التوكيدات وعلوم الطاقة: رحلة نقدية بين التجربة والوعي الديني

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب مصطلحات مثل "التوكيدات"، "قانون الجذب"، "رفع الاستحقاق"، و"التنمية الذاتية". أصبحت هذه المفاهيم ج

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 22,2025
7 دقائق
0

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات العرب مصطلحات مثل "التوكيدات"، "قانون الجذب"، "رفع الاستحقاق"، و"التنمية الذاتية". أصبحت هذه المفاهيم جزءاً من ثقافة العصر الحديث، وتغلغلت في تفاصيل الحياة اليومية، حتى بات الكثيرون يرددون عبارات مثل "أنا أستحق"، "أنا أخلق واقعي"، أو "الكون مسخر لي". لكن خلف هذه العبارات البراقة، هناك تساؤلات عميقة حول علاقتها بالدين، وتأثيرها النفسي والاجتماعي، وحدودها بين الإيجابية والوهم، وبين التنمية الحقيقية والانحراف عن العقيدة.

في هذا المقال، نستعرض حواراً غنياً دار بين مجموعة من المتخصصين والمهتمين، ممن خاضوا تجربة علوم الطاقة والتوكيدات بأنفسهم، ثم عادوا ليحكوا قصصهم ويناقشوا أبعادها من منظور ديني ونفسي واجتماعي.

بداية التساؤل: لماذا نبحث عن التوكيدات؟

تتساءل إحدى المشاركات: لماذا أضيع حياتي في هذه الأمور؟ لماذا لا أبذل جهدي في تعلم ديني كما أبحث عن التوكيدات وعلوم الطاقة عبر وسائل التواصل؟ فالدين ليس مجرد شهادات أو دراسة نظرية، بل هو تطبيق عملي ومنهج حياة. الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا علماء على الورق فقط، بل عاشوا الإيمان واقعاً، فارتقوا من عبادة الأصنام إلى أرقى درجات الإنسانية والإيمان.

تتابع: "اقرأوا عن الصحابة، كيف تحولوا من حياة الجهل والمعاصي إلى جيل لا يتكرر في التاريخ. لم يصلوا إلى هذه القوة والراحة النفسية بالتوكيدات، بل بالإيمان الصادق والعلم الشرعي والتطبيق العملي".

التوكيدات بين الدين والوهم

توضح إحدى المتحدثات: "التوكيدات ليست مجرد جمل إيجابية، بل في كثير من الأحيان تحمل في طياتها أفكاراً فلسفية دخيلة، بعضها مأخوذ من الديانات الشرقية كالهندوسية والبوذية، حيث يعتقدون أن الإنسان إله أو أن الكون مسخر له بلا حدود".

وتضيف: "في البداية، قد يبدو الأمر بريئاً، لكن مع التعمق، يبدأ التشكيك في الموروثات الدينية والعادات والقيم، ويُطلب من الممارس أن يتحرر من كل ما ورثه عن دينه وأهله، حتى يصل إلى مرحلة يرى فيها نفسه محور الكون، أو يعتقد أن الكون يستجيب لأمنياته بمجرد تكرار العبارات".

التجربة الشخصية: من الضياع إلى اليقين

تشارك إحدى الفتيات تجربتها قائلة: "كنت أبحث عن معنى الحياة بعد التخرج، وانضممت لمجموعات تهتم بالفلسفة والميثولوجيا وعلوم الطاقة. في البداية، كنت أستنكر بعض الأفكار، لكن مع الوقت وغياب الخلفية الدينية، بدأت أستسهلها، حتى وصلت إلى أفكار شركية كتناسخ الأرواح أو الاستغناء عن الدعاء بالتوكيدات".

وتتابع: "في رمضان، رأيت بعض من كنت أتابعهم يجاهرون بالإفطار في نهار رمضان أو يسبون الذات الإلهية، فاستيقظت داخلي فطرة الإيمان، وقررت أن أبتعد عن هذه المجموعات. بدأت أقرأ القرآن بوعي جديد، واكتشفت أن كل ما كنت أبحث عنه من معنى وسكينة وجدت جذوره في ديني، وأن كل الشبهات لها ردود منطقية وعلمية وروحية في القرآن والسنة".

آثار التوكيدات وعلوم الطاقة: اضطراب نفسي واجتماعي

أجمع المشاركون أن التوكيدات وعلوم الطاقة، رغم وعودها بالراحة والسعادة، غالباً ما تقود إلى مزيد من الضياع النفسي، وتفكك العلاقات الأسرية والاجتماعية. فالكثير ممن غرقوا فيها يعانون من الاكتئاب، القلق، اضطرابات الهوية، وحتى القطيعة مع الأهل تحت ذريعة "الطاقة السلبية" أو "الكارما".

وتحذر إحدى المشاركات: "من شروط التوكيدات الطاقية إزالة الموروثات والعقائد، أي التشكيك في كل ما تعلمته من دينك وأهلك. ويُطلب منك الابتعاد عن الأشخاص السلبيين، حتى لو كانوا والديك، وتكوين 'عائلة روحية' بديلة، مما يؤدي إلى تمرد الأبناء على أسرهم وتفكك المجتمع".

الحجاب والرموز الدينية: بين التحرر الحقيقي والوهم

ناقش الحضور ظاهرة تخلي بعض المدربات عن الحجاب بعد دخولهن مجال الطاقة، واعتبار ذلك "تحرراً" أو "نسخة جديدة من الذات". وأكدوا أن هذا المسار يبدأ تدريجياً، من التشكيك في فرضية الحجاب إلى نزع الحجاب كلياً، وربما حتى التبرؤ من القيم الدينية والاجتماعية. وأشاروا إلى أن هذا الاستدراج ليس حرية حقيقية، بل هو استسلام لأفكار دخيلة تسلب الإنسان هويته وكرامته.

كيف نحصن أنفسنا وأبناءنا؟

أجمع المتحاورون على أهمية العودة للعلم الشرعي الصحيح، وتحصين النفس والعقل بالقرآن والسنة، وفهم العقيدة بوعي ومحبة، وليس بمجرد التقليد أو العادات. وأكدوا أن الشرك الخفي قد يتسلل للقلوب دون أن نشعر، وأن الرياء أو تاليه الذات أو الاعتماد على الكون بدلاً من الله من أخطر أبوابه.

ونصحوا كل من وقع في هذه الدوامة أن يبتعد عن الصحبة السيئة، ويستبدلها بأهل العلم والصلاح، ويكثر من الدعاء واللجوء إلى الله، ويعيد النظر في مصادر معرفته، فلا يأخذ دينه إلا من أهله الموثوقين.

كلمة أخيرة: العودة إلى الله هي الحرية الحقيقية

اختتم الحوار بدعوة صادقة لكل من ضل أو زلّ في طريق التوكيدات أو علوم الطاقة أو غيرها من الأفكار الدخيلة: "عد إلى الله، فباب التوبة مفتوح، والله أقرب إليك من حبل الوريد. لا تجعل بينك وبين الله واسطة من شياطين الإنس أو الجن أو حتى الملائكة. إذا أردت شيئاً من أمور الدنيا أو الآخرة، فاطلبه من الله مباشرة، فهو القادر على كل شيء".

وتؤكد إحدى المتحدثات: "الدين بسيط وعميق في آن واحد، ويحتاج إلى تعلم وتدبر. لا تظن أن السعادة أو السلام الداخلي ستجدهما في تكرار العبارات أو اتباع الطقوس الغريبة، بل في الإيمان الصادق، والعمل الصالح، واليقين بأن الله هو المدبر، وأن لا حول ولا قوة إلا بالله".

خلاصة

  • التوكيدات وعلوم الطاقة ليست مجرد أدوات إيجابية، بل تحمل في طياتها فلسفات دخيلة قد تقود إلى الشرك الخفي والانحراف عن العقيدة.
  • العودة للعلم الشرعي، وتحصين النفس بالقرآن والسنة، والصحبة الصالحة، هي الطريق الحقيقي للسكينة والنجاة من الضياع الفكري والنفسي.
  • لا تترك دينك وهويتك من أجل شعارات براقة أو وعود زائفة؛ فالإيمان هو مصدر القوة الحقيقية، والحرية الكاملة في العبودية لله وحده.

"اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، واهدنا إلى صراطك المستقيم، وثبتنا على الحق حتى نلقاك."

إذا كنت ممن خاضوا تجربة التوكيدات أو علوم الطاقة أو تعرف أحداً تأثر بها، شاركنا قصتك أو رأيك في التعليقات، لعلها تكون سبباً في هداية أو توعية غيرك.

https://www.youtube.com/watch?v=b3Ow6qzq15w

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك