منهج العصر الجديد: كشف خفايا الطاقات والتأملات وتطوير الذات
بسم الله الرحمن الرحيم في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات تحمل مسميات مثل "مدربي الطاقة"، "الوعي"، "التأملات"، و"تطوير الذات". هذه ا
بسم الله الرحمن الرحيم
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات تحمل مسميات مثل "مدربي الطاقة"، "الوعي"، "التأملات"، و"تطوير الذات". هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على المجتمعات الغربية فقط، بل غزت العالم العربي والإسلامي أيضًا، وأصبحت تُقدم عبر دورات وورش عمل ومنصات إلكترونية، مستهدفة جميع الفئات العمرية، خاصة الشباب والفتيات.
في هذا المقال، نسلط الضوء على حقيقة هذا المنهج، ونكشف عن خطورته وآثاره، ونوضح كيف تم التخطيط له وترويجه، وما هي نتائجه على الأفراد والمجتمعات، مع طرح تساؤلات مهمة تساعد القارئ على الفهم والتمييز.
ما هو "منهج العصر الجديد"؟
العصر الجديد أو "New Age" ليس مجرد مجموعة من تمارين الاسترخاء أو تطوير الذات، بل هو منظومة فكرية وروحية متكاملة، تم التخطيط لها بدقة من قِبل منظمات عالمية، منها الماسونية، بهدف تأسيس جيل جديد يؤمن بدين عالمي موحد، يتجاوز العقائد الدينية التقليدية، ويخلط بين الإيمان والكفر، وبين الروحانيات الحقيقية والضلالات.
يتم تسويق هذا المنهج عبر مدربين ومدربات للطاقة والوعي، يستخدمون أساليب نفسية ومالية واجتماعية لجذب الناس، خاصة من يعانون من أزمات نفسية أو اجتماعية أو يبحثون عن حلول سريعة وسهلة لمشكلاتهم.
أسس وخطط منهج العصر الجديد
تم بناء هذا المنهج على أكثر من 50 محورًا أو بندًا، كل منها يمثل "لغمًا" فكريًا أو روحانيًا قد لا يلاحظه الممارس إلا بعد فوات الأوان. من أهم هذه الأسس:
- الاستدراج النفسي: يبدأ المدربون بالحديث عن الصدمات النفسية، صدمات الطفولة، العقل الباطن، الكارما... ليقنعوك أن الحل في الطاقة أو التأملات أو الوعي.
- الاستدراج المالي: تبدأ الدورات مجانًا أو بأسعار رمزية، ثم تتدرج لتصبح بمبالغ طائلة، مستغلين حاجة الناس وضعفهم.
- المسميات التعريفية: يتم تلميع المدربين بألقاب مثل "دكتور"، "مستشار"، "كوتش"، "ماستر"، "حامل النور"، لإضفاء هالة من القداسة والاحترافية.
- الخدع البصرية: استخدام مقاطع فيديو وصور للمجرات والكواكب والألوان والأصوات لجذب الانتباه وإيهام المتلقي بعلمية وعمق هذه الممارسات.
- الاستدراج العلاجي: استغلال الأمراض المستعصية أو المزمنة، والادعاء بقدرة الطاقة أو الترددات أو التأملات على الشفاء.
- المدارس النفسية الخاصة: تأسيس مدارس ظاهرها علم النفس أو تطوير الذات، وباطنها تمرير فلسفات الطاقة والشاكرات والهندوسية والبوذية.
- التحفيز الوهمي: نشر قصص خيالية عن أشخاص تغيرت حياتهم أو تحققت أمانيهم بفضل هذه الممارسات، دون أي دليل حقيقي.
- السحر والرصد: اعتماد تعاويذ وطقوس مأخوذة من سحر الكابالا والتلمود البابلي، ودمجها في تمارين الطاقة والتأملات.
- الخوارق والكرامات الزائفة: إيهام الممارس بأنه سيحصل على قدرات خارقة أو "كرامات" بمجرد الاستمرار في هذه الدورات.
- تطوير الذات وتحقيق الأهداف: استغلال رغبة الإنسان الفطرية في تحسين حياته، لتكون بوابة نحو فلسفات العصر الجديد.
- اللعب على النية: تحريف مفهوم النية الشرعية، وتقديم "قانون النية" كأداة لتغيير الواقع، ما يؤدي إلى فساد العمل والعبادة.
- تقسيم الأجساد: الترويج لفكرة وجود أجساد أثيرية وروحية ونجميّة، لتمرير فلسفات الشرق الوثنية.
- علم الغيب والماورائيات: إغراء الممارس بمعرفة الغيب، التواصل مع الأرواح، الكواكب، الأحجار، وفتح البوابات النجمية.
- الاستنزاف المالي: نقل الممارس من دورة إلى أخرى، ومن استشارة إلى أخرى، حتى يُستنزف ماديًا بالكامل.
- العزلة والسريّة: دفع الممارس للانعزال عن أسرته ومجتمعه، وفرض السرية على ممارساته، مما يسهل السيطرة عليه فكريًا وروحيًا.
- التحرر من القيم: تشجيع التحرر من الأخلاق والثوابت الدينية والاجتماعية، خاصة عند المرأة، بزعم "التحرر من العار" و"التصالح مع الجسد".
- الطمع وتحقيق الأماني: استغلال الطمع البشري، والوعد بتحقيق كل الأماني دون جهد، عن طريق "قوانين الجذب" و"الاستحقاق".
- الإلحاد الروحي ثم العقدي: يبدأ الممارس بالإلحاد الروحي (الاعتقاد بأن الكون هو الفاعل)، ثم قد ينتهي به المطاف إلى الإلحاد العقدي.
- الولاء والبراء: ضرب الولاء للأسرة والمجتمع والوطن، وزرع العداء للعلماء والدعاة، وتقديم المدربين كقدوات ومرجعيات جديدة.
- أسلمة المفاهيم: محاولة تمرير هذه الممارسات بلباس إسلامي، مثل "طاقات القرآن"، "التجلي"، "طاقات أسماء الله الحسنى"، وغيرها.
كيف يتم الاستدراج؟
يبدأ الأمر غالبًا من باب الفضول، أو الحاجة النفسية، أو البحث عن حل لمشكلة صحية أو اجتماعية. قد يكون السبب جهل بالدين، أو تأثر بمقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ضغط من صديقات أو أصدقاء.
يتم الاستدراج تدريجيًا عبر الدورات المجانية، القصص المحفزة، الألقاب البراقة، ثم تبدأ المطالب المالية، والعزلة الفكرية والاجتماعية، حتى يجد الممارس نفسه غارقًا في مستنقع يصعب الخروج منه.
النتائج الكارثية لممارسات الطاقة والعصر الجديد
- تشويه العقيدة: كثير من الممارسين وجدوا أنفسهم مشككين في ثوابت دينهم، أو حتى ملحدين روحيًا أو عقديًا دون أن يشعروا.
- العزلة والانفصال عن الأسرة والمجتمع: بسبب السرية والعزلة الفكرية، يفقد الممارس علاقاته الاجتماعية، ويصبح فريسة سهلة للمدربين.
- الاستنزاف المالي: صرف أموال طائلة على الدورات والاستشارات، أحيانًا على حساب احتياجات الأسرة أو حتى بالاستدانة.
- الأمراض النفسية والروحية: ظهور أعراض مثل الاكتئاب، القلق، الهلاوس، أو حتى المس الشيطاني.
- ضياع القيم والأخلاق: خاصة عند النساء، حيث يتم ترويج مفاهيم التحرر من العار، والتصالح مع الجسد، والتشكيك في الحلال والحرام.
- العداء للعلماء والدعاة: يتم تشويه صورة العلماء والدعاة، ووصفهم بالظلاميين أو المتشددين، لصالح المدربين والمدربات.
- ضرب الولاء والبراء: فقدان الانتماء للأسرة، المجتمع، الوطن، وحتى الدين.
- تشويه صورة الإسلام: عبر أسلمة المفاهيم الباطنية، وخلط الحق بالباطل، مما يسبب بلبلة في المفاهيم الدينية.
- الوقوع في الشرك والسحر: كثير من الممارسات والطقوس هي في حقيقتها شركيات وسحر، وإن تم تغليفها بمصطلحات علمية أو روحية.
كيف نحمي أنفسنا وأبنائنا؟
- الوعي الديني: العودة للقرآن والسنة، وفهم العقيدة الصحيحة، وعدم الانجرار وراء كل جديد دون تمحيص.
- التحقق من المصادر: عدم تصديق كل من يحمل لقبًا أو يدعي العلم، بل التحقق من خلفيته العلمية والدينية.
- الحوار الأسري: فتح قنوات النقاش مع الأبناء والبنات، وتوضيح مخاطر هذه الممارسات.
- الابتعاد عن الدورات المشبوهة: خاصة التي تقدم بالمجان أو بأسعار زهيدة لجذب أكبر عدد ممكن.
- الاستشارة من أهل العلم: في حال الشك أو الحيرة، يجب الرجوع إلى العلماء والدعاة الثقات.
- عدم العزلة: الحرص على الجماعة، وعدم الانعزال عن الأسرة والمجتمع، فالذئب يأكل من الغنم القاصية.
- التحذير من أسلمة المفاهيم: الانتباه لمحاولات تمرير الشركيات بلباس إسلامي.
- التحذير من الطمع والبحث عن الحلول السريعة: فالحياة لا تعطي بلا مقابل، وكل نجاح يحتاج إلى جهد وصبر.
كلمة أخيرة
منهج العصر الجديد ليس مجرد "علم" أو "تطوير ذات" بريء، بل هو منظومة فكرية وروحية خطيرة، تهدد عقيدة وأخلاق وهوية المجتمعات، خاصة المسلمة. يجب علينا جميعًا، كأفراد وأسر ومجتمعات، أن نكون على وعي وحذر، وأن نحمي أبناءنا وبناتنا من الوقوع في هذا المستنقع.
إن العودة إلى الله، والتمسك بالقرآن والسنة، والاعتزاز بالهوية الإسلامية، هو الطريق الوحيد للنجاة من هذه الفتن.
اللهم احفظنا وأبناءنا من كل فتنة، واهدنا صراطك المستقيم.
ملاحظة: للمزيد من التوعية والنقاشات حول هذا الموضوع، يمكنكم متابعة قنوات متخصصة على اليوتيوب أو التليجرام مثل "سحر اليوغا والطاقة"، أو الانضمام إلى منتديات علمية وعقائدية موثوقة تناقش هذه القضايا بعمق وموضوعية.
https://www.youtube.com/watch?v=_xurGo4_Q1I