اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الطاقة الكونية: كشف الحقيقة وراء الممارسات الروحية الحديثة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين المجتمعات العربية والإسلامية موجة من الممارسات الروحية تحت مسميات مثل "الطاقة الكونية"، "العلاج بالطاقة"، "الشاكرات"، "

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين المجتمعات العربية والإسلامية موجة من الممارسات الروحية تحت مسميات مثل "الطاقة الكونية"، "العلاج بالطاقة"، "الشاكرات"، "الوعي الكوني"، وغيرها من المصطلحات المستوردة من ثقافات شرقية وغربية. يُروَّج لهذه المفاهيم على أنها علوم حديثة أو وسائل علاجية أو طرق لتطوير الذات، بل أحيانًا يتم تقديمها على أنها لا تتعارض مع الدين الإسلامي، أو حتى أنها جزء من روحانيته! فما حقيقة هذه الممارسات؟ وما أصلها؟ وما مخاطرها على العقيدة والصحة النفسية والجسدية؟

في هذا المقال، سنكشف الجذور الحقيقية لفلسفة الطاقة الكونية، ونوضح كيف تم تسويقها للعالم الإسلامي، وما هي علاقتها بالأديان الشرقية الباطنية، وما المخاطر العقدية والصحية المترتبة عليها.

1. بداية الرحلة: من أين جاءت فلسفة الطاقة؟

تعود جذور فكرة الطاقة الكونية إلى العقائد الباطنية في الهندوسية والبوذية والطاوية وغيرها من الديانات الشرقية القديمة. هذه الديانات تؤمن بوجود "قوة كونية" أو "طاقة روحية" تسري في الكون وفي الإنسان، وأن الإنسان يستطيع من خلال ممارسات معينة (كاليوغا، التأمل، الترانيم، الطقوس، الرموز، القرابين...) أن يتصل بهذه الطاقة أو يتحكم فيها، بل ويصل إلى "الاستنارة" أو "الاتحاد بالمطلق" (أي الاتحاد مع الإله أو الكون في عقيدتهم).

مع تطور حركة "العصر الجديد" (New Age) في الغرب، تم دمج هذه الفلسفات الشرقية مع نظريات نفسية حديثة، وتمت إعادة تغليفها وتقديمها للعالم على أنها علوم إنسانية أو علاجات بديلة أو وسائل لتطوير الذات، بعيدًا عن أصولها الدينية الوثنية. ثم دخلت إلى المجتمعات الإسلامية عبر مدربين ودورات وكتب ومقاطع فيديو، وغالبًا ما يتم ربطها بكلمات براقة مثل "التحرر من الصدمات"، "العلاج بالطاقة"، "الوعي الذاتي"، "جذب الوفرة"، وغيرها.

2. كيف تم تسويق الطاقة الكونية في العالم الإسلامي؟

لم يدخل دعاة الطاقة الكونية إلى مجتمعاتنا بلباس الكهنة أو برموز الديانات الشرقية، بل دخلوا بلباس عصري، وتحدثوا بلغتنا، وادعوا أنهم يقدمون علماً أو علاجاً أو تطويراً للذات. بل الأخطر من ذلك، أنهم أحياناً يربطون هذه الممارسات بالدين الإسلامي، فيقولون: "الصلاة تأمل"، أو "الطاقة الكونية هي من فيض الله"، أو "كل الأديان في جوهرها واحد"، وغيرها من العبارات المضللة التي تخلط الحق بالباطل.

في البداية، يتم تقديم هذه الممارسات على أنها طرق للاسترخاء أو التأمل أو التخلص من التوتر، ثم شيئاً فشيئاً يتم إدخال المتدرب في طقوس وعبادات شرقية (ترديد الترانيم، ممارسة اليوغا، التعامل مع الشاكرات، استخدام الرموز، تقديم القرابين، استحضار الأرواح أو "المرشد الروحي"، الخ). وهنا يبدأ الخطر الحقيقي: فهذه ليست مجرد تمارين نفسية أو رياضية، بل هي طقوس دينية شركية في أصلها، حتى وإن لم يدرك الممارس ذلك في البداية.

3. حقيقة "الوعي" و"الطاقة" في الفلسفات الشرقية

من المهم أن نفهم أن كلمة "الوعي" في الفلسفات الشرقية لا تعني الإدراك أو الوعي الذهني كما نفهمه في علم النفس الحديث، بل تعني "الاتصال بالمطلق"، أي الوصول لحالة روحية يذوب فيها الإنسان في "الكل" أو "الإله" أو "الكون". كذلك، "الطاقة" ليست مفهوماً فيزيائياً علمياً، بل هي "روح براهمان" أو "جوهر الكون" في عقيدة الهندوس والبوذيين.

كل كتبهم المقدسة، وكل تعاليمهم، تركز على أن الهدف النهائي هو "الاستنارة" أو "الاتحاد بالمطلق"، أي أن يصبح الإنسان جزءاً من الإله أو الكون، ويذوب فيه، ويفقد هويته الفردية والدينية. وهذا هو جوهر الشرك بالله في العقيدة الإسلامية، حيث يتم نفي التوحيد وخلط المخلوق بالخالق.

4. التشريح الروحي والشاكرات: خرافة أم علم؟

من أشهر المفاهيم التي يتم تسويقها اليوم: "الشاكرات"، "الهالة"، "الجسد الأثيري"، "الطاقة الحيوية"، وغيرها. ويزعم المدربون أن هذه مراكز طاقة في جسم الإنسان، وأنها تؤثر على صحته النفسية والجسدية، وأنه يمكن "فتحها" أو "تنظيفها" أو "تفعيلها" من خلال طقوس معينة.

الحقيقة أن هذه المفاهيم لا أصل لها في العلم التجريبي، ولم يثبت وجودها بأي وسيلة علمية أو طبية. بل هي جزء من التشريح الروحي في الديانات الشرقية، حيث يتم تقسيم الإنسان إلى أجساد متعددة (مادي، أثيري، نجمي، عقلي، روحي...)، ولكل منها طقوسه وعباداته ومعتقداته. وكل من يمارس هذه الطقوس، دون أن يدري، يدخل في دائرة العبادات الوثنية والشركية.

5. مخاطر الطاقة الكونية: على الدين والعقل والصحة

  • خطر على العقيدة: كل من يمارس هذه الطقوس أو يصدق بهذه الفلسفات، دون أن يشعر، قد يقع في الشرك بالله أو في البدع الخطيرة، خاصة إذا اعتقد أن الكون أو الطاقة أو الشاكرات تنفع وتضر من دون الله، أو أن الإنسان يستطيع أن يتحكم في قدره أو يستغني عن الله، أو أن هناك وسطاء بينه وبين الله من الأرواح أو الملائكة أو المرشدين الروحيين.
  • خطر على الصحة النفسية والجسدية: كثير من الممارسين لهذه الطقوس يعانون من اضطرابات نفسية، أو يبتعدون عن العلاج الطبي الحقيقي، أو يدخلون في حالات من الوسواس أو الهلاوس أو الانفصال عن الواقع، أو حتى يتعرضون للاستغلال المالي من قبل المدربين.
  • خطر على المجتمع والأسرة: هذه الممارسات تزرع أفكاراً غريبة عن المجتمع والدين، وقد تؤدي إلى تفكك العلاقات الأسرية، أو التمرد على القيم والأخلاق، أو الانعزال عن المجتمع، أو حتى الانجراف نحو الإلحاد أو عبادة الشياطين.

6. لماذا ينجذب الناس لهذه الممارسات؟

غالبًا ما يكون السبب هو الجهل بحقيقة هذه الفلسفات، أو البحث عن حلول سريعة للمشاكل النفسية أو الصحية، أو الانبهار بالكلام البراق والشهادات المزيفة، أو حتى الرغبة في التميز والاختلاف. كما أن بعض المدربين يستغلون حاجة الناس ويقدمون دورات بأسعار فلكية، ويوهمونهم أنهم سيحققون السعادة أو الشفاء أو النجاح من خلال هذه الطقوس.

7. الرد العلمي والشرعي

  • من الناحية العلمية: لا يوجد أي دليل علمي تجريبي على وجود الشاكرات أو الهالة أو الطاقة الكونية كما يروج لها. كل ما يقال عن نتائج علاجية هو إما تأثير نفسي (بلاسيبو) أو وهم أو استغلال لحالات التحسن الطبيعي.
  • من الناحية الشرعية: كل هذه الممارسات تدخل في باب الشرك أو البدع أو التشبه بعبادات غير المسلمين، وقد حذر العلماء منها، وبيّنوا خطورتها على العقيدة.

8. ماذا نفعل؟ كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

  • التوعية: يجب نشر الوعي بين الناس بحقيقة هذه الممارسات، وبيان أصولها الدينية الوثنية، وخطرها على الدين والصحة.
  • العودة للعلم الصحيح والدين الحق: يجب الاعتماد على العلاج الطبي الصحيح، وعلى تعاليم الإسلام في تحقيق السكينة والطمأنينة، من خلال الصلاة والدعاء والذكر والتوكل على الله.
  • عدم الانبهار بالمظاهر أو الألقاب: ليس كل من ادعى العلم أو الروحانية أو التطوير الذاتي هو صادق أو مؤهل.
  • سؤال أهل العلم: عند الشك أو الحيرة، يجب الرجوع إلى العلماء الثقات، وعدم اتباع كل جديد دون تمحيص.

الخلاصة

الطاقة الكونية ليست علماً ولا علاجاً ولا تطويراً للذات، بل هي فلسفة دينية وثنية، تسعى لإدخال الناس في دائرة الشرك بالله، وإبعادهم عن التوحيد الخالص. كل من يمارس هذه الطقوس أو يروج لها، فهو إما جاهل بحقيقتها أو مستغل لحاجة الناس، أو متورط في نشر البدع والشركيات.

حافظوا على دينكم وعقولكم وصحتكم، وعودوا إلى الله بقلوب صافية، واطلبوا السكينة والشفاء من خالقكم وحده، فهو القادر على كل شيء.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أخلص نياتنا وأعمالنا واجعلها خالصة لوجهك الكريم، ونجنا وأهلنا وأحبابنا من كل شر وفتنة.

شاركوا هذا المقال مع من تحبون، فقد يكون سبباً في إنقاذ نفس أو أسرة من الوقوع في هذه الفتن، ولا تعلم بأي عمل تدخل الجنة.

https://www.youtube.com/watch?v=gnDSKWw64Ww

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك