التحذير من خداع مفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية الزائفة: تجربة واقعية ونصائح هامة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم مثل "الطاقة"، و"قانون الجذب"، و"التنمية الذاتية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح هناك من يطلقون على أنف
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم مثل "الطاقة"، و"قانون الجذب"، و"التنمية الذاتية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح هناك من يطلقون على أنفسهم "مدربي حياة" أو "لايف كوتش" يقدمون نصائح وجلسات علاجية يدّعون أنها تغير حياة الإنسان للأفضل. لكن خلف هذه الشعارات البراقة، هناك الكثير من المخاطر التي قد تضر بالفرد والأسرة والمجتمع، خصوصاً عندما يتم استبدال القيم الدينية والمفاهيم الصحيحة بمعتقدات مشبوهة أو غير علمية.
بداية القصة: الفضول والخطوة الأولى
تروي "ميرا" تجربتها الشخصية، حيث نشأت في أسرة ملتزمة بالصلاة والقرآن والأذكار، وتعلمت منذ الصغر أهمية التقرب إلى الله. لكن الفضول دفعها، بعد أن لاحظت اهتمام أختها بمجال الطاقة، إلى البحث بنفسها حول هذا العالم الجديد. بدأت تلاحظ أن بعض الأشخاص يربطون بين القرآن وأسماء الله الحسنى وبين أرقام معينة، ويقدمونها على أنها أوراد لجذب الطاقة الإيجابية، مما جعلها تشعر بالأمان في البداية كونهم يستخدمون نصوصاً دينية.
التحول إلى مفاهيم غريبة
مع الوقت، اكتشفت ميرا أن الأمور تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك. بدأ الحديث عن أن الواقع المادي مجرد وهم، وأن التواصل يجب أن يكون مع "الكون" وليس مع الله، وأن هناك إشارات ورسائل تأتي من الكون على شكل أرقام أو رموز. لاحظت أيضاً أن هؤلاء الأشخاص لا يذكرون الله أو أهمية الصلاة والدعاء، بل يركزون على مفاهيم "الوعي الكوني" و"الرسائل الكونية".
مواجهة الخطر: مناقشات وهجوم
حاولت ميرا أن تناقشهم وتسألهم عن معنى التواصل مع الكون، ومن هو خالق الكون، ولماذا يتم تجاهل ذكر الله في حديثهم. لكنها فوجئت بهجوم شديد عليها واتهامات بأنها "مجرد بشرية" وليست "روحانية" مثلهم، وأنها لا تملك أي دور في "شفاء الآخرين". بل وصل الأمر إلى تهديدها بأنهم سيقومون "بسحب طاقتها"، وواجهت طرداً وحظراً من مجموعاتهم.
ضحايا جلسات الطاقة
من خلال متابعتها، لاحظت ميرا أن هناك فتيات كثيرات وقعن ضحية لهذه الجلسات، بعضهن أصبن بأمراض نفسية ودخلن المستشفيات. بعض الحالات وصلت إلى اعتقاد الفتاة بأنها شخصية دينية عظيمة أو أنها تتلقى رسائل من عالم آخر، ويتم إقناعها أن هذه "صحوة روحية". في حين أن الواقع هو تدهور نفسي خطير بسبب هذه الممارسات.
تغيير المسميات... والابتعاد عن الدين
تؤكد ميرا أن كل ما يحدث هو مجرد تغيير مسميات للمفاهيم الدينية الأصيلة. فبدلاً من الدعاء وحسن الظن بالله، يتحدثون عن "قانون الجذب" وتأكيدات إيجابية لجلب السعادة أو المال دون سعي حقيقي. وبدلاً من الرقية الشرعية واللجوء للأطباء عند المرض، يتحدثون عن "الطاقة السلبية" و"العلاج بالطاقة". كل ذلك يؤدي إلى الابتعاد عن تعاليم الدين، وتسليم العقل لأشخاص غير مؤهلين.
لماذا يلجأ البعض إلى التنجيم وقراءة الطالع؟
توضح ميرا أن كثيراً من الفتيات يلجأن إلى التارو أو الأبراج أو الخرائط الفلكية بسبب مشاعر الخذلان أو فقدان الثقة في الآخرين، أو بحثاً عن إجابات حول المستقبل أو شريك الحياة. لكن هذه لحظات ضعف يجب ألا تستمر، ويجب أن نستخدم عقولنا ونبحث ونسأل ولا نسلم أنفسنا لأي شخص يدعي معرفة الغيب أو القدرة على الشفاء الروحي.
ظاهرة تكرار الأرقام ورسائل الكون
انتشرت أيضاً ظاهرة "رؤية الأرقام المتكررة" مثل 11:11 وغيرها، ويتم الترويج لها على أنها رسائل من الكون تدل على أنك "مختار" أو أنك تمر بمرحلة انتقالية. لكن الواقع أن هذه مجرد مصادفات يتعرض لها آلاف الأشخاص في نفس الوقت، ولا علاقة لها بأي رسائل كونية أو مصير خاص.
نصائح هامة للشباب والفتيات
- لا تسلم عقلك لأحد: استخدم عقلك وفكر وابحث واسأل، ولا تتبع أي شخص لمجرد أنه يتحدث بثقة أو يستخدم مصطلحات جديدة.
- الرجوع إلى الله: في لحظات الحيرة أو الضعف، الجأ إلى الله بالصلاة والدعاء وحسن الظن به، وليس إلى مدربي الطاقة أو التنجيم.
- الاستعانة بالرقية الشرعية والأطباء: عند الشعور بأي تعب نفسي أو جسدي، لا تتردد في اللجوء للرقية الشرعية أو الأطباء المتخصصين.
- احذر من تغيير المسميات: لا تنخدع بمصطلحات مثل "قانون الجذب" أو "الطاقة الإيجابية"، فغالباً ما تكون مجرد إعادة تغليف لمفاهيم دينية أو نفسية معروفة.
- تجنب المجموعات المشبوهة: ابتعد عن أي مجموعات أو أشخاص يروجون لمفاهيم غريبة أو يطلبون منك حضور جلسات بمقابل مادي دون أساس علمي أو ديني واضح.
الخلاصة
ما يحدث اليوم من انتشار لمفاهيم الطاقة والتنمية الذاتية الزائفة هو خطر حقيقي يهدد عقول شبابنا وفتياتنا. علينا أن نتمسك بديننا وقيمنا، وأن نستخدم عقولنا في التمييز بين الحق والباطل، وألا نسمح لأحد أن يبعدنا عن الطريق الصحيح. الدعاء، الصلاة، حسن الظن بالله، والسعي المشروع هي مفاتيح السعادة والنجاح الحقيقي، وليس جلسات الطاقة أو التنجيم أو الشعوذة.
حفظ الله أبناءنا وبناتنا من كل شر، ووفقهم للخير والصلاح.
https://www.youtube.com/watch?v=X8B7CBU-IVw