اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

منهج العصر الجديد: كيف تنتشر مفاهيم الطاقة وتُسوّق للناس؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل لافت ما يُسمى بمدارس الطاقة والتنمية الذاتية والعصر الجديد، وأصبح لها حضور قوي في المجتمعات العربية والعالمية على حد س

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل لافت ما يُسمى بمدارس الطاقة والتنمية الذاتية والعصر الجديد، وأصبح لها حضور قوي في المجتمعات العربية والعالمية على حد سواء. في هذا المقال، نسلط الضوء على منهج العصر الجديد في نشر هذه المفاهيم، ونكشف الأساليب التي يتبعها مدربو الطاقة لجذب المتابعين والتأثير عليهم، مع توضيح المخاطر الفكرية والاجتماعية والدينية المرتبطة بها.

بداية الانتشار: تسويق الدورات والعروض الجاذبة

تعتمد مدارس الطاقة الحديثة على استراتيجيات تسويقية ذكية لجذب الناس، تبدأ غالباً بعروض الدورات والكورسات المخفضة أو المجانية، ثم الانتقال تدريجياً إلى الدورات المدفوعة مع تقديم خصومات أو هدايا (مثل: "اشترِ دورة واحصل على الثانية مجاناً"). هذه العروض تشبه عروض السوبرماركت لجذب الزبائن، لكنها في الحقيقة مدخل لزرع أفكار جديدة في عقول المشاركين.

مرحلة التمكين وتكييف المحتوى

بعد جذب المتدربين، يبدأ المدربون بتكييف المحتوى حسب المجتمع والدين والحالة المادية والفئة العمرية. فمثلاً، قد تُمنح خصومات خاصة للنخب أو أصحاب الشهادات العليا، بينما تُقدم الدورات الأخرى للعامة بأسعار مختلفة. الهدف هنا هو الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة وتكييف الرسائل بما يتناسب مع خصوصية كل مجتمع.

الجواهر السبعة: الأساس الفكري لمدارس الطاقة

تعتمد أغلب مدارس الطاقة على ما يسمى "الجواهر السبعة"، وهي مفاهيم أساسية يجب زرعها في عقل وجسد وروح الممارس، وتشمل:

  • البرانيا: التنفس وفتح البوابات الروحية.
  • الاسان: حركات الجسد والإيماءات المرتبطة بالكواكب أو الآلهة.
  • البرات هاره: السيطرة على العقل.
  • الدار: توجيه الإرادة ومناطق التحكم العقلي.
  • الديانة: علم السيطرة على العقل.
  • سداي: مفهوم الاتحاد مع الوعي الإلهي أو الكون.
  • النعيم المطلق: تحقيق السعادة الكاملة والاتحاد مع الكون.

هذه المفاهيم تُسوّق على أنها علوم روحية أو طاقة كونية، لكنها في حقيقتها خليط من معتقدات شرقية (هندوسية، بوذية) مع إضافات العصر الجديد.

مراحل غرس الأفكار: من الحقائق إلى الخيال

يبدأ المدربون بتقديم معلومات حقيقية أو علمية في بداية الدورات، مستشهدين أحياناً بآيات أو أحاديث أو حتى أبحاث علمية، لإقناع المتدرب أن المنهج موثوق. بعد ذلك، يبدأ إدخال القصص الخيالية والتجارب الشخصية والمفاهيم الغيبية، حتى يقتنع المتدرب تدريجياً بأفكار لا أصل لها في الدين أو العلم.

ضرب الثوابت: التشكيك والتبديل

من أخطر مراحل المنهج هو ضرب الثوابت الدينية والاجتماعية عبر:

  • المتشابهات والبدائل: تقديم بدائل روحية أو فكرية للعقائد الدينية.
  • التأويل الباطني: تفسير النصوص الدينية تفسيرات باطنية.
  • زرع الشك: التشكيك في كل شيء، من الأسرة إلى الدين إلى الهوية.

يُطلب من المتدرب "تسليم العقل" للمدرب، ليبدأ الأخير في زرع البدائل وتغيير القناعات تدريجياً.

السيطرة الفكرية والعاطفية

يستخدم مدربو الطاقة وسائل متعددة للسيطرة على المتدربين، منها:

  • البرمجة العقلية واللغوية: مثل البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، ولغة الجسد، وفن الإلقاء.
  • العزلة والتكرار: دفع المتدرب للانعزال عن المجتمع والأسرة، وتكرار التوكيدات والرسائل الضمنية (Subliminal).
  • زرع الخوف: استغلال الحالات النفسية الضعيفة للمتدرب، وإقناعه بأن أي فشل أو ألم هو بسبب "تحرر الصدمات" أو "تراكم الطاقات السلبية".

تمييع المفاهيم وتغيير القيم

من أخطر ما تفعله هذه المدارس هو تمييع المفاهيم والقيم، بحيث يصبح كل شيء نسبي، لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق، ولا حتى ثوابت دينية أو أخلاقية. يتم ترويج التسامح المفرط ورفض إطلاق الأحكام، حتى يفقد الإنسان بوصلته الأخلاقية والدينية.

استغلال المسميات الأكاديمية

لإضفاء الشرعية والقبول الاجتماعي، يُطلق على المدربين مسميات براقة مثل: "لايف كوتش"، "مدرب وعي"، "أخصائي طاقة"، "ماستر ريكي"، وغيرها، بينما يتم تجنب المسميات الحقيقية مثل: "ساحر" أو "مشعوذ" أو "منجم"، حتى لا يُرفضوا اجتماعياً.

الشمولية والتخصص الزائف

يحرص مدربو الطاقة على تقديم أنفسهم كمختصين في كل شيء: أخصائي تغذية، عالم فلك، طبيب نفسي، مرشد أسري، بل وحتى مصدر للغيب! يمنعون المتدرب من استشارة أهل العلم أو الأطباء، ويحتكرون الفتوى والتشخيص والعلاج.

تسويق القوانين الكونية والهرمسية

يُطلب من المتدرب الإيمان المطلق بما يسمى "قوانين الكون" مثل: الجذب، الوفرة، النية، الانعكاس، وغيرها، على أنها قوانين حتمية لا تقبل النقاش. يتم ربط هذه القوانين بقصص وهمية وتجارب مفبركة لإقناع المتدربين بفاعليتها.

تبرير الفشل وتحميل المسؤولية للمتدرب

عندما لا تتحقق النتائج الموعودة، يتم إلقاء اللوم على المتدرب نفسه: "أنت السبب"، "طاقتك ضعيفة"، "لم تطبق التمارين بشكل صحيح"، وهكذا، فيستمر المتدرب في الدورات والبحث عن الحلول دون نهاية.

تحطيم القدوات وبناء قدوة زائفة

يعمل المنهج على تحطيم القدوات الدينية والاجتماعية، واستبدالها بقدوة المدرب أو المدربة، الذي يتحول إلى مصدر التشريع والإفتاء والتوجيه في كل شؤون الحياة، حتى في العبادات، التي تصبح وسيلة لتحقيق أهداف دنيوية، وليس طاعة خالصة لله.

الخلاصة: كيف نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا؟

من المهم أن نعي خطورة هذه المدارس والمناهج، وأن نحصّن أنفسنا وأبناءنا بالعلم الشرعي الصحيح، ونحذر من الانجراف وراء العناوين البراقة والدورات المجانية أو المخفضة. يجب العودة إلى أهل العلم الموثوقين، وعدم تسليم العقل أو القلب لأي مدرب أو مدربة مهما كانت مسمياتهم أو شهاداتهم.

في النهاية، تذكروا أن العقل نعمة من الله، فلا تجعلوه أداة في يد من يعبث به باسم الطاقة أو العصر الجديد. حافظوا على ثوابتكم وقيمكم، وكونوا على وعي بما يُسوّق لكم في هذا العصر المتغير.

هذا المقال يهدف إلى التوعية وكشف أساليب التلاعب الفكري في مدارس الطاقة والعصر الجديد، راجين من الله أن يحفظ مجتمعاتنا من كل شر.

https://www.youtube.com/watch?v=KgBM2oh5Htc

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك