اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الطاقة الروحانية ومفاهيمها: بين الأصالة الإسلامية وخطر الاستبدال

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم وممارسات متعلقة بالطاقة الروحانية وطقوسها بين كثير من الناس، حتى وصلت إلى المجتمعات الإسلامية. وقد أصبحنا نرى ترويجً

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
3 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم وممارسات متعلقة بالطاقة الروحانية وطقوسها بين كثير من الناس، حتى وصلت إلى المجتمعات الإسلامية. وقد أصبحنا نرى ترويجًا واسعًا لما يسمى بـ"مدربي الطاقة" أو "معلمي الوعي"، الذين يقدمون تعاليم وطقوسًا مأخوذة في الأصل من معتقدات وثنية وديانات شرقية، ويحاولون دمجها أو استبدالها بمفاهيم وعبادات الدين الإسلامي.

الفرق الجوهري بين الإسلام ومفاهيم الطاقة

الإسلام دين قائم على عقيدة راسخة وتشريع فطري وعادل، يعتمد على العقل في التكليف، ويحدد للمسلم ما يجب فعله وما يجب تركه. أما ما يروج له بعض مدربي الطاقة، فهو تحويل الدين إلى منظومة روحانية غامضة، مليئة بالرموز والكائنات اللطيفة والأرواح الطائرة فوق السحاب، مع التركيز على مفاهيم مثل "الوعي المطلق" و"النورانية"، وهي مفاهيم دخيلة لا تمت للإسلام بصلة.

استبدال المفاهيم الإسلامية بمفاهيم دخيلة

من أخطر ما يحدث في هذا المجال هو استبدال المفاهيم الإسلامية الأصيلة بمفاهيم دخيلة، مثل:

  • مفهوم الكارما: حيث يتم استبدال قول الله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره" بمفهوم الكارما الهندوسي، الذي يربط بين الأفعال ونتائجها بطريقة تختلف عن المفهوم الإسلامي للثواب والعقاب.
  • التأمل السكوني: بدلاً من التدبر والتفكر في خلق الله، كما أمرنا الله في القرآن، يتم الترويج لفكرة التأمل التي تعتمد على إفراغ العقل تمامًا وعدم التفكير، وهو ما يتعارض مع دعوة الإسلام لإعمال العقل والتدبر.
  • المانترا والتوكيدات اللفظية: يتم استبدال قراءة القرآن والأذكار والاستغفار بترديد عبارات مثل "أوم" أو توكيدات لفظية وكتابية لا أصل لها في الدين الإسلامي.
  • مفهوم تناسخ الأرواح: يتم استبدال الإيمان بالموت والبعث والحساب بمفاهيم مثل السمسارة وتناسخ الأرواح، وهي عقائد غريبة عن الإسلام.
  • قانون الجذب والاستحقاق: يروج البعض لفكرة أن الإنسان هو من يصنع مصيره ويغير واقعه بإرادته فقط، متجاهلين أن الله هو المدبر والمقدر للأرزاق والأحداث، كما قال تعالى: "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله".
  • اليوغا كبديل للصلاة: يتم الترويج لليوغا على أنها وسيلة للتواصل مع الخالق، في حين أن الصلاة في الإسلام عبادة محددة الأركان والشروط، ولها وقت وهيئة مخصوصة بنصوص شرعية.
  • إلغاء مفهوم الحلال والحرام: من خلال الترويج لفكرة "عدم الحكم على الأمور" وأن كل شيء مباح، يتم إلغاء مفهوم الحلال والحرام والعدل والظلم، ويفقد الإنسان البوصلة الأخلاقية التي أرساها الإسلام.

خطر استبدال الدين

ما يحدث اليوم هو محاولة لتغيير جوهر الدين الإسلامي، ليس فقط من خلال تغيير بعض المظاهر أو العبادات، بل باستبدال الدين نفسه بدين جديد سهل وخالٍ من التكاليف، دين مليء بالروحانيات الزائفة، لا يوجد فيه ثواب أو عقاب، ولا بعث أو حساب، ولا حتى مفهوم واضح للإله. بل يصل الأمر أحيانًا إلى تاليه الإنسان لنفسه، فلا حاجة لتعاليم أو تكاليف دينية.

للأسف، نجد أن كثيرًا من المتعلمين والمثقفين ينجذبون إلى هذه المفاهيم، وينسون قول الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا". فيستبدلون دين التوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدين وثني لا تكليف فيه، ويظنون أنهم يقدمون خيرًا للناس، وهم في الحقيقة يقعون في قول الله تعالى: "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا".

كيف يحدث الانجراف نحو هذه المفاهيم؟

غالبًا ما يبدأ الأمر من بوابة التنمية البشرية، حيث يدخل الإنسان المسلم العادي، الذي قد يكون مقصرًا في بعض العبادات، لكنه يظل ملتزمًا بأخلاقيات الإسلام. ومع الوقت، يبدأ بتبني هذه المفاهيم تدريجيًا حتى يبتعد عن الدين شيئًا فشيئًا، وربما يترك الصلاة ولا يؤمن بالأنبياء، ويتبنى عقائد غريبة، ويهون على نفسه المعاصي، بل حتى الكبائر.

نصيحة للقراء

من المهم أن ننتبه إلى خطورة استبدال المفاهيم والعبادات الإسلامية بمفاهيم دخيلة وغريبة عن ديننا. يجب أن نتمسك بديننا كما أنزله الله، وأن نعود إلى القرآن والسنة في فهم العبادات والمعاملات، وألا ننخدع بالبريق الزائف للروحانيات المستوردة. فديننا كامل، كما قال الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم"، ولا يحتاج إلى إضافات أو استبدالات.

حفظ الله ديننا من كل تحريف، وهدانا جميعًا إلى الصراط المستقيم.

https://www.youtube.com/watch?v=eeGaI5ROfng

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك