اليوغا وعلوم الطاقة: نظرة نقدية على الجذور والممارسات
في السنوات الأخيرة، انتشرت بيننا العديد من الممارسات الروحانية والعادات المستوردة من ثقافات شرقية تحت مسميات مثل "الاسترخاء"، "تحقيق الأمان"، أو "العل
في السنوات الأخيرة، انتشرت بيننا العديد من الممارسات الروحانية والعادات المستوردة من ثقافات شرقية تحت مسميات مثل "الاسترخاء"، "تحقيق الأمان"، أو "العلاج بالطاقة". أصبحنا نرى جلسات التأمل، اليوغا، وفتح الشاكرات جزءًا من الروتين اليومي للكثيرين، حتى وصل الأمر إلى أن بعض البيوت لم تعد تخلو من رموز أو تمائم يقال إنها تجلب السعادة وتدفع البلاء. لكن، هل تساءلنا يومًا عن حقيقة هذه الممارسات وجذورها الفلسفية والدينية؟
في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة معرفية لكشف أسرار اليوغا وعلوم الطاقة، ونوضح علاقتها بالعقائد الهندوسية والبوذية القديمة، وكيف تسللت هذه الممارسات إلى حياتنا اليومية، وأصبحت تُمارس أحيانًا دون وعي بخلفياتها.
جذور اليوغا وعلوم الطاقة
اليوغا ليست مجرد تمارين رياضية أو جلسات استرخاء كما يروج لها اليوم، بل هي جزء من منظومة عقائدية وفلسفية عميقة تعود جذورها إلى الديانات الهندوسية والبوذية. في هذه العقائد، تمثل اليوغا طريقًا للاتحاد مع "الطاقة الكونية" أو "الوعي الأعلى"، وهي ليست منفصلة عن طقوس وعبادات خاصة، كثير منها يرتبط بمفاهيم روحية وسحرية.
من الهند إلى نيبال وسريلانكا، ومن جبال التبت إلى الصين واليابان، انتشرت هذه الممارسات وتطورت، حتى تبنتها المجتمعات الغربية وأعادت صياغتها بما يتناسب مع ثقافاتها، لكنها بقيت محتفظة بجوهرها العقائدي.
من هو "المعلم الأول" لليوغا؟
لفهم حقيقة اليوغا وعلوم الطاقة، لا بد أن نعود إلى الأساس: من هو مصدر هذه التعاليم؟ في الموروث الهندوسي، يُعتبر الإله "فيشنو" أحد أهم الآلهة، وهو الذي يُنسب إليه تأسيس فلسفة اليوغا وعلوم الطاقة. فيشنو يُصوَّر في المخطوطات القديمة بصفات خارقة، ويُقال إنه المعلم الأول ومانح المعرفة والقدرات الخارقة للكهنة والمريدين.
الغريب أن فيشنو، بحسب بعض النصوص الهندوسية والبوذية، يتجلى بأشكال متعددة، ويُعتبر أصل السحر الأسود وطقوس الظلام التي تمارس في المعابد المغلقة عن العامة. بل إن هناك طوائف كاملة تتعبد له وتعتبره مصدر القوة والمعرفة الروحية.
الطقوس الخفية والمعابد المغلقة
ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الديانات والفلسفات غالبًا ما تميز بين "دين للعامة" يُذاع للناس، و"دين خاص" يُمارس في الخفاء داخل المعابد والخلوات. فالعامة لا يعلمون حقيقة الطقوس التي تجري خلف الأبواب المغلقة، والتي غالبًا ما تتضمن طقوسًا سحرية وتعويذات وتقديم قرابين، بل وحتى ممارسات تتجاوز حدود الفطرة الإنسانية.
من أشهر هذه الطقوس، ما يُعرف بتحضير الأرواح، تسخير القوى الخفية، أو حتى تقديم القرابين البشرية في بعض الطوائف المتطرفة مثل جماعة "الكاباليكا" التي اشتهرت بحمل الجماجم البشرية وتقديم البشر كقرابين.
