التأثيرات السلبية لممارسات الطاقة والروحانيات الحديثة على الأسرة والأطفال: تجربة واقعية وتحذير تربوي
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الممارسات الروحانية والطاقية في المجتمعات العربية، وتسللت إلى بيوت الكثيرين تحت مسميات مختلفة مثل "اليوغا"، "تأمل
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الممارسات الروحانية والطاقية في المجتمعات العربية، وتسللت إلى بيوت الكثيرين تحت مسميات مختلفة مثل "اليوغا"، "تأمل الثيتا"، "الجذب"، "التجلي"، وغيرها. هذه الممارسات، رغم ترويجها على أنها طرق للراحة النفسية وتحقيق التوازن، قد تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على الصحة النفسية والاجتماعية للأسرة، خاصة الأطفال. نستعرض في هذا المقال تجربة واقعية لأب عايش هذه التحولات داخل أسرته، ونحلل التأثيرات التربوية والنفسية الناتجة عنها.
الخطأ البشري ليس عيباً، لكن الأطفال ضحايا
يبدأ الأب حديثه بتأكيد حقيقة أن الكمال لله وحده، وأن البشر جميعاً معرضون للخطأ. لكنه يتساءل بمرارة: "ما ذنب الأطفال إذا تحملوا نتائج هذه الأخطاء؟" فالأطفال، بحكم براءتهم، يتأثرون مباشرة بأي تغيرات أو صراعات تحدث بين الوالدين، خاصة إذا ارتبطت بمعتقدات أو ممارسات غريبة عن بيئتهم.
تشويش العقيدة الدينية لدى الأبناء
يروي الأب كيف بدأ أطفاله (أعمارهم بين 7 و13 سنة) يكتسبون مفاهيم مغلوطة عن الحماية والروحانية، مثل الاعتقاد بوجود "ملاك حارس" خاص بكل شخص. حاول تصحيح هذه المفاهيم، مؤكدًا أن الله وحده هو الحافظ والمدبر. كما حرص على تعليمهم الأذكار والأدعية الشرعية، لكنه لاحظ أن هناك من يروج لأفكار أخرى تعتمد على تكرار آيات أو كلمات بشكل مبالغ فيه، وربطها بأرقام أو طقوس معينة، وهو ما لم يعرفه في بيئته الدينية من قبل.
ممارسات روحانية دخيلة: من اليوغا إلى جلسات التأمل والطقوس الغريبة
يصف الأب كيف بدأت زوجته رحلتها مع اليوغا، ثم تطورت الأمور إلى ممارسات أكثر غرابة مثل جلسات التأمل الجماعي، ارتداء الأبيض في الليالي القمرية، استخدام البخور والأحجار، والانخراط في مجموعات تدّعي الوصول إلى "السماء السابعة" أو التواصل مع "الملائكة". وصل الأمر إلى قضاء ليالٍ خارج المنزل بحجة التأمل، ما جعل الأطفال يعتقدون أن غياب الأم عن البيت أمر طبيعي.
العزلة والانفصال الأسري
مع مرور الوقت، لاحظ الأب أن زوجته أصبحت تميل للعزلة، تفضل البقاء في غرفتها، وتبتعد عن الأطفال وعن أصدقائها القدامى. حتى علاقاتها الاجتماعية تغيرت، وأصبحت تقتصر على أشخاص يمارسون نفس الطقوس والمعتقدات. انعكس هذا على أجواء المنزل، فغابت السعادة وحلّ مكانها الضيق والظلام النفسي، حتى أن الأب لم يعد يشعر بالراحة في بيته.
تأثيرات جسدية ونفسية وهمية
أشار الأب إلى أن زوجته بدأت تشتكي باستمرار من آلام جسدية (المعدة، الظهر، المفاصل، تساقط الشعر)، وتصر على أن لديها "بصيرة" تسمح لها بتشخيص حالتها بنفسها، رغم أن جميع الفحوصات الطبية تؤكد خلوها من أي مرض عضوي. وبدلاً من تقبل العلاج النفسي أو الطبي، لجأت إلى تفسيرات روحانية غامضة، وزعمت أن سبب معاناتها هو "ثقل الشياطين" أو "الطاقات السلبية".
انعكاس الأزمة على الأطفال
من أخطر ما ذكره الأب أن الأطفال أصبحوا يتبنون مصطلحات ومفاهيم طاقية غريبة، ويتأثرون بالطقوس التي تمارسها الأم. حتى أحلامهم وكوابيسهم بدأت تتغير، مما يدل على تأثرهم النفسي العميق بهذه البيئة غير الصحية.
توصيات تربوية ونفسية للأسر
- التحصين الديني: شدد المشاركون في الحوار على أهمية تحصين النفس والأبناء بالأذكار والأدعية الشرعية، وعدم الانسياق وراء طقوس أو معتقدات دخيلة قد تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
- المتابعة النفسية: في حال ظهور أعراض نفسية أو جسدية غير مفسرة طبياً، يُنصح بمراجعة مختصين في الصحة النفسية، وعدم الاكتفاء بتفسيرات روحانية غير علمية.
- الحوار الأسري: ضرورة الحفاظ على التواصل مع الأبناء، وتوضيح المفاهيم الدينية الصحيحة لهم، وعدم تركهم فريسة للأفكار الغريبة.
- الحذر من الجماعات والممارسات المشبوهة: يجب على الأسر الانتباه للأنشطة التي ينخرط فيها أحد أفرادها، خاصة إذا بدأت تؤثر سلباً على الجو الأسري أو العقيدة أو الصحة النفسية.
- عدم قطع الصلة بالأطفال: حتى في حال الانفصال بين الزوجين، من المهم أن يحافظ الأب أو الأم على تواصل قوي مع الأبناء، لحمايتهم من التأثر السلبي بالممارسات أو الأفكار الضارة.
خلاصة
تجربة هذا الأب تمثل تحذيراً عملياً من مخاطر الانسياق وراء الممارسات الروحانية والطاقية غير الموثوقة، خاصة عندما تدخل البيت وتؤثر على الأطفال. من المهم أن يكون لدى كل أسرة وعي كافٍ للتمييز بين ما هو مفيد وآمن، وما قد يكون مدخلاً لمشكلات نفسية، اجتماعية، أو حتى عقائدية. الحفاظ على توازن الأسرة يبدأ من التمسك بالقيم الدينية الصحيحة، والانفتاح على الحوار، واللجوء إلى المختصين عند الحاجة.
هل واجهت أو سمعت عن تجارب مشابهة؟ شاركنا رأيك أو استفسارك في التعليقات.
https://www.youtube.com/watch?v=WF_V525Z3a8