رحلة العودة من علوم الطاقة إلى نور الإسلام: حوار صريح حول الشبهات، الدعاء، والسبليمنال

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم الطاقة، الجذب، والسبليمنال بين الشباب والفتيات في عالمنا العربي. كثيرون انجذبوا لهذه الأفكار بحثًا عن حلول سريعة لمشكلاتهم النفسية أو الصحية، أو بدافع الفضول والرغبة في التجربة. لكن ماذا يحدث عندما يكتشف الإنسان أن هذه الطرق لم تمنحه السلام أو اليقين، بل زادته حيرة وابتعادًا عن جوهر دينه؟ هذا المقال يستعرض رحلة حقيقية وصادقة لفتاة عادت من عالم الطاقة إلى نور الإسلام، ويقدم دروسًا مهمة لكل من يواجه الشبهات أو يبحث عن الطمأنينة.

الاستماع قبل الحكم: أول خطوة في طريق التعلم

تبدأ القصة باعتراف صريح: "أنا من الناس الذين لم يكن لديهم أي معلومات عن التوحيد في البداية. كنت أسمع فقط، حتى لو لم يعجبني الكلام. الاستماع والفهم أولاً، ثم التعليق بأدب هو السبيل لكي يسمعك الآخرون وتستفيد أنت."

هذه النصيحة الذهبية تذكّرنا بأهمية التواضع في طلب العلم، وألا ندخل في النقاشات بروح الهجوم أو الدفاع الأعمى، بل بالاستماع والتأمل.

الشبهات: كيف نتعامل معها؟

تقول المتحدثة: "منذ طفولتي كانت لدي أسئلة لم أجد لها إجابات. وعندما كبرت، وجدت أن هذه الأسئلة نفسها يطرحها الملحدون. لكن الفرق أنني بحثت عن إجابات، لا لمجرد الرد، بل لأتعلم وأصل للحقيقة."

التعامل مع الشبهات يجب أن يكون بالبحث الصادق، وطرح الأسئلة بأدب، والاستماع للعلماء الموثوقين. فالدين الإسلامي بحر واسع من العلوم، وكل سؤال له أصل وجواب في هذا الدين المتكامل.

العلاج بالطاقة والميتا فيزيقيا: بين الوهم والعلم

انتشرت في السنوات الأخيرة دعاوى علاج الأمراض المزمنة مثل السكري باستخدام الطاقة أو الميتافيزيقيا. ترد الطبيبة في الحوار:

"عندما نصف دواء لمرضى السكري، يكون ذلك بناءً على أبحاث وتجارب علمية دقيقة على آلاف البشر والحيوانات. أما الميتافيزيقيا فلا توجد جرعات أو بروتوكولات علمية معتمدة لها. لا يمكن أن نعالج الأمراض بمجرد التخاطر أو الجذب، فهذا ليس له أساس علمي أو ديني."

الدعاء والجذب: تصحيح المفاهيم

من الأخطاء الشائعة الاعتقاد أن الدعاء يعمل كقانون للجذب: "نطلب من الله شيئًا فيتحقق فورًا كما نريد."

توضح المتحدثة: "كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى، وهو يختار الخير لعباده. ليس من الصحيح الاعتقاد أن التفاؤل وحده يجلب الخير أو أن التشاؤم يجلب الشر. التفاؤل يحسن نفسيتك ويقوي أدائك، لكنه لا يتحكم في أقدار الله. المطلوب هو الدعاء بأدب، مع التسليم الكامل لحكمة الله وقدره."

أثر دعاة الطاقة على العقيدة

تحكي المتحدثة عن تجربتها مع دعاة الجذب والطاقة، وكيف كادت هذه الأفكار أن تؤدي بها إلى الإلحاد عندما لم يتحقق ما كانت تدعو به:

"كنت أدعو الله من كل قلبي لشفاء حيوان مريض، وتصدقت وقمت الليل، لكنه مات. حينها شعرت باليأس وبدأت أشك في وجود الله. لكنني أدركت لاحقًا أن الله يختار لنا الخير، وأن المنع قد يكون خيرًا لنا كما أن العطاء قد يكون خيرًا."

السبليمنال: التأثير الخفي على العقل

ما هو السبليمنال؟

السبليمنال هو رسائل صوتية أو بصرية تُبث بشكل غير واعٍ للعقل الباطن، ويُزعم أنها تغير الأفكار أو السلوك. تحذر الطبيبة:

"العقل اللاواعي قد يتأثر بتكرار الصور أو الأصوات، مما يغير الأفكار والسلوك دون إدراك. بعض أنواع السبليمنال قد تؤثر على الجهاز العصبي وتسبب صعوبات في العبادة، مثل الصلاة أو حفظ القرآن. هذه الممارسات ليست من الإسلام في شيء، وديننا لا يحتوي على أسرار مخفية أو طرق سرية للتأثير على الواقع."

صعوبة العودة للعبادات بعد ترك الطاقة

تشير المتحدثة إلى معاناة كثير ممن تركوا ممارسات الطاقة:

"أشعر بثقل في الصلاة وصعوبة في الذكر، وكأن هناك من يربطني. هذه أعراض شائعة بين من مارسوا الطاقة أو السبليمنال. الحل هو التدرج في العودة للعبادات، وعدم تحميل النفس فوق طاقتها. يمكن البدء بالاستغفار يوميًا، ثم إضافة أذكار الصباح والمساء تدريجيًا."

التحذير من الدجالين واستغلال الدين

تحذر المتحدثة من بعض القنوات التي تدّعي كشف أسرار الدين أو استخدام القرآن في أعمال السحر:

"بعض الدجالين يسيئون استخدام القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى في أعمال السحر والشعوذة. يجب الحذر من هؤلاء، فديننا كامل وواضح، ولا يوجد فيه أسرار مخفية أو طرق سرية لتحقيق الأمنيات."

الخلاصة: العودة إلى الفطرة واليقين

تختم المتحدثة بنصيحة صادقة:

"الله خلق الإنسان بطبيعته، من حقه أن يغضب ويحزن ويفرح. لا ينبغي أن نقمع مشاعرنا الطبيعية بحجة الطاقة أو الانعكاس. من يخرج من ممارسات الطاقة قد يعاني نفسيًا وجسديًا وروحيًا، لكن الحل في العودة التدريجية للعبادات، والاستعانة بالله، وسؤال أهل العلم الموثوقين."

في النهاية، الطريق إلى الطمأنينة واليقين ليس في أسرار الطاقة ولا في رسائل السبليمنال، بل في فهم الدين الصحيح، والعودة إلى الله بقلب سليم، والاستعانة بالعلماء، والصبر على طريق الهداية.

إذا كنت أو كنتِ ممن مروا بتجارب مشابهة، تذكّر/ي أن العودة إلى الله ممكنة دائمًا، وأن باب التوبة والرحمة مفتوح للجميع.

https://www.youtube.com/watch?v=DzmIxrIkMhQ