اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

مقال تعليمي: كشف خرافات مدارس الطاقة والتنمية البشرية – نظرة علمية ودينية

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والباحثين عن تطوير الذات العديد من المفاهيم والممارسات المنسوبة لما يُسمى "مدارس الطاقة" و"التنمية البشرية". هذه

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والباحثين عن تطوير الذات العديد من المفاهيم والممارسات المنسوبة لما يُسمى "مدارس الطاقة" و"التنمية البشرية". هذه المدارس تروج لأفكار مثل العقل الباطن، الجذب، الطفل الداخلي، وغيرها من المصطلحات التي تبدو براقة، لكنها في الواقع تفتقر للأسس العلمية والدينية الصحيحة. في هذا المقال، سنناقش هذه المفاهيم ونوضح الفرق بينها وبين العلم الحقيقي والدين، مع التركيز على أهمية العودة إلى المصادر الموثوقة في العلم والدين.

أولاً: العقل بين العلم والدين

ما هو العقل؟

العقل هو نعمة عظيمة منحها الله للإنسان، وهو مركز التفكير والتمييز واتخاذ القرار. في الإسلام، العقل هو مناط التكليف، أي أن الإنسان يُحاسب على أفعاله ما دام عاقلاً. يقول الله تعالى: "لهم قلوب لا يفقهون بها"، ويقول أيضًا: "ولكن أكثرهم لا يعقلون".

خرافة العقل الباطن واللاواعي

يروج بعض المدربين في التنمية البشرية وعلوم الطاقة لفكرة وجود "عقل واعٍ" و"عقل لا واعٍ" أو "عقل باطن"، ويزعمون أن معظم تصرفات الإنسان تتحكم فيها هذه المنطقة الغامضة من العقل. يستندون أحيانًا إلى نظريات فرويد، الذي عاش في فترة سيطرة المادية على الفكر الغربي، وفسر الإنسان تفسيرًا ماديًا بحتًا.

لكن الحقيقة العلمية والطبية تؤكد أن الدماغ البشري يعمل كوحدة متكاملة، وأن ما يسمى "العقل الباطن" ليس سوى محاولات لتفسير بعض العمليات النفسية المعقدة، وليس هناك ما يسمى عقلان منفصلان. بل إن الذكريات والمشاعر والتجارب تتراكم في الذاكرة، ويمكن استدعاؤها أو نسيانها، لكن لا يوجد "مخزن سحري" يسمى بالعقل الباطن يتحكم في مصير الإنسان دون وعيه.

كيف يتم استغلال هذه المفاهيم؟

يستغل بعض مدربي الطاقة والتنمية البشرية هذه المصطلحات لإقناع الناس بأن لديهم قدرات خارقة أو مشاكل عميقة لا يمكن حلها إلا عبر جلساتهم ودوراتهم، ما يفتح الباب للاستغلال المالي والنفسي. يروجون لفكرة أن كل شيء يمكن تغييره بتكرار التوكيدات أو جلسات التأمل أو غيرها من الممارسات غير المثبتة علميًا.

ثانياً: الذكر والاستغفار بين السنة والابتداع

الذكر والاستغفار في الإسلام

الذكر والاستغفار من أعظم العبادات في الإسلام، وقد شرعهما الله لتطهير النفوس وغفران الذنوب وجلب الخير والبركة. يقول الله تعالى على لسان نوح عليه السلام: "استغفروا ربكم إنه كان غفاراً".

تحديد الأعداد والنيات في الذكر

وردت في السنة النبوية أذكار محددة بعدد معين، مثل الاستغفار مائة مرة أو التسبيح ثلاثًا وثلاثين بعد الصلاة. لكن لم يرد في القرآن أو السنة تحديد أعداد غريبة مثل 369 أو 700 أو غيرها، كما يروج بعض مدربي الطاقة. الأصل أن يلتزم المسلم بما ورد في السنة، ويكثر من الذكر والاستغفار دون تقييد نفسه بعدد لم يرد في الشرع.

أما النية، فيجوز الجمع بين نية الاستغفار وطلب الرزق أو الشفاء، لكن الأصل أن يكون الذكر خالصًا لله، ثم يدعو المسلم بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.

ثالثاً: مصطلحات دخيلة – الذات العليا، التصالح الروحي، الطفل الداخلي

الذات العليا والتصالح معها

انتشرت مصطلحات مثل "التصالح مع الذات العليا" أو "الاتصال بالوعي الإلهي"، وهي مصطلحات دخيلة لا أصل لها في القرآن ولا السنة. الله سبحانه وتعالى علمنا أسماءه وصفاته، ولم يرد في الكتاب أو السنة تسمية الله بـ"الذات العليا". الأدب مع الله يقتضي أن نستخدم الأسماء التي سمى بها نفسه.

الطفل الداخلي والجراح النفسية

يروج بعض المدربين لفكرة "الطفل الداخلي" وأن على الإنسان أن يصالح هذا الطفل ليشفى من جراحه النفسية. هذه فكرة مستوردة من مدارس نفسية غربية، وغالبًا ما تُستغل في جلسات مدفوعة الثمن. في الحقيقة، الذكريات المؤلمة تُعالج بالطرق العلمية الصحيحة، مثل العلاج النفسي المعتمد على الدليل، وليس عبر طقوس أو جلسات طاقة أو تأملات غير مثبتة.

رابعاً: الفرق بين علم النفس والتنمية البشرية

علم النفس

علم النفس هو علم معقد، يعتمد على البحث والتجربة ويخضع للنقد والتطوير المستمر. يتعامل مع السلوك البشري والاضطرابات النفسية بطرق علمية، ويعتمد على التشخيص الدقيق والعلاج المبني على الأدلة.

التنمية البشرية

أما التنمية البشرية، فهي مجال واسع يضم الكثير من الدورات والكتب التي تركز أحيانًا على التحفيز الذاتي وتطوير المهارات. المشكلة أن كثيرًا من مدربي التنمية البشرية يخلطون بين العلم والخرافة، ويعتمدون على التوكيدات والوعود الزائفة بالنجاح السريع أو الشفاء العجيب، دون أساس علمي أو ديني.

خامساً: التوكل على الله والثقة بالنفس

الإسلام يحث على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب. يقول النبي ﷺ: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير...". الثقة بالنفس مطلوبة، لكن بشرط ألا تتحول إلى تعظيم للنفس أو الغرور، بل يدرك الإنسان أن كل ما لديه من قدرات هو من فضل الله عليه.

سادساً: خطورة الانخراط في مدارس الطاقة والتنمية البشرية غير المنضبطة

الانخراط في هذه المدارس قد يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية ودينية، خاصة إذا انحرف الإنسان عن المنهج الصحيح، أو أصبح يعتمد على أوهام الجذب والطاقة والتصالح مع الذات العليا بدل الاعتماد على الله والأخذ بالأسباب المشروعة. وقد يصل الأمر إلى التأثير السلبي على الأسرة والمجتمع.

سابعاً: العلاج النفسي بين الدين والعلم

إذا واجه الإنسان مشكلة نفسية حقيقية، فعليه أن يلجأ إلى الطبيب المختص، وليس إلى مدربي الطاقة أو التنمية البشرية غير المؤهلين. لا عيب في مراجعة الطبيب النفسي، فالصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.

ثامناً: أهمية العودة للعلماء والمصادر الموثوقة

يجب على المسلم أن يأخذ دينه وعلمه من المصادر الموثوقة: القرآن، السنة، العلماء الربانيين، والأطباء المتخصصين. لا يجوز أن نأخذ ديننا أو علاجنا من أشخاص مجهولين أو مدربين غير مؤهلين.

خلاصة وتوصيات

  • ميز بين العلم والخرافة: لا تنخدع بالمصطلحات البراقة، وابحث عن الدليل العلمي والديني.
  • الزم السنة: في الذكر والاستغفار والعبادات، اتبع ما ورد عن النبي ﷺ.
  • احذر من الدورات غير المرخصة: لا تهدر مالك ووقتك على دورات تعدك بما لا يمكن تحقيقه.
  • ثق بالله وتوكل عليه: خذ بالأسباب المشروعة، وادع الله في كل أمر.
  • اطلب العلم من أهله: عد إلى العلماء والأطباء المختصين في كل مجال.
  • ساعد غيرك على التوعية: شارك هذه المعلومات مع من حولك، وكن سببًا في هداية غيرك.

ختامًا، العلم والدين هما طريق النجاة من الخرافات والأوهام. حافظ على عقلك ودينك، ولا تسمح لأحد أن يعبث بهما. نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يردنا إليه ردًا جميلًا، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.

للمزيد من المقالات التوعوية، تابع منتدى نور الحقيقة، وشارك في التحدي الأسبوعي بنشر الوعي بين أصدقائك وأهلك.

https://www.youtube.com/watch?v=vnm2g6bDJ0c

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك