التحصين من الشعوذة وعلوم الطاقة الزائفة: تجربة واقعية ونصائح للأسر والمجتمع
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والنساء في مجتمعاتنا العربية مفاهيم وممارسات غريبة تحت مسميات مثل "علوم الطاقة"، "الاستشفاء الطاقي"، "الوعي الكو
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والنساء في مجتمعاتنا العربية مفاهيم وممارسات غريبة تحت مسميات مثل "علوم الطاقة"، "الاستشفاء الطاقي"، "الوعي الكوني"، "الريكي"، "الثيتا هيلينغ"، وغيرها من الدورات التي تدّعي تطوير الذات أو علاج الأمراض النفسية والجسدية بطرق غير علمية، وغالبًا ما تتعارض مع العقيدة الإسلامية. في هذا المقال، نستعرض تجربة واقعية لامرأة عايشت هذه التيارات، وتقدم نصائح عملية لكل أسرة وفتاة وشاب، ليكون المقال بمثابة دليل توعوي شامل يحذر من مخاطر هذه الممارسات ويبرز أهمية العودة للثوابت الدينية.
بداية الحكاية: من الفضول إلى المواجهة
تروي صاحبة التجربة أنها بدأت تلاحظ انتشار دورات الطاقة والتنمية البشرية بين معارفها، وسمعت عن أشخاص يدّعون القدرة على العلاج الروحاني أو كشف الغيب أو حتى التواصل مع "المرشد الروحي" أو "الملائكة". بعضهم يخلط بين قراءة القرآن وأذكار الرقية الشرعية وبين طقوس غريبة، أو يروج لمفاهيم دخيلة مثل "الطفل الداخلي" و"تكرار الأرقام" و"الشرنقة الروحية".
تقول: "لم أرتح لهذه الأمور منذ البداية، وكنت أراقب بحذر. وعندما حاول أحدهم أن يقرأ علي أو يدّعي أن لديه وسائط مع الجن، رفضت بشدة وقلت له: أنا مسلمة وقرآني يكفيني، أنت المريض ولستُ أنا. لا أحتاج لتجاربكم ولا لدوراتكم، ولا أبحث عن حلول سحرية لمشاكلي".
كيف يتسلل الخطر إلى البيوت؟
تحذر صاحبة التجربة من أن هذه الممارسات غالبًا ما تبدأ من باب الفضول أو الرغبة في حل مشكلة عاطفية أو أسرية أو نفسية. وتؤكد أن كثيرًا من الفتيات والشباب يدخلون هذه الدورات أو يتابعون حسابات "المعالجين" أو "المدربين" على وسائل التواصل الاجتماعي دون إدراك لخلفياتهم أو مصادرهم الفكرية.
تقول: "لاحظت أن أغلب من يلجأ للطاقة أو التاروت أو الأبراج هم من لديهم مشاكل زوجية أو عاطفية أو يبحثون عن حلول سريعة. لكن الحقيقة أنه لا يوجد أحد بلا مشاكل، حتى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم كانت هناك ابتلاءات واتهامات وصبر. لا تصدقوا أن هناك حياة بلا منغصات أو أن الطاقة ستجلب لكم السعادة أو تحقق لكم الأمنيات".
كيف تكتشف أن ابنك أو ابنتك تأثروا بهذه الأفكار؟
تشير المتحدثة إلى بعض العلامات التي قد تظهر على الأبناء أو البنات، مثل:
- كثرة الحديث عن "الطاقة" و"الوعي" و"التحرر من النسخة المزيفة".
- تكرار عبارات مثل: "أنا حر"، "أنا أريد أن أكتشف ذاتي الحقيقية"، أو "يجب أن أتحرر من برمجة الأهل والمجتمع".
- الاهتمام المفرط بالرموز (كاللوتس، الريشة، الألوان الطاقية)، أو وضع وشوم غريبة.
- متابعة حسابات أو قنوات تروج للتأملات أو اليوغا أو تكرار الأرقام أو التواصل مع "الكون".
- العزلة، أو رفض بعض العبادات أو القيم الدينية بحجة أنها "برمجة قديمة".
وتنصح الأمهات: "لا تستهيني بأي تغير في سلوك ابنك أو ابنتك، ولا تقولي هذه مرحلة مراهقة فقط. ابحثي واسألي وتثقفي، وإذا لاحظتِ شيئًا غريبًا لا يتفق مع ديننا أو عاداتنا، تدخلي فورًا".
حقيقة علوم الطاقة والتنمية البشرية الزائفة
تناول الحوار في البث عدة نقاط مهمة حول هذه الممارسات:
- مصادرها الفكرية: معظم مدارس الطاقة والتنمية البشرية الحديثة مستمدة من ديانات وثنية كالهندوسية والبوذية، أو من فلسفات العصر الجديد (New Age)، وغالبًا ما تروج لمفاهيم شركية مثل الاتحاد مع "الوعي الكوني" أو "الإله الداخلي".
