🔵 قراءات البتار ( الحلقة الثالثة )
**قراءات البتار – الحلقة الثالثة* قناة: سحر اليوغا والطاقة في عالم اليوم، ومع الانفتاح الثقافي والمعرفي الهائل، انتشرت العديد من الفلسفات والممارسات
أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة
**قراءات البتار – الحلقة الثالثة*قناة: سحر اليوغا والطاقة
مقدمة
في عالم اليوم، ومع الانفتاح الثقافي والمعرفي الهائل، انتشرت العديد من الفلسفات والممارسات القادمة من الشرق، خاصة تلك التي تتعلق بالطاقة، والروحانيات، وبرامج التنمية البشرية، والاستشفاء البديل. كثير من هذه المفاهيم، رغم أنها تبدو براقة وحديثة، إلا أنها في الأصل مستمدة من عقائد وفلسفات شرقية وثنية قديمة، كما أوضحت الدكتورة فوز كردي في كتابها "أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة".
في هذا المقال، سنستعرض أبرز ما جاء في هذا الكتاب، ونحلل كيف تسللت هذه الأفكار إلى حياتنا اليومية، وما هي المخاطر التي قد تنجم عن تبنيها دون وعي أو تمحيص.
القصة المفتاحية: الحوار مع الحسين بن عمران
بدأت الحلقة بقصة حوار النبي محمد ﷺ مع الحسين بن عمران، والتي توضح أهمية التفكير النقدي وطرح الأسئلة الذكية التي تعيد الإنسان إلى الفطرة السليمة. عندما سُئل الحسين عن عدد الآلهة التي يعبدها، أجاب بأنه يعبد سبعة في الأرض وواحد في السماء، ومع ذلك عندما كان يُصاب بالضر أو يحتاج للعون، كان يدعو الذي في السماء فقط. هذا الحوار يسلط الضوء على ظاهرة الشرك الخفي، حيث يقر الإنسان بوجود إله واحد لكنه يشرك معه غيره في بعض الممارسات، وهو ما يحدث اليوم مع من يتبنون بعض تطبيقات العصر الجديد.
الفلسفة الشرقية: من الوثنية القديمة إلى برامج العصر الحديث
الجذور التاريخية
الفلسفات الشرقية والشمولية غالبًا ما كانت بديلة عن الدين، إذ حاولت تقديم إجابات عن أسئلة الوجود الكبرى: من أنا؟ ما الغاية من وجودي؟ ما علاقتي بالكون؟ وإلى أين المصير؟
تاريخيًا، ورثت الدولة الرومانية الديانات الوثنية التي كانت تعبد النجوم والكواكب، وقسمت آلهتها إلى اثني عشر إلهًا، لكل منهم وظيفة محددة. ومع مرور الزمن، ظهرت بدع جديدة مثل تأليه الحكام واستخدام الكهنة والمعابد لتبرير قرارات السلطة، وهو ما يشبه اليوم دور "المرشدين الروحانيين" الذين يتحكمون في قرارات الأفراد بحجة تلقيهم رسائل من الكون أو الطاقة.
انتقال الوثنية إلى البيئة العربية
مع توسع القبائل في مكة، بدأت مظاهر الوثنية تظهر بشكل اجتماعي، حيث كان الناس يتباركون بالأحجار الكريمة ويعتقدون بتأثيرها على حياتهم وصحتهم، وتحولت هذه الممارسات تدريجيًا إلى عبادة أصنام وأوثان. هذه الممارسات القديمة تجد صداها اليوم في بعض برامج الطاقة والتنمية البشرية التي تروج لفكرة أن الأحجار أو الطقوس تجلب النفع أو تدفع الضر.
الفلسفة الشرقية في العصر الحديث
أسباب الانتشار
التقدم السريع في الاتصالات والانفتاح المعرفي على الشرق في العصر الحديث ساهم في انتشار المبادئ والفلسفات الشرقية والوثنية عبر الطقوس والممارسات اليومية، ليس فقط بين أتباعها الأصليين، بل انتقلت إلى مجتمعات أخرى، خاصة في الغرب الذي عانى من فراغ روحي بعد الحربين العالميتين.
التحول في الغرب
شهدت أوروبا وأمريكا في القرن العشرين انفصالًا بين عالم المادة وعالم الروح، وظهرت فلسفات مادية مثل الداروينية والفرويدية والنسبية، التي جعلت الإنسان مجرد نتاج للمادة. هذا أدى إلى فراغ روحي كبير، فبدأت المجتمعات الغربية تبحث عن بدائل روحية، فوجدت ضالتها في الفلسفات الشرقية التي تقدم حلولًا لمشاكل القلق والضياع الوجودي.
تسلل الفلسفات الشرقية إلى برامج التنمية البشرية
ظهرت برامج التنمية البشرية كوسيلة لتسويق الفلسفات الشرقية والعقائد الوثنية في قالب عصري، حيث رُبطت هذه البرامج بمفاهيم الصحة، والرياضة، وتطوير الذات، والعلاج، والهندسة، والديكور، وغيرها. تم تصميم هذه البرامج بعناية لتناسب متطلبات الحياة اليومية لمختلف الناس، وسرعان ما انتشرت في العالم العربي من خلال الترجمة والتسويق.
المبادئ والمعتقدات الفلسفية الشرقية في برامج التدريب
استعرضت الحلقة أبرز المبادئ التي اعتمد عليها المدربون في برامج التنمية البشرية وحركة العصر الجديد، والتي أثرت بشكل كبير على عقائد كثير من المسلمين دون أن يشعروا.
1. عقيدة وحدة الوجود
تقوم هذه العقيدة على أن أصل الوجود كلي واحد، وكل ما في الكون هو تجلٍ له. يُروّج لهذه الفكرة بأن الإنسان يمكنه أن يجد الله في نفسه، وأن الغاية من الوجود هي العودة إلى الذات. هذا المنطق يؤدي إلى عبادة الذات والهوى، ويُلغي التوتر الأخلاقي، إذ يصبح الخير والشر مجرد وجهات نظر، ويختفي مفهوم الحلال والحرام.
2. فلسفة الين واليانج (Yin & Yang)
هذه الفلسفة الطاوية العميقة الجذور تفسر الوجود على أساس وجود قوتين متناقضتين متناغمتين (الموجب والسالب، الذكر والأنثى)، وتسعى إلى إيجاد التوازن بينهما. تطبيقاتها في برامج التدريب تهدف إلى تحقيق التناغم والوحدة، مما يقود في النهاية إلى فكرة وحدة الوجود.
3. العناصر الخمسة وتأثيرها على الكون
يُعتقد أن كل شيء في الكون منشأ من خمسة عناصر (الماء، النار، الأرض، الهواء، الأثير)، ولكل عنصر توافق مع عضو من أعضاء الجسم ولون خاص. تُوظف هذه الفكرة في برامج الاستشفاء والتدريب لتحقيق التوازن والتناغم الكوني المزعوم.
4. الاعتقاد بالجسد الأثيري
تُروج بعض الفلسفات الشرقية لفكرة وجود أجساد متعددة للإنسان، منها الجسد الأثيري، الذي يُعتقد أنه يتناغم مع الطاقة الكونية. رغم أن العلم الحديث أثبت عدم وجود "الأثير" كمادة، إلا أن هذه الفكرة ما زالت تُستخدم في برامج الطاقة والتأمل.
5. فكرة التناسخ والتحرر الروحي (النيرفانا)
تؤمن الديانات الشرقية كالهندوسية والبوذية بأن الروح تنتقل عبر أجساد متعددة حتى تتحرر وتعود إلى المصدر (العقل الكوني أو الطاقة العليا)، وتتحقق بذلك حالة النيرفانا أو الخلاص. يتم تسويق هذه الأفكار اليوم تحت مسميات مثل "تحقيق الذات" أو "الوعي الجمعي".
المخاطر والتحذيرات
يحذر الكتاب والمناقشون من خطورة تبني هذه الفلسفات دون وعي، حيث يتم تسويقها بأساليب براقة ومصطلحات حديثة، لكنها في جوهرها عقائد وثنية قديمة. المشكلة الأكبر أن بعض المسلمين أصبحوا هم أنفسهم يروجون لهذه الأفكار، ويستخدمون آيات من القرآن وأحاديث نبوية لتبريرها، مما يؤدي إلى خلط العقيدة الإسلامية النقية بمفاهيم دخيلة.
دعوة للعودة إلى الفطرة
يؤكد الكتاب والمناقشون أن السعادة والطمأنينة الحقيقية لا تتحقق إلا بالعودة إلى الله ودين الفطرة، وأن كل ما يُروج له من طقوس وتقنيات مستوردة من الديانات الشرقية لا يجلب إلا القلق والشقاء. الدعاء والتوكل على الله والالتزام بتعاليم الإسلام كفيلة بتحقيق السعادة والراحة النفسية، دون الحاجة إلى ممارسات معقدة أو إنفاق الأموال على دورات مشبوهة.
توصيات ختامية
- الوعي والتمحيص:لا تتبع أي برنامج تدريبي أو استشفائي دون التأكد من مصادره ومعتقداته الأساسية.
- الرجوع للعلماء:استشر أهل العلم في كل ما يتعلق بالعقيدة والممارسات الروحية.
- التمسك بالدين:حافظ على نقاء عقيدتك الإسلامية، ولا تستبدلها بفلسفات دخيلة مهما بدت براقة وجذابة.
- القراءة الواعية:ننصح بقراءة كتاب "أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة" للدكتورة فوز كردي، فهو مرجع مهم لفهم هذه القضايا.
خلاصة
انتشار الفلسفات الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو تحدٍ حقيقي لعقيدة المسلم وهويته. الوعي بهذه المخاطر، والتمسك بالثوابت الدينية، والرجوع إلى المصادر الموثوقة، هو السبيل الوحيد للحفاظ على صفاء الإيمان وسلامة النفس.
"لا تقولها لفظًا ثم تلجأ إلى طرق وأساليب عباد البقر والشجر والشمس والقمر. قل لا إله إلا الله، ثم طبقها واستسلم لله، وستجد السعادة والراحة الحقيقية."
المصدر:سلسلة قراءات البتار – قناة سحر اليوغا والطاقةكتاب: أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة – د. فوز كردي