رحلة البحث عن الذات بعد ترك مجالات الطاقة والتنمية البشرية: تجربة واقعية ونصائح نفسية
في عالم اليوم، كثير من الأشخاص ينجذبون إلى مجالات التنمية البشرية وعلوم الطاقة مثل "الثيتا" و"الأكسس بارز" بحثًا عن الشغف، وتحقيق الذات، والشعور بالأه
في عالم اليوم، كثير من الأشخاص ينجذبون إلى مجالات التنمية البشرية وعلوم الطاقة مثل "الثيتا" و"الأكسس بارز" بحثًا عن الشغف، وتحقيق الذات، والشعور بالأهمية. لكن ماذا يحدث عندما يقرر المرء ترك هذا المجال بعد سنوات من العمل فيه؟ كيف يتعامل مع فقدان الهوية والشغف، وما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها لاستعادة التوازن النفسي؟
في هذا المقال، نستعرض تجربة واقعية لإحدى المتخصصات التي عملت لسنوات في مجال التنمية البشرية والطاقة، وكيف واجهت تحديات نفسية بعد ترك المجال، ونناقش نصائح عملية من منظور علم النفس الإسلامي.
البداية: شغف، هوية، وعلاقات
تروي صاحبة التجربة أنها عملت في مجال التنمية البشرية والطاقة لمدة 14 عامًا، منها ست سنوات كمعالجة بتقنية الثيتا. كان هذا المجال بالنسبة لها أكثر من مجرد وظيفة؛ بل أصبح جزءًا من هويتها وشغفها. فقد كانت بطبيعتها تحب مشاركة ما تتعلمه مع الآخرين، وتشعر بالسعادة عندما تساعد الناس وتترك أثرًا إيجابيًا في حياتهم.
تقول: "كنت أشعر بأهمية ودور في المجتمع. كان لدي شبكة علاقات قوية، ومسؤوليات أفتخر بها، وشعور بأنني أقدم شيئًا ذا قيمة."
مرحلة التغيير: ترك المجال ومواجهة الفراغ
مع مرور الوقت، بدأت تدرك بعض الإشكاليات في مجال الطاقة والتنمية البشرية، وبعد بحث وقراءة ومرافقة الصالحين لمدة سنة ونصف، قررت التوبة وترك المجال نهائيًا. هنا بدأت التحديات النفسية تظهر.
تصف هذه المرحلة قائلة: "شعرت أنني فقدت هويتي، ولم يعد لدي شغف. أصبحت أشعر بالجمود، والرغبة في الهروب، وأحيانًا رغبة في الصراخ من شدة الضغط النفسي. حتى أنني أجريت استبيانًا نفسيًا في العمل، وتبين أنني أعاني من اكتئاب متوسط."
توضح أيضًا أن الاستمرار في الرقية والتحصين منحها بعض الطمأنينة، لكنها ما زالت تبحث عن معنى جديد لحياتها ودورها.
التحليل النفسي: لماذا نشعر بالفقد بعد ترك مجالات الشغف؟
يشرح الدكتور يوسف، المتخصص في علم النفس، أن هناك ثلاثة عناصر أساسية في حياة الإنسان تؤثر على صحته النفسية:
- العلاقات: العلاقات الاجتماعية تبني الإحساس بالانتماء والأهمية، لكنها قد تكون هدامة إذا فقدت فجأة.
- الأدوار: كل شخص يلعب أدوارًا معينة في حياته (أم، أب، موظف، صديق...)، وهذه الأدوار تمنحه شعورًا بالمعنى.
- المسؤوليات: تحمل المسؤولية يمنح الإنسان شعورًا بالقيمة والثقة بالنفس.
عند الانخراط في مجالات مثل التنمية البشرية والطاقة، يحصل الإنسان على تغذية نفسية من هذه العناصر الثلاثة. لكن عند ترك المجال، يشعر وكأنه فقد مكانته وتاجه، ويشبه ذلك ملكًا فقد عرشه ونُفي إلى جزيرة نائية.
البحث عن الذات من جديد: بين علم النفس والدين
تعبّر صاحبة التجربة عن رغبتها القديمة في دراسة علم النفس، لكنها لم تتمكن من تحقيق هذا الحلم، فاتجهت لتعلمه من خلال القنوات الإلكترونية. ومع ذلك، لاحظت أن الأبواب تُفتح لها في الجانب الديني أكثر من الجانب النفسي، وكأن الله عز وجل يوجهها إلى طريق جديد فيه الخير.
يعلق الدكتور يوسف بأن هذا التحول طبيعي، وأن الله قد يغلق بابًا ليفتح أبوابًا أوسع وأفضل. ويشير إلى أهمية وجود منهج علاجي نفسي مؤصل شرعيًا، يجمع بين فهم النفس البشرية وتعاليم الدين، ويحقق التوازن بين الصحة النفسية والقرب من الله.
نصائح عملية للتعافي وإعادة بناء الذات
- إعادة اكتشاف الذات: اسأل نفسك: ما الذي كنت أبحث عنه في المجال السابق؟ ما هي الاحتياجات النفسية التي كان يشبعها لدي؟
- بناء أدوار ومسؤوليات جديدة: ابحث عن مجالات جديدة تحقق فيها ذاتك، سواء في العمل، أو التطوع، أو الدراسة، أو حتى في العلاقات الأسرية والاجتماعية.
- الاستفادة من التجربة السابقة: خبرتك السابقة ليست خسارة، بل هي رصيد يمكن توظيفه في مجالات أخرى، خاصة إذا كان لديك شغف بمساعدة الناس.
- التوازن بين العلم والدين: ابحث عن برامج تدريبية تجمع بين علم النفس والدين، وتهدف إلى العلاج النفسي المؤصل شرعيًا، فهذا يمنحك شعورًا بالمعنى والاتساق مع قيمك.
- الاستعانة بالمتخصصين: لا تتردد في استشارة مختص نفسي موثوق، ويفضل أن يكون لديه خلفية شرعية إذا كان هذا يريحك نفسيًا.
- الصبر والتدرج: التعافي وإعادة بناء الهوية يحتاجان إلى وقت وصبر، فلا تستعجل النتائج.
الخلاصة
ترك مجال اعتدت عليه لسنوات قد يكون صعبًا ويصاحبه شعور بالفقد والضياع، لكن يمكن تحويل هذه التجربة إلى نقطة انطلاق جديدة نحو حياة أكثر اتزانًا وعمقًا. المهم أن تبحث عن المعنى الحقيقي لحياتك، وتعيد بناء أدوارك ومسؤولياتك بما يتوافق مع قيمك ومعتقداتك.
وتذكر دائمًا أن الله إذا أغلق بابًا، فتح لك أبوابًا أخرى قد تكون أكثر خيرًا وسعادة مما تتوقع.
https://www.youtube.com/watch?v=w1xd2xjX60Q