اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

نقد مدارس الطاقة والوعي: رؤية شرعية وتربوية

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية موجات من الفكر المستورد تحت مسمى "مدارس الطاقة" و"الوعي" و"التنمية البشرية"، والتي تروج لمفاهيم غامضة

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية موجات من الفكر المستورد تحت مسمى "مدارس الطاقة" و"الوعي" و"التنمية البشرية"، والتي تروج لمفاهيم غامضة حول القدر، والوعي، والاتصال بالعوالم الأخرى، وتقديم الإنسان كخالق لمصيره. هذا المقال يستعرض أبرز ما جاء في لقاء علمي مع الدكتور أيمن العنقري، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حول مخاطر هذه المدارس وأثرها على العقيدة الإسلامية، ويقدم نصائح عملية للآباء والمربين والباحثين عن الحقيقة.

أولاً: ما هي مدارس الطاقة والوعي؟

مدارس الطاقة والوعي هي تيارات فكرية حديثة، تستند إلى خليط من الفلسفات الشرقية القديمة (كالهرمسية والغنوصية) مع لمسات من التنمية الذاتية، وتدّعي أنها تمنح الإنسان القدرة على التحكم في مصيره وتغيير واقعه من خلال "قوانين كونية" مثل قانون الجذب وقانون النية وغيرها.

هذه المدارس تروج لفكرة أن الإنسان يستطيع خلق واقعه بنفسه، وأنه كلما انسجم مع "قوانين الكون" كلما استطاع أن يحقق ما يريد، متجاهلين بذلك المفهوم الإسلامي للقدر والتوكل على الله.

ثانياً: أخطر المفاهيم التي تروج لها هذه المدارس

1. الاعتماد على مصادر غيبية باطلة

يركز رواد هذه المدارس على الاتصال بالعوالم الأخرى، والاستلهام من "مصادر غيبية" كالإلهام، والحدس، والرؤى، والمنامات، والهواتف، معتبرين أن هذه المصادر أصدق من نصوص الوحي. الهدف من ذلك، كما يوضح الدكتور أيمن، هو صرف المسلم عن المصادر الصحيحة للمعرفة (القرآن والسنة) وإدخاله في متاهات الخرافة والباطل.

2. تأليه الذات

تدعو هذه المدارس إلى تعظيم النفس وتأليه الذات، بحيث يصبح الإنسان هو الإله المتحكم في مصيره، ويستغني عن التوكل على الله والافتقار إليه. ويعتبرون أن مظاهر العبودية لله، كالدعاء والانكسار بين يديه، هي عوائق أمام "ارتقاء الوعي".

3. هدم عقيدة القضاء والقدر

تروج هذه المدارس لما يسمى "القدر التفاعلي"، حيث يزعمون أن الإنسان يخلق قدره بنفسه إذا انسجم مع "قوانين الكون"، وبذلك ينسفون الركن السادس من أركان الإيمان (الإيمان بالقدر خيره وشره)، ويستخفون بعلم الله ومشيئته.

4. زرع الشكوك والشبهات

كثير من المتأثرين بهذه المدارس يخرجون منها بعقول مليئة بالشبهات حول السنة النبوية، والقرآن، والعلماء، ويشعرون بانفصال روحي عن الدين، حتى وإن استمروا في أداء بعض العبادات شكلياً.

ثالثاً: لماذا ينجذب الشباب لهذه المدارس؟

  • البحث عن حلول سريعة لمشكلات الحياة: كثير من الشباب يبحث عن حلول لمشكلاته النفسية والاجتماعية فيلجأ لهذه المدارس بحثاً عن السعادة والنجاح.
  • ضعف الوعي الديني: غياب التوعية بالعقيدة الصحيحة في البيت والمدرسة، وغياب الحوار مع الأبناء حول الشبهات، يجعلهم فريسة سهلة لهذه الأفكار.
  • انتشار الكتب والروايات المضللة: كثير من هذه الأفكار تروج عبر كتب وروايات جذابة، وأحياناً تحت غطاء التنمية البشرية، دون رقابة أو وعي من الأهل.
  • تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: السوشيال ميديا أصبحت منصة رئيسية لنشر هذه الأفكار، وغالباً ما يجد الأبناء إجاباتهم فيها بدلاً من الرجوع للأهل أو العلماء.

رابعاً: نصائح عملية للوقاية والعلاج

1. التمسك بالقرآن والسنة

أوصى الدكتور أيمن بالإكثار من قراءة القرآن بتدبر، وجعل ورد يومي منه، والإكثار من الدعاء والافتقار إلى الله، وعدم الاتكال على النفس أو "الطاقة" أو "النية".

2. دراسة العقيدة الصحيحة

دراسة العقيدة الإسلامية بشكل منهجي، ومعرفة أركان الإيمان، وخاصة باب القضاء والقدر، تحصّن المسلم من الشبهات. من الكتب الموصى بها: "رسالة القضاء والقدر" للشيخ محمد بن عثيمين.

3. عدم الاستماع لأهل البدع والشبهات

الابتعاد عن سماع أو قراءة أفكار أهل البدع، وعدم الدخول في نقاشات معهم إلا لمن كان مؤهلاً علمياً، لأن الشبهات تعلق بالقلب وتؤثر فيه.

4. سؤال المتخصصين قبل قراءة أي كتاب

قبل شراء أو قراءة أي كتاب في التنمية الذاتية أو الطاقة أو الوعي، يجب سؤال أهل العلم والمتخصصين عن سلامة محتواه، وعدم الانسياق وراء "الموضة" أو توصيات الأصدقاء.

5. الرضا والقناعة بما قسمه الله

من أهم أسباب السعادة والطمأنينة هو القناعة والرضا بما قسمه الله، وعدم الانشغال بالمقارنات مع الآخرين أو الانجرار وراء أوهام "الاستحقاق" و"الجذب".

6. التوعية الأسرية المبكرة

على الآباء والأمهات غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأبناء منذ الصغر، وفتح الحوار معهم حول الشبهات، ومتابعة ما يقرؤون ويشاهدون.

خامساً: دور المجتمع وأهل الاختصاص

أكدت إحدى المشاركات في اللقاء، وهي مدربة سابقة في التنمية البشرية، أن كثيراً من المدربين والمتأثرين بهذه المدارس أصبح لديهم نوع من الكبر والتعالي، وكأنهم يملكون أسرار الكون. لذلك، من الضروري على أهل الاختصاص في العقيدة والدعوة تكثيف اللقاءات التوعوية، وإنتاج محتوى علمي مبسط يوضح حقيقة هذه المدارس، ويفند شبهاتها، ويقدم البدائل الشرعية الصحيحة.

سادساً: شهادات وتجارب واقعية

شارك في اللقاء عدد من التائبين والتائبات من هذه المدارس، وأكدوا أن العودة للقرآن والسنة، والبحث عن الحقيقة بنية صادقة، كانت سبباً في نجاتهم من هذه الأفكار. كما أشاروا إلى أهمية وجود قنوات توعوية ولقاءات علمية مستمرة لدعم من يريد العودة للطريق الصحيح.

خلاصة وتوصيات

  • مدارس الطاقة والوعي ليست علماً حقيقياً، بل خليط من فلسفات باطنية تهدف لهدم العقيدة الإسلامية.
  • التمسك بالوحي، ودراسة العقيدة، والبعد عن الشبهات، والرضا بما قسمه الله، هي السبل الحقيقية للسعادة والنجاح.
  • على المجتمع، وخاصة أهل العلم والدعوة، تكثيف الجهود التوعوية، وتقديم البدائل الشرعية، والتواصل مع الشباب بلغتهم واحتياجاتهم.

نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة، وأن يردهم إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبارك في جهود المخلصين من أهل العلم والدعوة.

للمزيد من اللقاءات العلمية والتوعوية حول شبهات مدارس الطاقة والوعي، تابعوا اللقاءات الشهرية مع الدكتور أيمن العنقري، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

https://www.youtube.com/watch?v=Yeze1fwjVF4

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك