قضية مدربة الطاقة التونسية: جرس إنذار لمخاطر ممارسات الطاقة والروحانيات
في الآونة الأخيرة، هزّت المجتمع العربي قضية مدربة الطاقة التونسية التي أقدمت على جريمة قتل ابنتها الصغيرة، وسط ادعاءات بأنها تلقت "إيحاءات روحية" وأوا
في الآونة الأخيرة، هزّت المجتمع العربي قضية مدربة الطاقة التونسية التي أقدمت على جريمة قتل ابنتها الصغيرة، وسط ادعاءات بأنها تلقت "إيحاءات روحية" وأوامر من عوالم غيبية. هذه الحادثة المؤلمة، التي تحولت إلى قضية رأي عام، فتحت باب النقاش على مصراعيه حول مخاطر ممارسات الطاقة والروحانيات المنتشرة في مجتمعاتنا العربية.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على تفاصيل القضية، ونحلل أسبابها، ونتناول آراء المتخصصين حول حقيقة هذه الممارسات، وأثرها النفسي والاجتماعي، وكيفية حماية أنفسنا وأبنائنا من الانجراف خلفها.
ملخص القضية: من مدربة طاقة إلى متهمة بجريمة قتل
بدأت القصة عندما انتشر خبر إقدام مضيفة طيران تونسية ومدربة طاقة على قتل ابنتها الصغيرة خنقًا، ثم محاولة الانتحار. وخلال التحقيقات، اعترفت المتهمة بأنها كانت تمارس جلسات التأمل والعلاج بالطاقة، وأنها تعرضت لما سمته "يقظة روحية" جعلتها تعتقد أنها تتلقى أوامر إلهية من عوالم أخرى، وأنها تجسد روح السيدة مريم العذراء، وأن ابنتها يجب أن تصعد معها إلى السماء.
الغريب في الأمر أن تقرير الطب النفسي أكد أنها لا تعاني من أي مرض نفسي أو عقلي، وأنها كانت بكامل قواها العقلية أثناء ارتكاب الجريمة. كما اعترفت بأنها كانت تعقد جلسات علاج بالطاقة في منزلها، وأنها شاركت في جلسات تأمل جماعية مع مدربين أجانب، خاصة جلسة مع مدرب إيطالي عند الأهرامات في مصر، حيث بدأت ترى "تجليات" وتسمع "أصواتًا" تزعم أنها من الأنبياء.
ما وراء الجريمة: كيف تقود ممارسات الطاقة إلى الضياع؟
ناقش ضيوف البث المباشر، من خبراء سابقين في مجال الطاقة، وأطباء، وأخصائيين نفسيين، عدة محاور مهمة حول القضية، أبرزها:
- كثير من ممارسات الطاقة والتأمل، خاصة تلك التي تستحضر "السجلات الأكاشية" أو تعتمد على "الخيمياء الروحية"، تفتح أبوابًا خطيرة للاستدراج الشيطاني والتلاعب بالعقل والمشاعر.
- بعض الجلسات تتضمن طقوسًا غامضة، وتخيلات قوية، وإيحاءات تجعل الممارس يعتقد أنه يتواصل مع كائنات غيبية أو أنبياء أو ملائكة، ما يؤدي إلى فقدان التمييز بين الواقع والخيال.
- هذه الممارسات قد تسبب اضطرابات عقلية أو ما يُعرف بـ"اللوث العقلي"، حيث يفقد الإنسان قدرته على التمييز بين الخير والشر، ويصبح عرضة للأفكار الانتحارية أو الإجرامية.
- بعض الحالات تصل إلى مرحلة الذهان أو الانفصام أو حتى التلبس الشيطاني، كما أكد العديد من المتخصصين.
- عقائد مثل تناسخ الأرواح، الكارما، وتوأم الشعلة، تُستخدم لتبرير الجرائم أو الهروب من المسؤولية، حيث يعتقد الممارس أن الروح ستنتقل إلى حياة أخرى، أو أن الجريمة جزء من "تطهير كارمي".
- هذه الأفكار تُغرس تدريجيًا في عقل الممارس حتى يصبح مقتنعًا بها تمامًا، ويبرر بها أي فعل مهما كان شنيعًا.
- كثير من المدربين يروجون أنفسهم كـ"معالجين" أو "مدربي وعي"، ويخلطون بين مفاهيم علم النفس والتنمية البشرية والطاقة، ويستغلون حاجات الناس النفسية أو الروحية.
- لا يوجد أي اعتراف علمي أو طبي رسمي بهذه الممارسات، وغالبًا ما يكون المدربون بلا خلفية علمية حقيقية.
المجتمع والأسرة: أين الخلل؟
ناقش الحضور أيضًا غياب دور الأسرة والرقابة الأبوية، وكيف أن بعض الآباء لا ينتبهون لتغيرات سلوك أبنائهم أو انجرافهم خلف هذه الممارسات، خاصة مع انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحت مسميات براقة مثل "تطوير الذات" أو "العلاج بالطاقة".
كما تم التأكيد على أهمية التحصين الفكري والعقائدي للأبناء، وتعزيز الهوية الدينية والثقافية، وعدم الانبهار بالمدربين الأجانب أو المصطلحات الغربية، فالعديد من هذه الممارسات دخيلة على مجتمعاتنا.
رسائل توعوية وتحذيرية
- احذروا من أي ممارسات روحية أو طاقية غير معترف بها علميًا أو دينيًا.
- لا تنخدعوا بالمسميات: مدرب، معالج، كوتش... فغالبًا ما تكون شهاداتهم وهمية.
- الطاقة ليست علمًا، بل خليط من الخرافات والطقوس الباطنية، وقد تكون بوابة للسحر والشعوذة.
- أي تحسن مؤقت تشعر به بعد هذه الجلسات هو مجرد تخدير نفسي أو استدراج شيطاني، وسرعان ما تظهر آثار سلبية أكبر.
- احرصوا على تحصين أبنائكم عقائديًا وفكريًا، وراقبوا ما يتابعونه على الإنترنت.
- العودة للدين والقيم الأصيلة، والتعلم من مصادر موثوقة، هو الحصن الحقيقي ضد هذه التيارات الهدامة.
خلاصة: حادثة يجب أن توقظ المجتمع
قضية مدربة الطاقة التونسية ليست مجرد حادثة فردية، بل جرس إنذار لمجتمعنا كله. إنها تكشف عن عمق الخطر الكامن في ممارسات الطاقة والروحانيات الزائفة، وتؤكد ضرورة التحرك العاجل من الجهات الرسمية والأسر والمؤسسات التعليمية والدينية، لوضع حد لهذا التيار المتنامي، وتجريم هذه الممارسات، وتكثيف حملات التوعية.
إن حماية أبنائنا ومجتمعاتنا من الوقوع في مستنقع الضياع الروحي والفكري مسؤولية جماعية، تبدأ من البيت، وتستمر في المدرسة، وتترسخ في الإعلام، وتتطلب يقظة دائمة.
ملاحظة ختامية:
كل من دخل في ممارسات الطاقة أو الروحانيات الباطنية، عليه أن يسارع بالتوبة والعودة إلى الله، وطلب الدعم النفسي والديني من مصادر موثوقة، فالباب مفتوح دائمًا لمن أراد النجاة.
مصادر مقترحة للقراءة والتوعية:
- كتاب "منهج التربية النبوية للطفل" للدكتور محمد سويد.
- متابعة حملات التوعية ضد علوم الطاقة والتنمية البشرية الزائفة.
- الرجوع للعلماء والدعاة الموثوقين في مسائل العقيدة والتربية.
شاركوا هذا المقال مع من تحبون، فالتوعية مسؤولية الجميع.
https://www.youtube.com/watch?v=smU2Dg7-Zjc