اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

التحذير من دورات الطاقة وتقنيات الأكسس بارز: رؤية نقدية من منظور شرعي وعلمي

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات الطاقة والتنمية الذاتية، مثل دورات "الأكسس بارز" (Access Bars) وغيرها من التقنيات التي تدّعي تحرير الإنسان

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات الطاقة والتنمية الذاتية، مثل دورات "الأكسس بارز" (Access Bars) وغيرها من التقنيات التي تدّعي تحرير الإنسان من المشاعر السلبية وتحقيق وعي أعلى وسعادة مطلقة. ومع تزايد الإقبال على هذه الدورات، أصبح من الضروري تناولها بالنقد والتحليل، خاصة من منظور ديني وعلمي، لتوضيح حقيقتها وكشف مخاطرها على الفرد والمجتمع.

ما هي دورات الأكسس بارز؟

الأكسس بارز هي تقنية تُروج على أنها تساعد في "تحرير الطاقة السلبية" من خلال الضغط على نقاط معينة في الرأس، ويُقال إنها تزيل المعتقدات والأفكار السلبية وتمنح الإنسان الحرية والسلام الداخلي. يزعم المدربون أن هذه التقنية ترفع من "سلم الوعي" لدى الممارس، وتجعله يتجاوز مشاعر الذنب والتأنيب، بل ويصل إلى حالة من التحرر التام من المخاوف.

لكن خلف هذه الشعارات البراقة، تكمن مفاهيم وممارسات مشبوهة، إذ يُلاحظ أن بعض المدربين يبالغون في ادعاءاتهم، حتى يصل الأمر إلى القول بأنهم لم يعودوا يشعرون بالذنب أبداً، وأنهم أصبحوا في قمة الحرية والوعي، وكأنهم معصومون من الخطأ!

سلم هاوكنز: حقيقة أم خدعة؟

أحد المفاهيم المنتشرة في هذه الدورات هو "سلم هاوكنز"، الذي يُقدّم كمرجع لقياس مستويات الوعي. يُعامل هذا السلم أحياناً وكأنه وحي منزل، ويُستخدم لإقناع المتدربين بأنهم تجاوزوا كل المشاعر السلبية وأصبحوا في حالة من النقاء الروحي. في الحقيقة، لا يوجد أي أساس علمي أو ديني لهذا السلم، بل هو مجرد اجتهادات شخصية لا تستند إلى حقائق ثابتة.

مخاطر الانزلاق في عالم الطاقة والتنمية الذاتية

يحذر المختصون من خطورة الانخراط في دورات الطاقة والتنمية البشرية غير المنضبطة، إذ قد تكون هذه الدورات بوابة للوقوع في ممارسات شركية أو خرافية، خاصة عندما يتم ربطها بتقنيات غامضة وتعويذات وطلاسم يُزعم أنها تجلب الخير أو تدفع الشر.

من أخطر ما يُروج له في هذه الدورات، فكرة أن الإنسان يستطيع أن يتحكم في مصيره بشكل مطلق، بل ويقرر موعد موته أو حياة غيره! هذه الأفكار تتعارض بشكل صارخ مع العقيدة الإسلامية التي تؤكد أن الموت والحياة بيد الله وحده، وأن الغيب لا يعلمه إلا الله.

التعويذات والكيانات الغيبية: حقيقة أم وهم؟

من الأمور المثيرة للقلق في بعض دورات الطاقة، استخدام تعويذات وطلاسم يُقال إنها تستدعي "كيانات" لمساعدة الإنسان. يُروج أحياناً أن هذه الكيانات ملائكية أو أرواح نورانية، بينما في الحقيقة، يُخشى أن يكون التعامل مع الجن أو الشياطين، خاصة عندما يتم استخدام ألفاظ غير مفهومة أو رموز غامضة.

وقد أشار بعض المشاركين إلى أن المدربين يتعمدون إخفاء الحقائق عن المتدربين العرب والمسلمين، ويغيرون المصطلحات أو يخففون من خطورة الممارسات حتى لا يصدموا الجمهور أو يخسروا السوق.

دور التنمية البشرية في الترويج للطاقة

التنمية البشرية، رغم أنها في أصلها تهدف إلى تطوير الذات وتحسين المهارات، إلا أن بعض المدربين استغلوا هذا المجال لتمرير أفكار الطاقة والتقنيات المشبوهة. كثيراً ما يبدأ الأمر بدورات تطوير الذات، ثم يُزج بالمتدرب تدريجياً في دورات الطاقة والتأمل والتخاطر، حتى يجد نفسه في مستنقع من الأفكار والممارسات البعيدة عن الدين والعقل.

موقف الشريعة من هذه الممارسات

أكد المتخصصون الشرعيون الذين تم التواصل معهم قبل إعداد هذا المقال، أن مثل هذه الدورات والممارسات التي تتضمن تعويذات أو استحضار كيانات غيبية أو ادعاء التحكم في الغيب، تدخل في دائرة الشرك وتحمل مخاطر كبيرة على العقيدة. كما أن الشريعة الإسلامية تحذر من كل ما فيه مشابهة لأعمال السحرة أو الدجل أو التعامل مع الجن.

الجانب النفسي والاجتماعي

لا تقتصر المخاطر على الجانب الديني فقط، بل تتعداه إلى الجانب النفسي والاجتماعي. إذ لاحظ كثيرون أن من يغوص في هذه الدورات يصبح أكثر عزلة، ويفقد علاقاته الاجتماعية والأسرية، ويعاني من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، نتيجة تحميل نفسه مسؤولية كل شيء في حياته، حتى ما هو خارج إرادته.

ضرورة التوعية والتحذير

من واجبنا جميعاً، كأفراد ومجتمع، توعية الناس بمخاطر هذه الدورات، وعدم الانخداع بالشعارات البراقة أو التجارب الشخصية التي يرويها الممارسون. فالتجربة الشخصية ليست دليلاً علمياً أو شرعياً، ولا يجوز الاعتماد عليها في تشريع ممارسات قد تضر بالعقيدة والصحة النفسية.

نصائح هامة للوقاية

  • تحقق من مصدر أي دورة أو تقنية قبل الاشتراك فيها، وتأكد من موافقتها للشرع والعقل.
  • استشر أهل العلم والثقة في أي أمر غيبي أو تقنيات جديدة تُعرض عليك.
  • لا تنخدع بالتجارب الشخصية أو القصص المؤثرة، فليس كل ما يلمع ذهباً.
  • ابتعد عن كل ما فيه تعويذات أو طلاسم أو استحضار كيانات غيبية، فهذه أمور محرمة وخطيرة.
  • حافظ على صلتك بالله واذكارك اليومية، فهي الحصن الحقيقي للإنسان من كل شر.

خلاصة

دورات الطاقة مثل الأكسس بارز وغيرها من التقنيات المشبوهة، قد تبدو في ظاهرها بريئة أو مفيدة، لكنها تحمل في طياتها أفكاراً وممارسات خطيرة على الدين والعقل والنفس. من الضروري أن نكون واعين، وأن نحذر من الوقوع في فخ هذه الدورات، وأن نعود إلى الثوابت الدينية والعلمية في كل ما يتعلق بصحتنا النفسية والروحية.

اللهم احفظنا من كل شر، واهدنا إلى الصراط المستقيم.

هل لديك تجربة أو استفسار حول هذا الموضوع؟ شاركنا رأيك في التعليقات، أو تواصل مع أهل العلم لطلب النصيحة والمشورة.

https://www.youtube.com/watch?v=y2aUtKpzsF0

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك