اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

مدرسة الوقوف العائلي: نظرة نقدية وتحليلية

تعد مدرسة الوقوف العائلي من أكثر المدارس إثارة للجدل في مجال العلاج النفسي والطاقي، ليس فقط بسبب تعدد مؤسسيها وتنوع فلسفاتها، بل أيضاً بسبب ما أُدخل ع

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
4 دقائق

تعد مدرسة الوقوف العائلي من أكثر المدارس إثارة للجدل في مجال العلاج النفسي والطاقي، ليس فقط بسبب تعدد مؤسسيها وتنوع فلسفاتها، بل أيضاً بسبب ما أُدخل عليها من تحديثات وتداخلات فلسفية وروحية عبر الزمن. في هذا المقال، سنستعرض نشأة هذه المدرسة، وأهم الأفكار التي بنيت عليها، ونناقش المخاطر الفكرية والعقدية المرتبطة بها، مع تقديم نصائح عملية لمن مرّ بتجاربها.

ما هي مدرسة الوقوف العائلي؟

الوقوف العائلي هو نوع من أنواع العلاج الجماعي الذي يزعم معالجة مشكلات الفرد النفسية والعائلية عبر تمثيل أفراد العائلة أو الأجداد في جلسة جماعية، غالباً باستخدام أشخاص غرباء ليؤدوا أدوار أفراد العائلة. نشأت هذه المدرسة في أوروبا، وتحديداً في ألمانيا، وتم تطويرها وتحديثها عدة مرات بإضافة فلسفات شرقية وغربية، خاصة تلك المتعلقة بالطاقة والروحانيات.

التحديثات والتداخلات الفلسفية

مرت مدرسة الوقوف العائلي بعدة مراحل من التحديث، كان آخرها إدخال الفلسفات الطاقية والروحانية المستمدة من الثيوصوفيا وحركات العصر الجديد (New Age). هذه التداخلات جعلت من الوقوف العائلي مدرسة معقدة، يصعب تتبع أصولها أو تحديد منهجيتها بدقة، إذ أنها تجمع بين أفكار مستمدة من الشامانية، البوذية، الهندوسية، الهرمسية، الكابالا، وغيرها من العقائد والممارسات القديمة.

المخاطر العقدية والفكرية

من أخطر ما يُؤخذ على مدرسة الوقوف العائلي هو ما تحمله من أفكار وممارسات تتعارض مع العقيدة الإسلامية، بل ومع الأسس العلمية والمنهجية للعلاج النفسي. من أبرز هذه المخاطر:

  • الاعتماد على السحر والشامانية: كثير من ممارسات الوقوف العائلي تعود جذورها إلى السحر الأسود والشامانية القديمة، حيث يتم استحضار أرواح الأجداد أو الحكماء، والاعتقاد بأن أرواحهم تؤثر على حياة الأحياء.
  • الإيمان بالكَرْما وتناسخ الأرواح: المدرسة تروج لفلسفات الكارما (التي تؤمن بتأثير أعمال الماضي على الحاضر والمستقبل) وتناسخ الأرواح، وهي أفكار دخيلة على العقيدة الإسلامية.
  • الادعاء بالقدرة على الدخول إلى "السجلات الأكاشية": وهي فكرة ميتافيزيقية تزعم أن هناك سجلات كونية يمكن للإنسان الوصول إليها لمعرفة الغيب أو أسرار الكون، وهو ادعاء خطير دينياً وعلمياً.
  • ممارسات جسدية وروحية مشبوهة: من ضمن التدريبات ما يسمى بكسر حاجز الخوف المشاعري، والذي قد يتضمن احتضان وتقبيل بين المشاركين بحجة حلول روح أحد الأسلاف أو الأزواج، مما قد يخلق علاقات غير صحية أو حتى محرمة.
  • تقديم القرابين والإيماءات الطقسية: يُقال أن بعض الميسرين لا يبدأون الجلسات إلا بعد تقديم قرابين رمزية أو طقوسية، وأحياناً باستخدام حركات جسدية معينة تُفسر كقرابين روحية.

هل الوقوف العائلي علم حقيقي؟

رغم انتشار هذه المدرسة وتقديمها على أنها علاج نفسي أو طاقي، إلا أنها لا تحظى بأي اعتراف علمي أو طبي رسمي في معظم دول العالم. لا توجد عيادات مرخصة من وزارات الصحة لممارسة الوقوف العائلي أو ما يسمى بالعلاج الشعوري أو الطاقي. كما أن كل من يمارس هذه الطرق يفعل ذلك غالباً في الخفاء أو عبر الإنترنت، بعيداً عن الرقابة العلمية أو الطبية.

خدعة الشهادات والاعتمادات

من الملاحظ أن كثيراً من المدربين والميسرين في هذا المجال يروجون لشهادات أو اعتمادات من روابط أو مجالس عالمية وهمية، مثل "الاتحاد العالمي للبطيخ" أو "الرابطة الألمانية للتفاح"، وهي مجرد أسماء رنانة لا وجود لها في الواقع العلمي أو الطبي. يجب على كل متدرب أو باحث عن علاج أن يتحقق من مصداقية أي جهة أو شهادة قبل الانخراط في أي دورة أو جلسة علاجية.

الدعم الدولي وانتشار المدرسة

من المثير للانتباه أن أكبر داعم لمدرسة الوقوف العائلي على مستوى العالم هي إسرائيل، حيث توجد مواقع رسمية ومؤسسات تدعم هذا النوع من العلاج. كما انتشرت دورات "نساء التوراة" المستمدة من الوقوف العائلي في العالم العربي، رغم خطورة ما تحمله من أفكار دخيلة.

نصائح عملية لمن مرّ بتجربة الوقوف العائلي

إذا كنت قد شاركت في جلسات الوقوف العائلي أو غيرها من مدارس العلاج الطاقي والروحاني، فإليك بعض النصائح العملية:

  • العودة إلى الرقية الشرعية: يُنصح بالمواظبة على الرقية الشرعية يومياً، وقراءة الفاتحة والمعوذات على الماء والزيت واستخدامهما في الشرب والدهن.
  • الابتعاد عن أي ممارسات أو دورات غير معترف بها علمياً أو شرعياً: لا تنخدع بالأسماء الرنانة أو الشهادات الوهمية.
  • استشارة المختصين في الطب النفسي والعلاج السلوكي المعتمد: إذا كنت تعاني من مشكلات نفسية أو عائلية، فالأفضل اللجوء إلى مختصين معتمدين لديهم تراخيص رسمية.

خلاصة

مدرسة الوقوف العائلي هي مثال حي على كيف يمكن أن تختلط الفلسفات القديمة بالممارسات الحديثة، وتُقدّم في ثوب علمي أو علاجي بينما هي في حقيقتها تحمل الكثير من المخاطر الفكرية والعقدية. من المهم لكل باحث عن العلاج أو تطوير الذات أن يتحرى الدقة، ويبتعد عن كل ما يخالف العلم والدين، وأن لا ينجرف وراء الشعارات البراقة أو التجارب الغامضة.

حافظ على وعيك، وابحث دائماً عن الحقيقة من مصادر موثوقة.

هذا المقال هو دعوة للتفكير النقدي والبحث العلمي، ووقاية من الانجراف وراء الممارسات المشبوهة التي قد تضر بالفرد والمجتمع.

https://www.youtube.com/watch?v=fVi-oi9qr4g

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك