مخاطر تمارين اليوغا والطاقات: رؤية نقدية من منظور صحي وديني
في السنوات الأخيرة، انتشرت تمارين اليوغا وممارسات الطاقة بشكل واسع بين الشباب والفتيات في مجتمعاتنا العربية، وأصبح الكثيرون يعتقدون أنها وسيلة فعالة ل
في السنوات الأخيرة، انتشرت تمارين اليوغا وممارسات الطاقة بشكل واسع بين الشباب والفتيات في مجتمعاتنا العربية، وأصبح الكثيرون يعتقدون أنها وسيلة فعالة للاسترخاء وتحسين الصحة الجسدية والنفسية. لكن خلف هذا الانتشار، هناك العديد من التساؤلات حول مدى أمان هذه الممارسات وأثرها الحقيقي على الصحة الجسدية والعقيدة الدينية.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على بعض الجوانب الصحية والدينية المرتبطة بتمارين اليوغا وممارسات الطاقة، مستندين إلى مقابلات مع مختصين وتجارب واقعية، مع توضيح المخاطر المحتملة التي قد يغفل عنها البعض.
التأثيرات الصحية لتمارين اليوغا على الجسم
1. منطقة العصعص والحوض
تعتبر منطقة العصعص (أسفل العمود الفقري) من المناطق الحساسة في الجسم، حيث تلتقي فيها العديد من الأعصاب والأوعية الدموية. تمارين اليوغا التي تركز على هذه المنطقة، خاصة تلك التي تتضمن مطاً وسحباً متكرراً للعضلات، قد تؤدي مع الوقت إلى ضعف العضلات المحيطة بالعصعص. هذه العضلات تعمل كوسادة لحماية العظم والأعضاء الحيوية، وإذا ضعفت نتيجة التمارين المبالغ فيها، يصبح الشخص معرضاً لإصابات خطيرة عند السقوط، مثل الكسور أو تلف الأعصاب.
كما أن استمرار الضغط والسحب على هذه المنطقة قد يؤثر سلباً على المثانة، الرحم، والأمعاء، ما يفسر شكاوى بعض الممارسين من مشاكل القولون العصبي واضطرابات الهضم.
2. تمارين الرقبة والحنجرة
من التمارين الشائعة في اليوغا تلك التي تتطلب رفع أو شد الرقبة، أو تقريب الذقن من الصدر. هذه الوضعيات قد تؤدي إلى انحصار الدم في منطقة الرقبة، ما يزيد من خطر الإغماء أو حتى الاختناق، خاصة إذا كان الشخص ضعيف البنية. كما أن الضغط المستمر على الحنجرة قد يؤدي إلى ضعف الصوت وصعوبة التنفس، وهو ما يتعارض مع مبادئ الإسعافات الأولية التي تحذر من أي وضعية قد تسد مجرى التنفس أو تدفع اللسان للخلف.
3. التأثير على الغدد والأعصاب
الشد والمط المتكرر للجسم لا يؤثر فقط على العضلات، بل يمتد ليشمل الأعصاب والغدد، مثل الغدد اللعابية واللمفاوية تحت اللسان والأذن. مع الوقت، قد يؤدي هذا إلى اضطرابات في وظائف هذه الغدد، وخلل في توازن الجسم بشكل عام.
الخطر النفسي: الإدمان على الشعور بالاسترخاء المؤقت
يلاحظ بعض الممارسين أن تمارين اليوغا تمنحهم شعوراً فورياً بالراحة والاسترخاء، ويرجع ذلك إلى إفراز الجسم لمواد مثل الإندورفين التي تخفف الألم وتمنح إحساساً مؤقتاً بالسعادة. لكن الاستمرار في الاعتماد على هذه التمارين كمصدر وحيد للاسترخاء قد يؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل، حيث يعتاد الجسم على هذا النمط ويصبح أقل قدرة على التعامل مع الألم أو التوتر بطرق طبيعية، ما قد يؤدي إلى زيادة الشعور بالإرهاق والآلام المزمنة.
البعد الديني والطقوسي لممارسات اليوغا والطاقة
من المهم الإشارة إلى أن جذور اليوغا ليست رياضية فقط، بل لها أبعاد دينية وطقوسية عميقة في الديانات الهندوسية والبوذية. كثير من الوضعيات والحركات في اليوغا مستوحاة من تماثيل وتمثيلات آلهة معروفة في تلك الديانات، وكانت تمارس في الأصل داخل المعابد وتحت إشراف كهنة مختصين. بعض هذه الطقوس تتطلب المرور بمراحل محددة وطقوس انتقالية بين ما يسمى "الشاكرات"، ولكل مرحلة طقوسها الخاصة التي قد تستغرق وقتاً طويلاً.
وقد تم تبسيط هذه الطقوس عند نقلها إلى المجتمعات الغربية والعربية، لتبدو كأنها تمارين رياضية أو استرخائية فقط، بينما الأصل فيها أعمق وأكثر تعقيداً، ويشمل مفاهيم روحية تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
شهادات وتجارب واقعية
من خلال مقابلات مع مختصين في العلاج الطبيعي وأشخاص مارسوا اليوغا وممارسات الطاقة لفترات طويلة، تبين أن بعضهم تعرض لمشاكل صحية ونفسية لم يكن يتوقعها. على سبيل المثال، هناك من اعتقد أن تمارين الرقبة تساعد على التنفس، لكنه اكتشف لاحقاً أنها تزيد من خطر الاختناق. وهناك من أدمن على ممارسة اليوغا لتخفيف الألم، ليجد نفسه لاحقاً بحاجة إلى أدوية أقوى بعد أن فقد جسمه القدرة الطبيعية على الاستجابة للألم.
كما أشار بعض المدربين إلى أن ممارسات الطاقة لا تنجح إلا مع من لديهم "إيمان قوي"، في إشارة إلى أن الشيطان يستدرج الأشخاص الأقوياء في إيمانهم، بينما الضعفاء أصلاً هم في خطر أكبر. وهذا يتعارض مع المفاهيم الدينية الصحيحة، حيث أن الدخول في هذه الممارسات قد يؤدي إلى ضعف العقيدة وكسر أركان الإيمان دون أن يشعر الإنسان بذلك.
الخلاصة: كيف نحمي أنفسنا؟
- الوعي بالمخاطر الصحية: يجب عدم الانسياق وراء الشعارات البراقة حول فوائد اليوغا دون معرفة التأثيرات الحقيقية على الجسم، خاصة عند المبالغة في التمارين أو ممارستها دون إشراف مختصين.
- التحقق من الجذور الدينية: من الضروري معرفة أصل كل ممارسة ومدى توافقها مع تعاليم الدين الإسلامي، وعدم الاكتفاء بالمظاهر الرياضية أو الاسترخائية فقط.
- الاعتدال في الممارسة: حتى التمارين الرياضية العادية يجب أن تمارس باعتدال وتحت إشراف مختصين، مع مراعاة الحالة الصحية لكل شخص.
- الاستشارة الطبية: في حال الشعور بأي أعراض غير طبيعية أثناء أو بعد ممارسة اليوغا أو أي تمارين مشابهة، يجب مراجعة الطبيب المختص فوراً.
في النهاية، تبقى الصحة الجسدية والنفسية أمانة بين أيدينا، ويجب علينا أن نبحث دائماً عن الطرق الآمنة والموافقة لديننا في تحقيق الراحة والسكينة، دون الانجراف وراء ممارسات قد تبدو بريئة في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها مخاطر صحية وعقائدية كبيرة.
https://www.youtube.com/watch?v=B0ep-HSZORc