الطاقة الكونية و"طاقة الأنوثة": بين الحقيقة والخرافة
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بما يُسمى "الطاقة الكونية" و"طاقة الأنوثة" بين الفتيات والشباب على حد سواء. كثيرون يعتقدون أن ه
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بما يُسمى "الطاقة الكونية" و"طاقة الأنوثة" بين الفتيات والشباب على حد سواء. كثيرون يعتقدون أن هذه المفاهيم تحمل حلولاً سحرية للمشكلات النفسية والاجتماعية، وتعدهم بتحقيق السعادة والنجاح من خلال تمارين التأمل، وقانون الجذب، وتمارين الطاقة مثل الريكي، والسيتا، واليوغا، وغيرها. لكن ما حقيقة هذه المفاهيم؟ وما مدى خطورتها على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية؟
ما هي الطاقة الكونية؟
يظن البعض أن الطاقة الكونية تتعلق بالتأمل، والكاريزما، وقانون الجذب، ورفع الاستحقاق، وفك التعلق، وتوأم الشعلة، والعلاجات الروحية، وتمارين الطاقة المختلفة. يربطها آخرون بمفاهيم مثل الوعي والتحرر من الصدمات النفسية، وعلاج الطفل الداخلي، وجراح الأب والأم، وجراح الأسلاف، وصعود سلم الوعي. كما يروج لها البعض باعتبارها نوعاً من "الطب الشعوري" أو "العلاج المشاعري" مثل تقنية الـEFT وتنظيف البلوكات، بالإضافة إلى تمارين التنفس العميق، والتأمل في القمر والشمس والكواكب، وحتى التواصل مع الملائكة والكائنات النورانية.
هذه المفاهيم تبدو مغرية للبعض، خاصة مع وعودها بتحقيق التوازن النفسي والروحي، لكنها في حقيقتها خليط من الفلسفات الشرقية القديمة، والمعتقدات الباطنية، وحركات العصر الجديد (New Age) التي لا تستند إلى أساس علمي أو ديني صحيح.
طاقة الأنوثة: المفهوم والخطر
من أكثر المفاهيم التي انتشرت مؤخراً بين الفتيات ما يسمى "طاقة الأنوثة" و"رفع الاستحقاق". يروج لهذا المفهوم بعض مدربي التنمية البشرية والطاقة، ويزعمون أن المرأة بحاجة لتحرير نفسها من الخجل والعار، ورفع مستوى تقديرها لذاتها حتى تستطيع أن تجذب الشريك المناسب وتحقق ما تريد في الحياة.
يحذر كثير من المختصين من خطورة هذا المفهوم، فهو في جوهره مستمد من الفلسفات الشرقية مثل الين واليانغ (الازدواجية)، ووحدة الوجود، والغنوصية الباطنية. كما أنه يروج لفكرة أن المرأة يجب أن تتخلص من كل ما تعتبره "عاراً" أو "خجلاً"، حتى تعيش بحرية مطلقة، دون قيود دينية أو اجتماعية.
في الحقيقة، هذه الدعوات تؤدي إلى فقدان الحياء، وتفكيك الروابط الأسرية، وزرع أفكار الاستقلالية المفرطة التي قد تدفع الفتاة للتمرد على أهلها ومجتمعها، بل وحتى الهجرة وترك الأسرة. وتحت شعار "طاقة الأنوثة" يتم الترويج لممارسات مشبوهة، بل أحياناً تُستخدم كذريعة لترويج مفاهيم غير أخلاقية.
فلسفة "الرحم المقدس" وخطرها
من أخطر ما انتشر في هذا السياق، ما يسمى بفلسفة "الرحم المقدس". وهي فكرة مأخوذة من الفلسفات الفرعونية القديمة، حيث يتم إجراء "تأملات" خاصة لإحياء "روح إيزيس"، الإلهة المصرية القديمة، بزعم تفعيل طاقة الرحم ومفتاح الحياة لدى النساء. في الحقيقة، هذه الممارسات ليست سوى نوع من أنواع الشعوذة والسحر، وقد تؤدي إلى اضطرابات هرمونية ونفسية خطيرة، مثل زيادة التمرد والغضب، والتأثير السلبي على الدورة الشهرية، وحتى تشويه صورة الرجل والأسرة في ذهن الفتاة.
تروج هذه الفلسفة لفكرة أن المرأة تستطيع أن تحقق كل شيء بنفسها، دون الحاجة للرجل أو الأسرة، وأنها إذا اتحدت مع "الرحم المقدس" تستطيع أن تجذب الحياة التي تريدها وتعيش باستقلالية تامة. هذه الأفكار لا تستند إلى أي أساس علمي أو ديني، بل هي ممارسات خطيرة قد تضر بالصحة النفسية والجسدية والاجتماعية للمرأة.
نصيحة للفتيات: العودة للفطرة والدين
من المهم أن تدرك كل فتاة أن قيمتها ليست في "طاقة الأنوثة" أو "تحرير العار"، بل في حيائها واحترامها لذاتها وأهلها ودينها. القوة الحقيقية للمرأة ليست في الحرية المطلقة أو التمرد، بل في الحياء والاحترام والالتزام بتعاليم الدين والفطرة السليمة.
كلما زاد احترام المرأة لنفسها ولدينها ولأسرتها، زادت محبتها لنفسها وقوتها الحقيقية. لا تنخدعي بالشعارات البراقة التي يروج لها مدربو الطاقة والتنمية البشرية، فالكثير منها يهدف لتفكيك الأسرة وزرع أفكار غريبة عن مجتمعنا وديننا.
الخلاصة
مفاهيم الطاقة الكونية وطاقة الأنوثة والرحم المقدس وغيرها من الفلسفات الباطنية، ليست سوى خرافات لا أساس لها من الصحة، بل تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية. الطريق الصحيح للسعادة والتوازن هو التمسك بالدين والفطرة، واحترام الذات والأسرة، والابتعاد عن كل ما يخالف تعاليم الله ورسوله.
كوني على طبيعتك، واعتزي بأنوثتك وحيائك، ولا تسمحي لأحد أن يزرع فيك أفكاراً غريبة أو ممارسات مشبوهة تحت أي مسمى.
https://www.youtube.com/watch?v=JgD8MG_4N9E