اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الثيتا هيلينغ: بين الحقيقة والخرافة – نظرة شرعية وعلمية

في السنوات الأخيرة انتشرت العديد من الممارسات الروحانية والعلاجات البديلة، ومن أبرزها ما يُعرف بـ"الثيتا هيلينغ" (Theta Healing)، والتي يدّعي مروّجوها

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة انتشرت العديد من الممارسات الروحانية والعلاجات البديلة، ومن أبرزها ما يُعرف بـ"الثيتا هيلينغ" (Theta Healing)، والتي يدّعي مروّجوها أنها تقنية علاجية تجمع بين التأمل والطاقة والبرمجة العقلية، بل ويذهب البعض إلى ربطها بالدين الإسلامي أو إعطائها طابعًا علميًا. في هذا المقال، نعرض لكم مراجعة علمية وشرعية شاملة حول هذه الممارسة، ونكشف أصولها، وأخطارها، والردود الشرعية حولها، مستندين إلى حوار موسع مع الشيخ د. عابد الهاشمي، المتخصص في الشريعة وتفسير القرآن الكريم.

ما هي الثيتا هيلينغ؟

الثيتا هيلينغ هي تقنية أسستها "فيانا ستيبال" التي جمعت فيها بين معتقدات شرقية (بوذية، كابالا) وبعض المصطلحات العلمية مثل موجات الدماغ (بيتا، ألفا، ثيتا، جاما)، وادعت أنها تواصلت مع "الخالق" عبر مستويات وجودية سبعة، وأن هذه التقنية قادرة على علاج الأمراض الجسدية والنفسية وتغيير الواقع الشخصي.

أصول الثيتا هيلينغ

إذا بحثنا في أصل هذه الممارسة نجد أنها ليست اكتشافًا علميًا جديدًا، بل هي إعادة صياغة لمعتقدات بوذية وكابالية قديمة، حيث تتحدث عن "مستويات الوجود السبعة" المشابهة للعوالم الستة في البوذية، كما تتفاخر المؤسسة بأنها تعلمت مع حكماء البوذية ودرست الكابالا. لكنها أعادت تقديم هذه الفلسفات بلغة علمية حديثة لتقنع الغرب، مستخدمة مصطلحات مثل "موجات الدماغ" لإضفاء طابع علمي زائف على معتقدات روحية باطلة.

هل الثيتا هيلينغ علم أم خرافة؟

رغم استخدام الثيتا هيلينغ لمصطلحات علمية، إلا أن جوهرها قائم على أفكار خرافية لا أساس لها من الصحة، مثل القدرة على التواصل مع أرواح الموتى أو تغيير القدر عبر التأمل، أو الوصول إلى "الخالق" عبر مستويات كونية. علميًا، لا يوجد دليل على أن هذه الممارسات تعالج الأمراض أو تغير الواقع، بل قد تسبب أضرارًا نفسية وجسدية مثل اضطراب النوم، الخمول، الإرهاق، أو حتى زيادة القلق والأمراض الجسدية نتيجة التعلق بالأوهام.

الثيتا هيلينغ والدين الإسلامي: الرد الشرعي

1. هل يمكن الوصول إلى الله عبر طقوس أو وسطاء؟

يؤكد الشيخ عابد الهاشمي أن الله سبحانه وتعالى غني عن خلقه، ولا يحتاج إلى وسطاء بينه وبين عباده، وأن كل من يدعي وجود طرق أو مستويات أو وسائط للوصول إلى الله غير ما جاء في الكتاب والسنة، فهو مبتدع وضال. يقول تعالى:

"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" (البقرة: 186)

ويضيف: "الله لم يجعل بينه وبين خلقه وسائط، وكل من صرف نوعًا من العبادة لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر، سواء كان ذلك لملَك أو نبي أو حتى ذرات الكون أو الكواكب".

2. هل التشابه بين بعض الأرقام أو الرموز في الإسلام وهذه الممارسات دليل على صحتها؟

يستغل مروجو الثيتا هيلينغ وبعض مدارس الطاقة تشابه الأرقام (كالرقم 7: سبع سماوات، سبع آيات الفاتحة، سبع أشواط الطواف...) ليزعموا أن هذه الممارسات لها أصل في الإسلام، وهذا باطل. فهذه الأرقام جاءت في الشرع بأوامر إلهية واضحة، ولا يجوز القياس عليها لإدخال طقوس وثنية أو فلسفات هندوسية تحت غطاء إسلامي. قال تعالى:

"أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" (الشورى: 21)

3. هل يمكن استحضار الأرواح أو التواصل مع الملائكة أو الأنبياء؟

يدّعي بعض ممارسي الثيتا هيلينغ أنهم يتواصلون مع أرواح الأنبياء أو الملائكة أو حتى "أرواح تائهة". يرد الشيخ عابد بأن هذا من أبطل الباطل، وهو من عقائد الحلول والاتحاد الباطلة. فالروح من أمر الله، ولا يمكن لأحد أن يتحكم فيها أو يعيدها للدنيا، ولا يجوز الاستعانة بغير الله في قضاء الحوائج، حتى لو كان ملكًا أو نبيًا. قال تعالى:

"ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" (الإسراء: 85)

4. هل الشياطين تتشكل على هيئة الأنبياء أو الصالحين؟

يعتقد بعضهم أن ما يظهر لهم في التأملات من صور أو أصوات على أنها أنبياء أو مريم العذراء أو غيرهم هم فعلاً كذلك، ويستندون إلى حديث "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي". يوضح الشيخ أن هذا خاص برؤية النبي محمد ﷺ في المنام، وأن الشياطين قد تتشكل في اليقظة بأشكال مختلفة وتوهم الإنسان بأنها أنبياء أو صالحين، وهذا من تلاعب الشياطين بالناس.

أضرار الثيتا هيلينغ وممارسات الطاقة

  • أضرار صحية: اضطرابات النوم، إرهاق، خمول، أو نشاط زائد يؤدي إلى أرق، اضطراب في الهرمونات.
  • أضرار نفسية: زراعة أفكار وهمية، غسيل دماغ، إدخال معتقدات باطلة، تعلق بالأوهام.
  • أضرار عقدية: الوقوع في الشرك، الاستعانة بغير الله، التشبه بالوثنيات والهندوسيات.
  • تفكك أسري واجتماعي: الانعزال عن الأهل، ضياع الوقت والمال، تدمير العلاقات الأسرية.

تحريف المفاهيم الدينية

يحذر الشيخ عابد من محاولات بعض المدربين "أسلمة" هذه الطقوس عبر تغيير المسميات، أو الاستشهاد بآيات قرآنية خارج سياقها، أو ربط الطقوس الوثنية بمفاهيم إسلامية (كالنور، الشاكرات، اللوح المحفوظ...). وهذا تحريف للقرآن والسنة، ولا يجوز اتباعه أو تصديقه.

كيف نحمي أنفسنا وأهلنا؟

  • الرجوع للكتاب والسنة: لا يجوز أخذ الدين من غير مصادره الصحيحة أو من أشخاص غير مؤهلين.
  • عدم حضور أو متابعة البثوث والبرامج التي تروج لهذه الممارسات: لأن الشبهات خطافة والقلوب ضعيفة.
  • طلب العلم الشرعي من أهله: والاستفسار عن كل ما يشكل علينا من العلماء الثقات.
  • التحصين بالأذكار والدعاء: والاعتماد على الله وحده في قضاء الحاجات.
  • الحذر من الانخداع بمسميات جديدة أو تغليف الباطل بغلاف إسلامي.

الخلاصة

الثيتا هيلينغ وغيرها من مدارس الطاقة ليست إلا إعادة تدوير لمعتقدات وثنية وهندوسية وبوذية، غُلّفت بمصطلحات علمية أو إسلامية لخداع الناس. لا أصل لها في الإسلام، بل هي باب من أبواب الشرك والضلال، وتؤدي إلى أضرار نفسية وجسدية وعقدية خطيرة. واجبنا كمسلمين أن نتمسك بديننا ونحذر من هذه الممارسات، وأن نربي أبناءنا على العقيدة الصحيحة، وننصح كل من وقع في هذه الطرق أن يتوب إلى الله ويستغفره، ويعود إلى الطريق المستقيم.

قال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" (آل عمران: 85)

نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

مصادر موثوقة لمزيد من القراءة:

  • القرآن الكريم
  • السنة النبوية الصحيحة
  • كتب العقيدة الإسلامية
  • فتاوى العلماء الربانيين

كتبه: فريق التحرير – بإشراف الشيخ د. عابد الهاشمي

https://www.youtube.com/watch?v=manyT0BGPXA

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك