اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

التحذير من مدارس الطاقة والتنمية البشرية: رؤية شرعية واجتماعية

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المقال، نسلط الضوء على موضوع بالغ الأهمية في عصرنا الحالي، وهو ان

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المقال، نسلط الضوء على موضوع بالغ الأهمية في عصرنا الحالي، وهو انتشار مدارس الطاقة والتنمية البشرية والخيمياء، وما يرتبط بها من مفاهيم وممارسات، مع بيان الأضرار الشرعية والعقلية والاجتماعية المرتبطة بها، ونصائح للمجتمع حول كيفية التعامل مع هذه الظواهر.

مدارس الطاقة والتنمية البشرية: ما هي؟

خلال السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية العديد من المدارس والدورات التي تدّعي القدرة على تطوير الذات ورفع الوعي وتحسين الصحة النفسية والجسدية، تحت مسميات مثل "مدارس الطاقة"، "الخيمياء"، "التأملات"، و"تطوير الذات". هذه المدارس غالبًا ما تستند إلى مفاهيم مستوردة من ثقافات وديانات شرقية كالبوذية والهندوسية، وتروج لممارسات بعيدة عن الدين الإسلامي والعلم الصحيح.

تجارب شخصية وتساؤلات شرعية

يروي أحد الإخوة أنه تلقى رسالة من إحدى الأخوات تعبر فيها عن خجلها من التوبة والدعاء إلى الله بعد انخراطها في ممارسات الطاقة، وكأن الذنوب التي ارتكبتها تمنعها من العودة إلى الله. وهنا، يذكرنا القرآن الكريم بقوله تعالى:

"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" (الزمر: 53).

هذه الآية العظيمة نزلت في حق قوم أسرفوا في الذنوب، حتى ظنوا أن الله لن يغفر لهم، فجاءهم الخطاب الإلهي ليؤكد أن باب التوبة مفتوح للجميع، وأن القنوط من رحمة الله من مداخل الشيطان. فمهما كان الذنب عظيمًا، فإن رحمة الله أوسع، والتوبة مقبولة بإذن الله.

أضرار مدارس الطاقة والتنمية البشرية

هذه المدارس تهدم البناء العقدي والأخلاقي الذي تربينا عليه، وتستبدله بمفاهيم دخيلة تعتمد على فلسفات باطنية، فتتغير المبادئ والثوابت، ويصبح الإنسان مشوش العقيدة والهوية.

بعض الممارسات قد تؤدي إلى أضرار صحية ونفسية حقيقية، خاصة عندما يتم استبدال العلاج الطبي الصحيح بممارسات غير علمية أو خرافية.

الأخطر من ذلك، أن كثيرًا من هذه الممارسات تتضمن شركيات صريحة، ودعوة إلى عبادة الأصنام أو الاستعانة بالجن والشياطين، أو ممارسة السحر والشعوذة تحت غطاء "العلم" أو "الوعي".

تؤدي هذه الأفكار إلى تفكك الأسر، وضياع القيم، وانتشار الجهل والخرافة بين أفراد المجتمع، خاصة بين الشباب والفتيات.

الرد الشرعي والعلمي

من المهم أن نكون واضحين في توصيف هذه المدارس: فهي ليست مجرد ممارسات صحية أو نفسية، بل هي عقائد باطنية دخيلة، بعضها يصل إلى الكفر والشرك بالله، كما أفتى بذلك كبار العلماء مثل الشيخ صالح الفوزان، الذي أكد أن تحليل الشخصية عبر الخط أو الصوت، أو التنجيم والتاروت، كلها من الشعوذة وادعاء علم الغيب.

الدعوة إلى الحوار والمناظرة

تمت دعوة المدربين والمدربات في هذه المدارس إلى مناظرة علنية، لمناقشة أفكارهم وممارساتهم أمام الناس، وبيان حقيقتها. إلا أن الاستجابة ضعيفة، ويتهرب كثير منهم من المواجهة العلمية والشرعية.

نصائح للمجتمع والأسرة

  • العودة إلى الله والتوبة: مهما كان الذنب عظيمًا، فباب التوبة مفتوح، ولا ينبغي القنوط من رحمة الله.
  • الحذر من الدورات المشبوهة: لا تنخدعوا بالشعارات البراقة، وابحثوا عن الحكم الشرعي والعلمي لأي ممارسة قبل الانخراط فيها.
  • الإبلاغ عن الممارسات المخالفة: إذا لاحظتم وجود دورات أو جلسات طاقة مشبوهة في البيوت أو النوادي أو عبر الإنترنت، أبلغوا الجهات المختصة فورًا.
  • التحقق من مصادر العلاج النفسي: بعض الأخصائيين النفسيين قد يكونون مدربين طاقة، فاحرصوا على اختيار المعالجين الموثوقين علميًا وشرعيًا.
  • عدم الانخراط في تقديم النصائح قبل التعافي: من كان في مرحلة التعافي من هذه المدارس، عليه أن يركز على إصلاح نفسه أولًا قبل محاولة نصح الآخرين.

خطر التحويلات المالية المشبوهة

لوحظ أن بعض المدربين والمدربات بدأوا في تلقي الأموال نقدًا أو عبر وسائل تحويل إلكترونية مثل "باي بال"، لتحويلها إلى منظمات خارجية مشبوهة. يجب الحذر من هذه الأساليب، وعدم المشاركة فيها بأي شكل.

مصادر هذه المدارس وأصولها

يشير بعض الباحثين إلى أن جذور هذه المدارس تعود إلى "الكابالا" اليهودية، و"التلمود الأورشليمي"، وغيرها من الفلسفات الباطنية القديمة. وهذه الكتب مليئة بالأسرار والشعوذة، وليست مصادر علمية أو دينية موثوقة.

الشعوذة في ثوب جديد

لم تعد الشعوذة مقتصرة على السحرة التقليديين، بل ظهرت اليوم في صورة "مدربين" و"خبراء" و"دكاترة" يدّعون تحليل الشخصية عبر الخط أو الصوت، أو قراءة الطالع والفنجان والتاروت، وكلها أساليب قديمة بثوب عصري جديد.

التفويض لله وحسن الظن به

من أعظم أسباب النجاة من هذه الفتن، أن يفوض الإنسان أمره لله، ويثق برحمته، ويبتعد عن الاستعانة بغيره من البشر أو الجن أو الطلاسم أو التمائم.

خاتمة

إن ما يحدث اليوم من انتشار مدارس الطاقة والتنمية البشرية والخيمياء والتأملات، ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو تحدٍ خطير يمس عقيدتنا وقيمنا وأمننا الاجتماعي. واجبنا جميعًا التوعية، والتبليغ، والتمسك بالثوابت، وعدم الانخداع بالدعايات البراقة.

نسأل الله أن يحفظ مجتمعاتنا من كل شر، وأن يرد كيد المفسدين في نحورهم، وأن يوفقنا جميعًا للتمسك بديننا والاعتصام بحبل الله المتين.

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

https://www.youtube.com/watch?v=kNhUAcwMPKg

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك