رحلة العودة من مدارس الطاقة: تجربة واقعية ونصائح للممارسين
بقلم: فريق التحرير مقدمة
بقلم: فريق التحرير
مقدمة
في عالم اليوم، تنتشر العديد من الممارسات الروحية والبديلة مثل الطاقة، اليوجا، التأمل، وتقنيات العلاج غير التقليدية. كثيرون ينجذبون لهذه المجالات بحثًا عن الراحة النفسية أو الشفاء الجسدي، دون إدراك الجذور الفلسفية والدينية لهذه الممارسات، أو حتى آثارها النفسية والاجتماعية. في هذا المقال، نستعرض تجربة حقيقية لمدربة سعودية سابقة في مجال الطاقة، رغدة الصيرفي، والتي أعلنت توبتها وعودتها إلى الطريق الصحيح، ونستخلص منها دروسًا هامة لكل من دخل أو يفكر في دخول هذا المجال.
البداية: بحث عن الشفاء والراحة
تروي رغدة أنها كانت ملتزمة دينيًا لفترة طويلة من حياتها، تعيش بركة القرب من الله وراحة الطمأنينة. لكن مع تعرضها لضغوطات نفسية وصحية، بدأت رحلة البحث عن حلول بديلة. جربت العلاج النفسي، ثم انتقلت إلى اليوجا، ثم إلى دورات الطاقة وتقنياتها المتنوعة مثل الأكسس بارز، السيتا هيلينج، العلاج الشعوري، وغيرها.
تقول رغدة: "كنت أبحث عن الراحة، عن علاج لضيق التنفس والقلق. وجدت في البداية تحسنًا مؤقتًا، وبدأت أصدق أن هذه الممارسات تحمل سرًا عظيمًا."
الغوص في مدارس الطاقة: نتائج مؤقتة وتكاليف باهظة
مع الوقت، تعمقت رغدة في هذه المدارس، وأصبحت مدربة معتمدة، تقدم الدورات وتجمع المتابعين. أنفقت أموالًا طائلة على الدورات، وتقول: "كل الأموال التي كنت أجنيها من الدورات كنت أعيد استثمارها في دورات أخرى، حتى تراكمت علي الديون."
وتضيف: "رغم كل ذلك، لم أجد نتائج حقيقية دائمة. كل التحسن كان مؤقتًا، وكلما تعمقت أكثر، زادت مشاكلي النفسية والاجتماعية، وابتعدت تدريجيًا عن الالتزام الديني."
التحول الخطير: الانزلاق نحو ممارسات محرمة
تشير رغدة إلى أن كثيرًا من المدربين والممارسين لا يدركون حقيقة جذور هذه الممارسات، ولا يعلمون أنها مستمدة من فلسفات وثنية، بابليّة، يهودية، إغريقية، هندوسية وبوذية، تقوم على أفكار مثل وحدة الوجود، وعبادة الكون، والاستعانة بالكائنات الروحية التي يعتقدون خطأً أنها ملائكة أو أرواح نورانية.
وتحذر: "معظمنا لم يكن يعلم أن هذه الممارسات تدخل في الشرك أو الاستعانة بالشياطين. كنا نظنها مجرد تمارين أو تقنيات للاسترخاء أو تطوير الذات."
الانفصال عن القيم الدينية والاجتماعية
تصف رغدة كيف أثرت هذه الممارسات على التزامها الديني وسلوكها الاجتماعي: "بدأت أتهاون في الحجاب، وأبرر لنفسي ترك بعض الفرائض. تغيرت علاقتي مع أهلي وأصدقائي، وانعزلت عنهم لصالح ما يسمى 'العائلة الروحية' في مجال الطاقة."
وتضيف: "حتى العبادات أصبحت مجرد وسيلة لتحقيق أهداف دنيوية، وبدأت أتعامل مع القرآن والأذكار كأنها أدوات لجذب الطاقة أو تحقيق الرغبات، لا تقربًا لله."
الاستيقاظ: كيف حدثت العودة؟
تقول رغدة إن نقطة التحول كانت لحظة صدق مع النفس، حين شعرت بفراغ روحي عميق رغم كل ما حققته ظاهريًا. "دعوت الله أن يريني الحق ويرشدني، وبدأت أبحث بصدق عن حقيقة هذه الممارسات. شاهدت مقاطع توعوية، وقرأت عن الأصل العقدي والفلسفي لمدارس الطاقة، فهالني ما اكتشفت."
تضيف: "رأيت رؤيا في المنام فسرتها بأنها رسالة من الله، وقررت على الفور التوبة، وخرجت من جميع مجموعات الطاقة، وأعلنت ذلك لكل متابعيني."
المسؤولية تجاه الآخرين
تشعر رغدة بمسؤولية كبيرة تجاه كل من تأثر بها أو اتبعها في هذا الطريق، وتقول: "أرسلت لكل من كان يتابعني أو تدرب عندي رسالة تحذير، ووضحت لهم أنني كنت مخطئة، وأشرت إلى مصادر علمية وشرعية توضح خطورة هذه الممارسات."
وتؤكد: "لا يكفي أن نتوب لأنفسنا، بل علينا أن ننصح غيرنا ونحذرهم، خاصة أن كثيرين يدخلون هذا المجال عن جهل أو حسن نية."
دروس وعبر من التجربة
- النتائج المؤقتة ليست دليلاً على الصحة: كثير من الممارسات تعطي شعورًا مؤقتًا بالراحة أو السعادة، لكن سرعان ما يزول، ويترك آثارًا نفسية وروحية سلبية.
- الجذور العقدية خطيرة: أغلب مدارس الطاقة والتأمل مستمدة من فلسفات وثنية أو باطنية تتعارض مع التوحيد والإسلام، حتى لو تم تغليفها بمصطلحات علمية أو إنسانية.
- الابتعاد عن العلم الشرعي يصنع فراغًا خطيرًا: الجهل بالعقيدة والتوحيد هو المدخل الأكبر للانحراف وراء هذه الممارسات.
- الانعزال عن المجتمع والأسرة: هذه الممارسات تشجع على تكوين "عائلة روحية" بديلة، وتدعو لفصل الممارس عن أسرته ومجتمعه وقيمه.
- ضرورة البحث والتثبت: لا يكفي أن نسمع أو نرى نتائج سطحية، بل يجب البحث عن الأصل العلمي والشرعي لأي ممارسة قبل الانخراط فيها.
- التوبة والعودة ممكنة: مهما تعمق الإنسان في هذه المجالات، فباب التوبة والعودة إلى الله مفتوح، بشرط الصدق والبحث عن الحق.
نصائح للممارسين والمدربين
- راجعوا أنفسكم بصدق: اسألوا أنفسكم عن حقيقة ما تمارسونه، وابحثوا عن الجذور العلمية والشرعية.
- لا تغتروا بالنتائج المؤقتة: كثير من النتائج في هذه الممارسات هي تزيين من الشيطان أو خداع للنفس.
- حافظوا على صلتكم بالله: العبادات ليست أدوات لتحقيق أهداف دنيوية، بل هي سبيل القرب من الله والطمأنينة الحقيقية.
- احذروا من تبرير الأخطاء: لا تجعلوا التجربة الشخصية أو المشاعر اللحظية مبررًا لتجاوز الأحكام الشرعية أو المنطقية.
- انصحوا غيركم: إذا اكتشفتم خطأ الطريق، بادروا بتحذير من حولكم، فالدال على الخير كفاعله.
خاتمة
تجربة رغدة الصيرفي ليست قصة فردية، بل تمثل واقع كثيرين انجرفوا وراء موجة الطاقة واليوجا والتأمل دون وعي، ثم عادوا بعد رحلة شاقة إلى الطريق الصحيح. لعل في قصتها عبرة لكل باحث عن الحقيقة، ودعوة للتمسك بالعلم الشرعي، وعدم الانسياق وراء كل جديد دون تحقق وتثبت.
نسأل الله أن يثبتنا جميعًا على الحق، وأن ينير بصائرنا، ويحفظ أبناءنا وبناتنا من كل ضلال، وأن يتقبل توبة التائبين ويجعلنا جميعًا من أهل الهداية والرشاد.
هل مررت بتجربة مشابهة؟ شاركنا قصتك أو رأيك في التعليقات لتعم الفائدة.
https://www.youtube.com/watch?v=sGFY8GPP7r0