التحذير من مفاهيم الطاقة الحيوية والشعوذة الحديثة في المجتمعات الإسلامية
في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية العديد من الدورات والبرامج التي تقدم نفسها تحت مسميات مثل "تطوير الذات" و"الطاقة الحيوية" و
في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية العديد من الدورات والبرامج التي تقدم نفسها تحت مسميات مثل "تطوير الذات" و"الطاقة الحيوية" و"الشاكرات". يدّعي مقدمو هذه الدورات أنهم يملكون أساليب ومفاهيم جديدة تساعد الإنسان المسلم على تطوير نفسه وتحسين حياته. لكن خلف هذه الشعارات البراقة، تختبئ أفكار خطيرة مستمدة من فلسفات وثنية وغنوصية وباطنية، لا تمت للدين الإسلامي ولا للعلم التجريبي بصلة.
في هذا المقال، نسلط الضوء على هذه الظواهر، ونكشف حقيقة الأفكار التي تروج لها، ونوضح خطورتها على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية لأبناء وبنات المسلمين.
ما هي الطاقة الحيوية والشاكرات؟
الطاقة الحيوية والشاكرات مفاهيم مأخوذة من الديانات الشرقية القديمة مثل البوذية والهندوسية. تدّعي هذه الفلسفات أن الإنسان يمتلك مراكز طاقة (شاكرات) في جسده، وأن توازن هذه المراكز يؤدي إلى الصحة والسعادة. ويزعم بعض المدربين أن بإمكانهم تعليم الناس كيفية التحكم بهذه الطاقة من خلال التأمل أو اليوغا أو ممارسات أخرى.
لكن الحقيقة أن هذه المفاهيم لم تعترف بها أي جهة طبية أو علمية معتبرة في العالم. فلا توجد منظمة صحية عالمية أو جامعة حكومية أو هيئة علمية رسمية تدعم وجود الشاكرات أو الطاقة الحيوية بهذا المفهوم. بل إن أغلب العلماء يعدونها من الخرافات التي لا أساس لها من الصحة.
خطورة تسويق هذه المفاهيم لأبناءنا
تكمن الخطورة الكبرى في أن بعض المدربين يقدمون أنفسهم كخبراء في تطوير الذات، ويستهدفون فئة الشباب والفتيات عبر الدورات ووسائل التواصل الاجتماعي. بل إن بعضهم يدّعي أن هذه المفاهيم متوافقة مع الإسلام، أو يحاولون ربطها بالنصوص الشرعية زورًا وبهتانًا.
من بين الأفكار الخطيرة التي يروج لها بعضهم:
- ادعاء أن الإنسان يستطيع أن يصنع قدره بنفسه، متجاهلين قول الله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}.
- القول بأن الشاكرات والطاقة الحيوية هي جزء من الدين، رغم أن هذه المفاهيم لا أصل لها في الإسلام.
- التشكيك في الموروث الديني، وادعاء أن تفسير القرآن الكريم بدعة، أو أن السنة النبوية كتبها "شباب مراهقون من بلاد فارس"، في إساءة واضحة لعلماء الحديث الكبار مثل البخاري ومسلم.
- التقليل من شأن العبادات، مثل الزعم بأن الصلاة والصيام والزكاة والحج لا تمثل سوى 2% من العبادة، أو أن التأملات واليوغا تعادل الصلاة في الأثر الروحي.
- الخلط بين مفاهيم دينية ومفاهيم وثنية، مثل القول بأن الإنسان نموذج مصغر من الله (فلسفة الأفاتارات الهندوسية)، أو أن الإنسان يمكن أن يصبح إلهًا صغيرًا يدير شؤون الكون.
- الطعن في الأنبياء، كادعاء أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصيب بالأذى في الطائف عقابًا من الله له، أو أن الأنبياء مثل بقية البشر لا فرق بينهم وبين الناس سوى الوحي.
- الادعاء بأن الوحي أصبح بيد الإنسان الآن، وأن كل شخص يمكن أن يكون نبيًا أو يتلقى الوحي.
- التقليل من شأن السنة النبوية، واعتبارها موروثًا لا قيمة له، بل والدعوة إلى هجرها تمامًا.
- الخلط بين العبادات والتأملات، واعتبار أن الهدف من الصلاة هو شحن الطاقة الإيجابية وليس التعبد لله تعالى.
لماذا يجب الحذر من هذه الأفكار؟
هذه الأفكار لا تهدد فقط العقيدة الإسلامية، بل تهدد أيضًا الصحة النفسية والاجتماعية. فقد تسبب هذه الدورات في حدوث اضطرابات نفسية، وانفصام في الشخصية، وتخبط في المفاهيم الدينية، خاصة لدى الشباب الباحثين عن معنى لحياتهم أو حلول لمشكلاتهم.
كما أن ترويج هذه المفاهيم دون دليل علمي أو شرعي معتمد، هو نوع من الشعوذة والدجل، ويخالف القوانين في كثير من الدول الإسلامية التي تجرم ممارسة أو تعليم أو علاج الناس بالطاقة الحيوية.
ما هو موقف العلماء والجهات الرسمية؟
لم تعترف أي هيئة علمية أو طبية معتبرة في العالم بمفاهيم الطاقة الحيوية أو الشاكرات. كما أن كبار العلماء وهيئات الإفتاء في العالم الإسلامي حذروا مرارًا من هذه الدورات والممارسات، واعتبروها من البدع والشعوذة التي لا يجوز للمسلم أن يتبعها أو ينشرها.
كيف نحمي أبناءنا ومجتمعنا؟
- التوعية: يجب على الآباء والمعلمين والدعاة توعية الشباب بخطورة هذه المفاهيم، وبيان أنها لا تمت للإسلام أو العلم بصلة.
- التحقق من المصادر: يجب التأكد من خلفية أي مدرب أو دورة قبل المشاركة فيها، وعدم الانسياق وراء الشعارات البراقة أو القصص الملفقة.
- الرجوع إلى العلماء: في كل ما يتعلق بالعقيدة أو الممارسات الجديدة، يجب الرجوع إلى العلماء الموثوقين وهيئات الإفتاء الرسمية.
- الإبلاغ عن المخالفات: إذا لاحظت وجود دورات أو أشخاص يروجون لهذه الأفكار في بلدك، أبلغ الجهات المختصة لحماية المجتمع من الشعوذة والدجل.
خلاصة
إن انتشار مفاهيم الطاقة الحيوية والشاكرات والتأملات المستوردة من الديانات الشرقية يشكل خطرًا حقيقيًا على عقيدة المسلمين وصحتهم النفسية والاجتماعية. يجب علينا جميعًا أن نكون على وعي بهذه المخاطر، وأن نحذر من تسويق هذه الأفكار لأبنائنا وبناتنا تحت مسمى تطوير الذات أو العلاج البديل. فالدين الإسلامي غني بتعاليمه السمحة، ولا يحتاج إلى استيراد خرافات أو شعوذات من فلسفات وثنية غريبة.
حافظوا على دينكم، وكونوا يقظين لما يحاول البعض تسويقه من أفكار دخيلة، فسلامة العقيدة والأخلاق هي أساس بناء المجتمعات السليمة.
https://www.youtube.com/watch?v=LvFQICeDoE4