التحذير من مدارس الطاقة وتقنيات الوعي: تجارب واقعية ونقاش علمي وشرعي
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي العديد من الدورات والمدارس التي تروج لما يسمى بـ"علوم الطاقة" وتقنيات "الوعي"، مثل "الأكسس بارز" و"التاملا
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي العديد من الدورات والمدارس التي تروج لما يسمى بـ"علوم الطاقة" وتقنيات "الوعي"، مثل "الأكسس بارز" و"التاملات" و"قانون الجذب" وغيرها. تلقى هذه الدورات اهتمامًا متزايدًا، خاصة بين الشباب والفتيات الباحثين عن التحرر النفسي أو تحقيق الثراء أو الشفاء من الأمراض. لكن خلف هذا البريق، هناك الكثير من المخاطر المعرفية والدينية والنفسية، كما يتضح من شهادات وتجارب واقعية ونقاشات علمية وشرعية.
تجربة واقعية: بين الفضول والمخاطر
بدأت إحدى المشاركات بسرد قصة شخصية عن فتاة لجأت إليها للعلاج بتقنيات الطاقة. ورغم أن الجلسة لم تكن مقابل المال، إلا أن الفتاة بدأت تعاني بعد الجلسة من أعراض نفسية شديدة: خوف متزايد، سماع أصوات في الليل، بكاء مستمر، وحتى تساقط الشعر وظهور الشيب في سن صغيرة. الأم كانت غاضبة وتتهم المعالجة بعدم الرغبة في مساعدة ابنتها، بينما الحقيقة أن الأعراض ازدادت سوءًا بعد الجلسة. هذه القصة ليست حالة فردية، بل تتكرر مع كثيرين ممن خاضوا تجارب مماثلة.
ما هي حقيقة مدارس الطاقة وتقنيات الوعي؟
خلال النقاش، أوضح عدد من المتخصصين والباحثين في هذا المجال أن أغلب هذه المدارس تعتمد على أفكار مستوردة من ثقافات ومعتقدات غير إسلامية، بل ويصل الأمر أحيانًا إلى التعامل مع "كيانات" أو "كينونات" يُشار إليها صراحة بأنها الجن أو الشياطين. بعض الدورات تعلم المتدرب كيف يستحضر "كينونة" خاصة به ليستشيرها في حياته أو تساعده في "تنظيف الطاقات". ويؤكد متخصصون أن هذه الممارسات ليست مجرد ألعاب ذهنية أو تمارين استرخاء، بل تتضمن طقوسًا وتعويذات قد تفتح بابًا للتواصل مع الجن والشياطين، سواء بوعي أو بدون وعي.
التحذير من الاستعانة بالكون أو الكيانات الغيبية
من أخطر ما في هذه التقنيات أنها تدعو المتدرب إلى "طرح الأسئلة على الكون" أو الاعتماد على "الطاقة الكونية" بدلًا من التوكل على الله والدعاء له. فيتم إلغاء مفهوم "إياك نعبد وإياك نستعين"، ويصبح الكون أو الكينونات أو حتى المدرب هو الوسيط بين الإنسان واحتياجاته، وهذا يتعارض بشكل صريح مع العقيدة الإسلامية التي ترفض أي وساطة بين العبد وربه.
النتائج النفسية والعقلية لهذه الممارسات
أجمع المتحاورون على أن كثيرًا ممن خاضوا هذه التجارب أصيبوا بحالة من التشويش الفكري، واضطراب في العقيدة، بل وبعضهم ظهرت عليه أعراض نفسية أو جسدية غريبة. وأكدوا أن هذه الدورات لا تقدم علمًا حقيقيًا ولا علاجًا مثبتًا، بل قد تكون مدخلًا للوقوع في الشركيات أو الإلحاد، أو على الأقل في أوهام لا أساس لها من الصحة.
الفرق بين الطب البديل والعلم الزائف
من المهم التفريق بين الطب البديل المبني على الأعشاب أو الحجامة (وهي ممارسات لها جذور علمية وإسلامية)، وبين ما يسمى بعلوم الطاقة أو الوعي التي تعتمد على أفكار فلسفية وروحانية دخيلة. حتى في الجامعات العالمية، هناك تحفظ كبير على تقنيات مثل الإبر الصينية أو "توازن الطاقة"، وغالبًا ما تدرس كجزء من تاريخ الطب أو كعلاج تكميلي، وليس كعلم مثبت مستقل.
نصائح عملية لكل باحث عن الشفاء أو التطوير الذاتي
- اعتمد على الله وحده: في الإسلام، لا يوجد وسيط بين العبد وربه، والدعاء هو الطريق المباشر لتحقيق الأمنيات وطلب الشفاء.
- تحقق من مصادر العلم: لا تأخذ أي تقنية أو دورة دون التأكد من مصدرها العلمي والشرعي، واسأل عن رأي الأطباء والمنظمات الصحية الموثوقة.
- احذر من التجارب الغامضة: لا تخضع لأي جلسة أو تمرين لا تفهم أساسه، خاصة إذا كان يتضمن طقوسًا أو كلمات غير مفهومة أو استحضار كيانات غيبية.
- حافظ على عقيدتك: لا تجعل الفضول يدفعك لتجربة ما قد يضر دينك أو عقلك أو صحتك النفسية.
- استشر أهل العلم: إذا التبس عليك أمر ما، فارجع إلى العلماء وطلاب العلم الشرعي، فهم الأقدر على تبيين الحكم الشرعي في هذه المسائل.
خلاصة القول
ما يسمى بمدارس الطاقة وتقنيات الوعي ليست علومًا حقيقية ولا طرقًا مشروعة للشفاء أو تحقيق الثراء. بل هي غالبًا خليط من الشعوذة، الفلسفات الدخيلة، وأحيانًا الشركيات الصريحة. التجارب الواقعية تثبت أن الدخول في هذه الدوائر قد يؤدي إلى أضرار نفسية ودينية خطيرة. الطريق الآمن هو العلم الصحيح، والاعتماد على الله، والتمسك بالعقيدة، وعدم الانسياق وراء كل جديد دون تمحيص.
حافظوا على أنفسكم وأهلكم، وكونوا على وعي بما يدخل إلى عقولكم وقلوبكم.
هذا المقال خلاصة نقاشات وتجارب واقعية من باحثين ومتخصصين في الطب الشمولي والدراسات الشرعية، ويهدف إلى التوعية والتحذير من مخاطر الانخراط في مدارس الطاقة وتقنيات الوعي غير الموثوقة.
https://www.youtube.com/watch?v=CVfKYdhNovc