مقال تعليمي: "خذ من الطاقة ما ينفعك واترك ما يضرك" – حقيقة أم مغالطة؟
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين المجتمعات العربية والإسلامية موجة من المصطلحات والممارسات المرتبطة بما يسمى "علوم الطاقة" والتنمية البشرية، مثل قانون ا
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين المجتمعات العربية والإسلامية موجة من المصطلحات والممارسات المرتبطة بما يسمى "علوم الطاقة" والتنمية البشرية، مثل قانون الجذب، الامتنان، الشاكرات، الوعي، الفينج شوي، الكونداليني، وغيرها. كثير من المدربين والمروجين لهذه المفاهيم يحاولون ربطها بالإسلام أو تبريرها بعبارات مثل: "خذ من الطاقة ما ينفعك واترك ما يضرك". فهل هذه المقولة صحيحة؟ وما حقيقتها من منظور علمي وشرعي؟
في هذا المقال، نستعرض أهم النقاط التي ناقشها مجموعة من المختصين والناجين من هذه الممارسات، لنكشف حقيقة هذه العلوم، ونوضح مخاطرها على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية.
أولاً: أسلمة المصطلحات الباطنية – خطر خفي
يحاول بعض المدربين العرب تكييف مصطلحات الطاقة الباطنية لتناسب الجمهور الإسلامي، فيعيدون تفسير قانون الجذب ليصبح "حسن الظن بالله"، وقانون الامتنان ليعني "الشكر لله"، ويستشهدون بأحاديث نبوية مثل "تفاءلوا بالخير تجدوه" (مع أنه ليس حديثاً صحيحاً). هذا التزيين للمصطلحات يفتح الباب واسعاً أمام دخول العقائد الباطنية إلى بيوت المسلمين دون وعي.
لماذا هذا خطير؟
- الأسلمة أخطر من الباطل الصريح: لأن الباطل المزين بالدين يلتبس على الناس ويصعب كشفه.
- تحريف المفاهيم: يتم تفسير المصطلحات حسب الأهواء الشخصية، وليس بناءً على أصولها الحقيقية.
- تغيير العقيدة: كثير من هذه المفاهيم تعارض أركان الإيمان والإسلام، مثل الإيمان بالقدر، التوحيد، واليوم الآخر.
ثانياً: جذور علوم الطاقة – عقائد وثنية
عند البحث في أصول علوم الطاقة، نجدها متجذرة في الديانات الهندوسية والبوذية والكابالا اليهودية، وتعتمد على أفكار مثل التناسخ، الكارما، وحدة الوجود، وعبادة قوى الطبيعة. على سبيل المثال:
- الكونداليني: طاقة مستمدة من الفلسفة الهندوسية، ترتبط بطقوس جنسية وروحية وثنية.
- الشاكرات: مراكز طاقة مأخوذة من البوذية والهندوسية، لا علاقة لها بأي نص ديني إسلامي.
- الوعي والعين الثالثة: مفاهيم مرتبطة بالروحانيات الشرقية وفتح أبواب لعوالم الجن والشياطين.
هل يمكن أخذ المفيد وترك الضار؟
لا يمكن فصل هذه الممارسات عن جذورها الوثنية، ولا يمكن "تطهيرها" أو "أسلمتها" لأنها تقوم على فلسفات متكاملة متعارضة مع التوحيد. كما أن التجربة تثبت أن من يبدأ في هذه الدورات سرعان ما ينزلق إلى ممارسات شركية أو سحرية دون أن يشعر.
ثالثاً: خدعة التنمية البشرية والطاقة – بين الوهم والاستدراج
يظن البعض أن هذه الدورات تساعد على النجاح والسعادة وتحقيق الأهداف، ويستشهدون بقصص عن الشفاء أو الثراء أو الرؤى. لكن الحقيقة أن:
- النتائج المؤقتة قد تكون استدراجاً من الشياطين، كما حصل مع المرأة التي كان يرقيها يهودي فشفيت مؤقتاً.
- الاستمرار في هذه الدورات يؤدي إلى اضطرابات نفسية وروحية، مثل الهلاوس، الانفصام، الاكتئاب، بل وحتى الإدمان على المخدرات أو الهلوسة.
- الانحراف العقدي: كثير من الممارسين ينجرفون إلى الإيمان بالتناسخ، وحدة الوجود، أو حتى عبادة الشيطان (لوسيفر) دون وعي.
رابعاً: تزييف القدوات والبحث عن "الاستنارة"
لاحظنا ظاهرة خطيرة في أوساط بعض المروجين للطاقة، حيث يدّعون قدرات خارقة مثل معرفة الغيب، التواصل مع الأرواح، رؤية الملائكة، أو حتى التفوق على الصحابة والأنبياء! هذه الادعاءات ليست سوى تضليل واستعلاء روحي يقود إلى النرجسية والشرك.
لماذا يصدقهم الناس؟
- ضعف الوعي الديني: غياب الفهم الصحيح للعقيدة يجعل الناس ينجذبون لأي كلام "روحاني" أو "إيجابي".
- التلاعب بالمصطلحات: استخدام ألفاظ إسلامية أو علمية لإضفاء الشرعية على الممارسات الوثنية.
- الاستغلال النفسي: استهداف الفئات الضعيفة (المرضى، النساء، المراهقين) وإيهامهم بالحلول السحرية.
خامساً: خطر هذه الممارسات على الفرد والمجتمع
- تدمير العقيدة: الانحراف عن التوحيد والإيمان بالقدر واليوم الآخر.
- تفكيك الأسر: حالات طلاق، قطيعة، اضطرابات بين الأزواج والأبناء بسبب تأثيرات الطاقة.
- الضرر الصحي: انتشار أمراض نفسية وجسدية بسبب الاعتماد على "العلاج الطاقي" وترك الطب الحقيقي.
- الاستغلال المالي: دفع أموال طائلة لدورات وهمية، وشراء منتجات لا قيمة لها.
- انتشار السحر والشعوذة: دخول ممارسات سحرية صريحة تحت غطاء "الطاقة" و"التشافي".
سادساً: كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- الوعي والبحث: اقرأ عن أصول هذه العلوم من مصادرها الأصلية، وافهم جذورها الوثنية.
- الرجوع للعلماء الثقات: استفتِ أهل العلم في كل ما يلتبس عليك، ولا تأخذ دينك من المدربين أو المؤثرين.
- التمسك بالعقيدة الصحيحة: اجعل التوحيد والقرآن والسنة ميزانك في كل شيء.
- التوعية المجتمعية: شارك في نشر الوعي بين الأهل والأصدقاء، وناقش هذه القضايا بهدوء وعقلانية.
- الحذر من الدورات المشبوهة: لا تشارك في أي دورة أو جلسة لا تعرف حقيقتها، ولا تسلّم معلوماتك الشخصية لأي جهة غير موثوقة.
- التحصين الشرعي: حافظ على أذكار الصباح والمساء، والصلاة، وقراءة القرآن، والرُقية الشرعية.
سابعاً: التوبة والنجاة – باب مفتوح للجميع
لكل من وقع في هذه الممارسات، اعلم أن باب التوبة مفتوح، وأن الله يغفر الذنوب جميعاً. لا تيأس من رحمة الله، ولا تظن أن الماضي سيحكم مستقبلك. ابدأ من جديد، وارجع إلى الله بقلب صادق، واطلب منه الثبات والهداية.
خلاصة المقال
مقولة "خذ من الطاقة ما ينفعك واترك ما يضرك" ليست إلا فخاً خطيراً يزين الباطل ويخفي حقيقته. علوم الطاقة ليست علماً حقيقياً، بل هي منظومة عقدية وفلسفية وثنية تتعارض مع الإسلام. لا يمكن "أسلمتها" أو فصلها عن جذورها، وأي محاولة لذلك تفتح أبواب الشرك والضلال على المجتمعات.
حافظ على دينك، وكن واعياً، ولا تغتر ببريق الشعارات أو وعود المدربين. ديننا كامل، وشرعنا واضح، والشفاء والسعادة والنجاح الحقيقي كلها بيد الله وحده.
كلمات أخيرة
- لا يوجد علم طاقة في الإسلام، ولا شاكرات، ولا كونداليني، ولا علاج باللمسة الشفائية.
- كل ما يخالف العقيدة الصحيحة فهو باطل، مهما زُيّن أو غُلف بعبارات دينية.
- واجبنا أن نحذر ونحذر، وأن نكون قدوة في التمسك بالحق والدعوة إليه.
"ما بُني على باطل فهو باطل"
المصادر المقترحة للقراءة:
- كتب العقيدة الإسلامية (أهل السنة والجماعة)
- فتاوى العلماء في حكم علوم الطاقة والتنمية البشرية
- دراسات نقدية حول جذور الطاقة والوعي في الديانات الشرقية
شارك هذا المقال مع من تحب، وكن سبباً في إنقاذ إنسان من فخ الباطل.
كتبه: فريق التوعية حول مخاطر علوم الطاقة والتنمية البشرية المزيفة
https://www.youtube.com/watch?v=y8SnXdu5DU0