- الاستدراج العقائدي: يبدأ الأمر غالبًا بتقنيات استرخاء أو تأمل أو "تنظيفات طاقية"، ثم يتدرج إلى أفكار خطيرة مثل التشكيك في العقيدة، أو ادعاء أن الإنسان يمكنه خلق قدره بنفسه، أو أن هناك قوى خارقة في داخله.
- الاستغلال المالي والنفسي: كثير من المدربين أو المعالجين يطلبون مبالغ طائلة مقابل جلسات أو دورات، ويستغلون ضعف الناس أو حاجتهم للحلول السريعة، دون تقديم أي علاج حقيقي أو نتائج ملموسة.
- النتائج النفسية والاجتماعية: تؤكد التجارب أن معظم من دخلوا هذه الدورات خرجوا منها بمشاكل نفسية أعمق، وشعور بالضياع، وأحيانًا باضطرابات في العقيدة أو العلاقات الأسرية.
نصائح عملية للأسر والشباب
- التحصين بالقرآن والسنة: لا يوجد علاج أو راحة أو شفاء أعظم من كتاب الله وسنة رسوله. من لم يُشفَ بالقرآن لن يُشفَى بأي طاقة أو دورة أو مدرب.
- عدم تسليم العقل لأي مدرب أو معالج: لا تثق بأي شخص يدّعي معرفة الغيب أو القدرة على الشفاء بطرق غير شرعية. حتى لو كان يتكلم باسم الدين، ابحث عن مصادره وتأكد من التزامه بالكتاب والسنة.
- التوعية والبحث: الأم المثقفة الواعية هي خط الدفاع الأول. اسألي وتعلمي وابحثي عن كل جديد يدخل بيتك أو حياة أبنائك.
- الصبر على الابتلاءات: لا يوجد بيت بلا مشاكل. لا تلجأوا للحلول السحرية أو الدورات المشبوهة، بل اصبروا وادعوا الله وتوكلوا عليه، واطلبوا العون من أهل العلم الثقات.
- الانتباه للرموز والمصطلحات: كثير من رموز الطاقة أو العبارات المستخدمة تحمل معاني عقائدية خطيرة. إذا لاحظتِ وشمًا أو رسمة غريبة أو تكرار عبارات غير مألوفة، اسألي عن معناها.
- عدم الانجرار وراء الفضول: لا تجربوا هذه الممارسات بدافع الفضول أو التحدي. كل من دخل هذا الباب خرج منه بخسائر نفسية أو دينية أو مالية.
- التواصل مع المختصين: إذا لاحظتِ تأثر ابنك أو ابنتك بهذه الأفكار، تواصلي مع مختصين في العقيدة أو علم النفس الإسلامي، وابتعدي عن المدربين المجهولين أو المدعين.
كلمة أخيرة: رسالتنا للأجيال القادمة
تختم صاحبة التجربة رسالتها بنداء مؤثر: "لا تفرطوا في دينكم ولا تفتحوا على أنفسكم أبواب الشك أو الوهم. نحن ورثنا ديننا من آبائنا وأجدادنا منذ 1400 سنة، فلا نكون الجيل الذي يُؤتى الإسلام من قبله. تمسكوا بالقرآن والسنة، وكونوا على بصيرة، ولا تتركوا دينكم ولا عقولكم لأي أحد. واجهوا هذه التيارات بالحكمة والموعظة الحسنة، وادعوا الله دائمًا بالثبات على الحق."
وتضيف: "كل من دخل في هذه الدورات أو الممارسات، غالبًا ما كان حسن النية يبحث عن حل لمشكلته، لكنه خرج منها بخيبة أمل أكبر. الحل في العودة إلى الله، والتمسك بالعقيدة الصحيحة، وعدم الانسياق وراء كل جديد أو غريب."
خلاصة
- علوم الطاقة والتنمية البشرية الزائفة ليست علماً ولا علاجاً، بل هي باب للضياع النفسي والعقائدي.
- التحصين الحقيقي يكون بالقرآن والسنة، وبالعقل الواعي، وبالصبر على الابتلاءات.
- دور الأسرة والمجتمع في التوعية والرقابة لا غنى عنه، ولا بد من مواجهة هذه الموجة بالحكمة والمعرفة.
- لا تفرطوا في دينكم ولا تبيعوه بوهم السعادة أو الشفاء السريع.
اللهم ردنا إليك ردًا جميلًا، واحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة، وارزقنا الثبات على الحق حتى نلقاك.
إذا استفدت من هذا المقال، شاركه مع من تحب، وانشر الوعي بين أهلك وأصدقائك. فالدين أمانة، والأجيال القادمة مسؤوليتنا جميعًا.
https://www.youtube.com/watch?v=pJFGglQkvz4