الرموز والتمائم: أكثر من مجرد زينة
انتشرت في السنوات الأخيرة رموز هندوسية وبوذية على شكل أوشام، سلاسل، أو حتى تصاميم ملابس وأقمشة. لكن القليل يدرك أن هذه الرموز تحمل معاني وطقوسًا عميقة في تلك الديانات. على سبيل المثال:
- الصليب المعكوف (سواستيكا): رمز قديم يمثل اتحاد القوى الإلهية، ويُقال إن هتلر استعار هذا الرمز من الهندوسية.
- النجمة السداسية داخل دائرة: طلسم يُستخدم في سحر الظلام، ويمثل اتحاد الآلهة الثلاثة براهمان، فيشنو، وشيفا.
- زهرة اللوتس: رمز أساسي في رسوم الشاكرات، وتحمل معانٍ سحرية في استدعاء الأرواح أو تحقيق الرغبات.
- المانترا: عبارات صوتية أو كتابية تُردد أثناء جلسات التأمل، وهي في الأصل تعاويذ لاستدعاء قوى خفية أو أرواح معينة.
الشاكرات و"تسكين" الأرواح
من المفاهيم المنتشرة في علوم الطاقة مفهوم الشاكرات، وهي نقاط يُقال إنها مراكز للطاقة في الجسم. لكن في الموروث الهندوسي، يُعتقد أن لكل شاكرة وسيط روحي أو "روح خادمة" تُسكن فيها أثناء الطقوس، خاصة في شاكرة التاج والمناطق الحساسة من الجسم. هذه الممارسات قد تؤدي، بحسب تجارب بعض الممارسين، إلى أعراض جسدية ونفسية خطيرة، مثل اضطرابات صحية أو مشاعر خوف وقلق غير مبررة.
السحر الأسود وأسرار المعابد
من النقاط الجوهرية التي يجب التنبه لها أن السحر الأسود جزء أصيل من هذه العقائد، ويُعتبر أساسًا لعمل الخوارق والقدرات غير الطبيعية التي يُروج لها في جلسات الطاقة والتأمل. كثير من الكهنة والمعلمين الروحيين يدرسون هذه الطقوس في معابد مغلقة، ويُقال إنهم يباركون التمائم والأحجار والرموز بتعاويذ خاصة، ثم تُباع للعامة على أنها تجلب الحظ أو تشفي الأمراض.
لماذا يجب أن نكون حذرين؟
من المهم أن ندرك أن كثيرًا من هذه الممارسات ليست مجرد رياضة أو استرخاء، بل تحمل في طياتها مفاهيم وطقوسًا دينية وسحرية قد تتعارض مع عقيدتنا وقيمنا. الجهل بحقيقة هذه الأمور قد يؤدي إلى الانخراط في ممارسات خطيرة دون وعي، وربما يجر الإنسان إلى الشرك أو السحر دون أن يشعر.
كما أن بعض الأعراض الجسدية والنفسية التي تظهر على الممارسين ليست إلا نتائج طبيعية لتلك الطقوس، وليست دليلاً على "ارتقاء روحي" كما يُروج له.
خلاصة القول
اليوغا وعلوم الطاقة ليست مجرد تمارين أو وسائل للاسترخاء، بل هي منظومة عقائدية متكاملة لها جذور عميقة في الديانات الشرقية، وتستند إلى طقوس سحرية ورموز غامضة. من الضروري أن نكون على وعي بحقيقة هذه الممارسات، وألا ننخدع بالمظاهر البراقة أو الادعاءات الزائفة حول "الطاقة الإيجابية" أو "العلاج الروحي".
المعرفة والوعي هما السلاح الحقيقي لحماية أنفسنا وأسرنا من الوقوع في الشبهات أو الانزلاق إلى ممارسات قد تضر بديننا ونفسيتنا وصحتنا. فلنتعلم، ولنحذر، ولنبحث دائمًا عن الحقيقة قبل أن نتبع أي منهج أو ممارسة مستوردة.
حمانا الله وإياكم من كل شر وسوء، ووفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.
ملاحظة: هذا المقال يعرض وجهة نظر نقدية حول موضوع اليوغا وعلوم الطاقة من منظور ديني وثقافي، ويهدف إلى رفع الوعي والتحذير من المخاطر الخفية لهذه الممارسات. إذا كان لديك تجارب أو استفسارات حول هذا الموضوع، شاركنا رأيك في التعليقات.
https://www.youtube.com/watch?v=ti65YOjYjDc