اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

التأمل بين المفهوم الإسلامي والممارسات الدخيلة: رؤية نقدية

في السنوات الأخيرة، انتشر الحديث عن التأمل كوسيلة للاسترخاء والصفاء الذهني، بل وأصبح البعض ينسب هذه الممارسة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم والأنبي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشر الحديث عن التأمل كوسيلة للاسترخاء والصفاء الذهني، بل وأصبح البعض ينسب هذه الممارسة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، ويزعم أنها جزء من التراث الإسلامي. في هذا المقال، سنناقش هذه الادعاءات من منظور نقدي، ونوضح الفرق بين التأمل كممارسة دخيلة وبين العبادات الإسلامية الأصيلة.

التأمل: المفهوم والمصدر

التأمل كما يُمارس اليوم في كثير من الثقافات الشرقية، وخاصة في الديانات الهندوسية والبوذية، هو ممارسة تعتمد على الجلوس في وضعية معينة، إغلاق العينين، محاولة إيقاف التفكير، والتركيز على التنفس أو ترديد عبارات معينة. الهدف الأساسي هو إسكات الحواس والعقل للوصول إلى حالة من الصفاء الذهني أو الروحي.

أما في الإسلام، فمفهوم العبادات يختلف اختلافًا جوهريًا عن هذه الممارسات. العبادات الإسلامية قائمة على الذكر، الدعاء، الصلاة، التفكر في خلق الله، والتأمل في آياته الكونية والشرعية، وليس على إفراغ العقل أو الانفصال عن الواقع.

الادعاء بنسب التأمل للنبي صلى الله عليه وسلم

يستند بعض المروجين للتأمل إلى قصة خلوة النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء قبل البعثة، ويزعمون أنه كان يمارس التأمل هناك. لكن عند مطالبتهم بالدليل من القرآن أو السنة على أن ما كان يفعله النبي هو التأمل بمفهومه الحالي، يعجزون عن تقديم أي نص صريح أو حتى ضعيف يثبت ذلك.

ما ورد في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان "يتحنث" في غار حراء، أي يتعبد ويبتعد عن الشرك وأهل الجاهلية، متفكرًا في خلق الله، وليس جالسًا جلسة وثنية أو يمارس طقوس التأمل كما هو شائع اليوم.

أين الدليل؟

عند مناقشة هذه المسألة، من المهم أن نطلب الدليل ممن يدعي أن التأمل عبادة إسلامية أو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمارسها. فالأصل في الأمور التعبدية التوقيف، أي أن نثبت العبادة بنص شرعي صحيح. لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين أو الأئمة أنهم جلسوا جلسة التأمل المعروفة اليوم، أو مارسوا هذه الطقوس.

ولو كان التأمل عبادة عظيمة أو وسيلة مشروعة للتقرب إلى الله، لنُقلت إلينا بالتواتر، ولحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، كما حثهم على الذكر والصلاة وقراءة القرآن.

التأمل ليس استرخاءً

يحاول البعض التخفيف من شأن التأمل ويقولون إنه مجرد استرخاء، لكن هذا غير صحيح. الاسترخاء الطبيعي يحدث بعد يوم شاق، عندما يعود الإنسان إلى بيته، يجلس مع عائلته، يخرج إلى الطبيعة، أو يمارس هواية محببة. أما التأمل فهو ممارسة مقصودة، تتطلب وقتًا وجهدًا، وغالبًا ما تكون مرتبطة بطقوس واعتقادات دخيلة على الإسلام.

التأمل: ممارسة وثنية أم عبادة مشتركة؟

الحقيقة أن التأمل بمفهومه الحالي ممارسة وثنية قديمة، تعود جذورها إلى ديانات شرق آسيا، مثل الهندوسية والبوذية، حيث يمارسها الكهنة والرهبان لتحقيق حالات روحية معينة. فلماذا يحاول البعض نسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء، بدلاً من نسبتها إلى أصحابها الأصليين؟

الجواب يكمن في محاولة استمالة مشاعر المسلمين، وربط ممارسة دخيلة بحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى يتقبلوها دون تمحيص أو تدقيق.

خلاصة ونصيحة

من المهم أن نميز بين العبادات الإسلامية الأصيلة والممارسات الدخيلة التي قد يروج لها البعض دون دليل شرعي. التأمل بمفهومه المنتشر اليوم ليس من الإسلام في شيء، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أو السلف الصالح. بل هو ممارسة دخيلة ذات جذور وثنية.

لذا، على المسلم أن يتحرى الدليل في كل أمر يتعلق بدينه، وألا ينخدع بمحاولات نسب بعض الممارسات إلى الإسلام دون بينة. فالعبادات توقيفية، ولا يجوز إحداث شيء فيها دون دليل صحيح.

احذروا من هذه الخديعة، وبارك الله فيكم.

https://www.youtube.com/watch?v=zalCb5Bs80M

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك