش في حالة إنكار يصعب علاجه، بينما من يعترف بمشكلاته يكون أكثر قدرة على مواجهتها والتعافي منها.

هل من العيب اللجوء للعلاج النفسي؟

أكد الأطباء أن اللجوء للعلاج النفسي أو طلب المساعدة ليس عيبًا ولا دليلًا على الجنون أو الضعف. بل هو خطوة شجاعة نحو التعافي وتحقيق التوازن النفسي، خاصة عند التعرض لصدمات كبيرة مثل فقدان أحد الوالدين أو الأزمات الحياتية.

ملاحظات حول مصطلحات الطاقة والتأمل

أشار المشاركون إلى أن بعض مصطلحات الطاقة، مثل "التأمل"، تُستخدم بشكل غير دقيق أو يُطلب من المتدرب أن يمارسها دون فهم أو نقاش، بل يُمنع أحيانًا من طرح الأسئلة أو مشاركة تجربته مع أسرته. هذا الأسلوب يهدف إلى عزل الفرد عن محيطه وجعله أكثر قابلية للتأثر بالأفكار المطروحة دون نقد أو تحليل.

أهمية التفكير النقدي والثقافة المجتمعية

شدد الخبراء على ضرورة تعزيز التفكير النقدي، وعدم قبول أي فكرة أو ممارسة دون بحث أو سؤال. كما دعوا إلى أهمية التبليغ عن أي ممارسات مشبوهة أو دورات غير مرخصة، واستخدام التطبيقات الحكومية المخصصة لذلك، لحماية المجتمع من الأفكار الدخيلة والممارسات الضارة.

خلاصة القول

  • لا يوجد في الطب النفسي أو علم النفس مفهوم علمي اسمه "الطفل الداخلي".
  • المشكلات النفسية تُعالج بفهم التاريخ النفسي والتراكمات، وليس باللجوء إلى مصطلحات غير علمية.
  • بعض ممارسات علوم الطاقة قد تكون ضارة، خاصة إذا شجعت على قطع العلاقات الأسرية أو تعظيم الذات بشكل مفرط.
  • الاعتراف بالمشكلات وطلب المساعدة من المختصين هو الطريق الصحيح نحو التعافي.
  • التفكير النقدي، الثقافة المجتمعية، والتبليغ عن الممارسات الخاطئة هي مسؤولية الجميع.

تذكر دائمًا

العلم والمعرفة هما الأساس في فهم النفس البشرية وعلاج مشكلاتها. لا تتردد في طرح الأسئلة والبحث عن المصادر الموثوقة، وكن حذرًا من الانسياق وراء المصطلحات الرنانة أو الدورات غير المعتمدة. صحتك النفسية أمانة، فحافظ عليها بالعلم والوعي.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك