اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

التربية الواعية في عصر التحديات: كيف نحمي أبناءنا من مفاهيم الطاقة والطقوس الوافدة؟

في عصرنا الحالي، يواجه الأبناء والأسر تحديات غير مسبوقة في التربية، خاصة مع انتشار مفاهيم وممارسات جديدة مثل مدارس الطاقة، اليوغا، والتأمل، والتي تتغل

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في عصرنا الحالي، يواجه الأبناء والأسر تحديات غير مسبوقة في التربية، خاصة مع انتشار مفاهيم وممارسات جديدة مثل مدارس الطاقة، اليوغا، والتأمل، والتي تتغلغل في مجتمعاتنا تحت مسميات الرياضة أو التطوير الذاتي، بينما تحمل في طياتها أصولاً فلسفية وعقائدية دخيلة. لذا بات من الضروري أن يتسلح الآباء والأمهات بالوعي والمعرفة لحماية أبنائهم وتوجيههم نحو العقيدة الصحيحة.

أهمية التمسك بالثوابت الدينية

من المؤسف أن بعض الأشخاص يستبدلون ما هو خير بما هو أدنى، فيتركون كتاب الله وسنة نبيه ويبحثون عن حلول أو طقوس أقل قيمة، بل وربما تحمل في طياتها مخالفات شرعية. إن الثقة بالله والاعتماد على هديه هو الأساس في مواجهة أي تحديات فكرية أو روحية، كما يظهر في موقف الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما واجه زينة الفرس ومغرياتهم، فلم يتأثر قلبه ولم يبدل دينه بمتاع الدنيا.

مخاطر ممارسات الطاقة والطقوس الوافدة

هناك اعتقاد شائع بأن بعض مدارس الطاقة أو التأمل تقرب الإنسان من الله أو تزيد من خشوعه. لكن الحقيقة أن هذه الممارسات غالبًا ما تكون استدراجًا من الشيطان، حيث يترك الإنسان يظن أنه في حالة صفاء روحي، بينما هو في الواقع يبتعد عن جوهر العبادة الحقيقية. فالخشوع الحقيقي والتقرب إلى الله لا يكون إلا من خلال الصلاة والذكر والعبادات المشروعة، وليس عبر طقوس أو تمارين ذات أصول وثنية أو فلسفية غريبة.

اليوغا: رياضة أم طقس ديني؟

من أكثر الممارسات انتشارًا اليوم هي اليوغا، والتي يظن الكثيرون أنها مجرد رياضة مفيدة للجسم. لكن الحقيقة أن اليوغا في أصلها طقس تعبدي هندوسي، وكل حركة أو وضعية فيها تحمل دلالة روحية أو رمزية لإله من آلهتهم. حتى طريقة التنفس، الجلسات، الموسيقى، الشموع، والبخور كلها جزء من طقوسهم الدينية. لذا، لا يجوز ممارسة اليوغا كطقوس أو حتى كرياضة إذا كانت تحمل هذه الرموز. أما تمارين الاستطالة أو الاسترخاء في نهاية الحصص الرياضية، فهي شيء مختلف تمامًا ولا علاقة لها باليوغا إذا خلت من الطقوس والمعتقدات.

التمييز بين الرياضة والطقوس

من المهم أن يفرق المدربون والمتدربون بين التمارين الرياضية البحتة وبين الطقوس الدينية. فتمارين الإحماء والاستطالة والاسترخاء هي جزء من أي نشاط رياضي ولا تحمل أي دلالة روحية أو فلسفية، طالما لم تتضمن رموزًا أو طقوسًا خاصة. أما إذا لاحظت وجود طقوس مثل جلسة زهرة اللوتس، ترديد عبارات غريبة، أو إشعال الشموع والبخور، فهذا مؤشر على أن الأمر خرج عن كونه رياضة ودخل في نطاق الطقوس الدينية.

دور الأسرة في التربية والتوعية

الأسرة هي الأساس في غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأبناء، خاصة في السنوات الأولى من حياتهم. فالطفل في سن العاشرة مثلًا يكون في مرحلة بناء القيم والمفاهيم، ويحتاج إلى توجيه مباشر من والديه، وليس مجرد رقابة عن بعد. من الضروري أن يكون هناك حوار مفتوح مع الأبناء حول ما يشاهدونه أو يسمعونه، وتوضيح ما هو صحيح وما هو دخيل أو خاطئ.

كما يجب على الآباء والأمهات مراقبة المحتوى الذي يتعرض له أبناؤهم، سواء في التلفاز أو الإنترنت أو حتى في المدارس، وتوضيح خطورة بعض الممارسات أو الأفكار التي قد تبدو بريئة في ظاهرها لكنها تحمل مضامين خطيرة. ولا يكفي المنع وحده، بل يجب أن يترافق مع التوعية والحوار وغرس القيم الدينية الصحيحة.

دور المعلمين والمؤسسات التعليمية

المعلمون والمعلمات، خاصة في المرحلة الابتدائية، يقضون وقتًا طويلًا مع الأطفال، ولهم تأثير كبير في تشكيل وعيهم. لذا من المهم أن يكونوا على دراية بمخاطر مفاهيم الطاقة والطقوس الوافدة، وأن يخصصوا جزءًا من الدروس للنقاش حول هذه المواضيع، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قد يتعرض لها الأطفال من خلال الإعلام أو زملائهم.

التحديات الواقعية في التربية

لا شك أن الواقع العملي يفرض تحديات على الأسر، مثل ضغوط العمل، انتشار الأجهزة الإلكترونية، وتأثير الأصدقاء والمدارس. لكن يبقى دور الأسرة محوريًا في السنوات الأولى، حيث يمكن للآباء التحكم في المحتوى، ومتابعة ما يتلقاه الأبناء، وغرس القيم الصحيحة. ومع تقدم الطفل في العمر، يتحول دور الوالدين من الرقابة المباشرة إلى الصداقة والتوجيه، مع الاستمرار في الدعاء لهم وبذل الجهد في تربيتهم.

الاحتواء والحوار أساس النجاح

الاحتواء والحوار مع الأبناء هو صمام الأمان في مواجهة أي انحراف أو تأثير خارجي. إذا شعر الطفل أن والديه أصدقاؤه ومستودع أسراره، فإنه سيعود إليهم مهما تعرض لضغوط أو إغراءات. أما إذا كان هناك جفاء أو تجاهل، فقد يبحث عن الاحتواء خارج المنزل، وهنا تكمن الخطورة.

التوعية المجتمعية ضرورة ملحة

التحديات التي يواجهها الأبناء اليوم تتطلب جهدًا جماعيًا من الأسرة، المدرسة، والإعلام. يجب أن تكون هناك برامج توعوية موجهة للأطفال والأسر والمعلمين، تشرح مخاطر الطقوس الوافدة، وتغرس القيم الدينية الصحيحة بأسلوب جذاب وسهل الفهم. كما يجب الاستفادة من الوسائل الحديثة، مثل القنوات التعليمية على اليوتيوب أو التليجرام، مع التأكد من موثوقيتها ومحتواها.

خلاصة وتوصيات

  • التمسك بالعقيدة الصحيحة: لا بد من غرس العقيدة في نفوس الأبناء منذ الصغر، وتوضيح الفرق بين العبادات الصحيحة والطقوس الدخيلة.
  • الوعي بمخاطر الممارسات الوافدة: على الأسرة والمدرسة توعية الأبناء بمخاطر الطاقة واليوغا وأمثالها، وعدم الاكتفاء بالمنع بل بالحوار والتوضيح.
  • المراقبة والمتابعة: متابعة ما يشاهده الأبناء على الإنترنت والتلفاز، وتخصيص أوقات محددة للشاشات.
  • الاحتواء والحوار: بناء علاقة صداقة وثقة مع الأبناء، ليكونوا أكثر استعدادًا للعودة إلى الأسرة عند الحاجة.
  • التكامل بين الأسرة والمدرسة: ضرورة التعاون بين الأسرة والمعلمين في توعية الأبناء ومتابعتهم.
  • الاستفادة من البدائل الصحية: تشجيع الأبناء على ممارسة الرياضات البدنية البحتة، والهوايات المفيدة، بعيدًا عن الطقوس الدينية الوافدة.

في النهاية، التربية مسؤولية عظيمة وأمانة ثقيلة، تتطلب من الآباء والأمهات والمعلمين بذل الجهد المستمر، مع التوكل على الله والدعاء الدائم بصلاح الأبناء. فكل جهد يُبذل في سبيل حماية العقيدة وغرس القيم هو استثمار حقيقي في مستقبل الأمة.

https://www.youtube.com/watch?v=QlVaIwc-B3c

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك