اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

رحلة البحث عن الذات بين تطوير الذات وعلوم الطاقة: تجارب واقعية وتحذيرات هامة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع في العالم العربي موجة من الدورات والبرامج التي تروج لما يُسمى بـ"تطوير الذات" و"علوم الطاقة" و"الوعي الكوني". ورغ

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع في العالم العربي موجة من الدورات والبرامج التي تروج لما يُسمى بـ"تطوير الذات" و"علوم الطاقة" و"الوعي الكوني". ورغم أن الكثير من هذه البرامج تحمل شعارات براقة مثل السعادة، والثراء، والسلام الداخلي، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا وخطيرًا لهذه الممارسات، كشفته تجارب واقعية لمشاركين سابقين، وتحذيرات من متخصصين وأهل العلم.

في هذا المقال، سنعرض ملخصًا لأبرز النقاط التي تناولتها نقاشات وتجارب حية لمجموعة من الشباب والفتيات الذين مروا بتجارب شخصية مع هذه الدورات، وكيف أثرت على حياتهم، وعقيدتهم، وصحتهم النفسية والاجتماعية.

1. البداية: رغبة في التغيير والنجاح

غالبية من يدخلون عالم تطوير الذات أو علوم الطاقة، يبدأون بدافع نبيل: الرغبة في تحسين الحياة، تحقيق النجاح، التغلب على مشكلات الطفولة أو الأزمات النفسية، أو حتى مجرد البحث عن السعادة. يجدون أمامهم مدربين يملكون كاريزما عالية، وشعارات تحفيزية، ووعودًا بتحقيق المستحيل من خلال "قوانين الجذب" أو "تنظيف المعتقدات" أو "فتح الشاكرات".

يقول أحد المشاركين:

"كنت أبحث عن حل لمشاكلي النفسية، فدخلت دورات تطوير الذات، وبدأت أطبق كل ما يقولونه. في البداية شعرت بالأمل، لكن مع الوقت بدأت أشعر بالفراغ والضياع."

2. الانزلاق نحو العزلة والشكوك

مع تعمق الفرد في هذه الدورات، يبدأ في تبني أفكار جديدة قد تتعارض مع قيمه الدينية والاجتماعية. تظهر مظاهر العزلة عن الأسرة والأصدقاء، ويبدأ الشك في كل شيء: الدين، المجتمع، حتى الذات.

تروي إحدى المشاركات:

"صرت أشك في كل شيء، حتى في أهلي، وبدأت أبتعد عنهم. صرت أصدق أن النجاح والسعادة بيدي وحدي، وأنني أستطيع التحكم في الكون بنواياي."

ويضيف آخر:

"دخلت في عزلة تامة، قطعت علاقاتي مع أصدقائي وحتى مع والدتي. بدأت أشكك في السنة النبوية، وأفسر القرآن حسب هواي. وصلت لمرحلة خطيرة من الوساوس والقلق."

3. الأثر النفسي والجسدي: من الأمل إلى الاكتئاب

رغم الوعود بالسعادة والسلام، إلا أن كثيرًا من المشاركين لاحظوا تدهورًا في حالتهم النفسية والجسدية مع الوقت. ازداد القلق، والاكتئاب، والتشتت الذهني، وظهرت أعراض جسدية مثل مشاكل في الجهاز الهضمي واضطرابات النوم.

تقول إحدى المشاركات:

"بعد فترة من ممارسة التأملات والتنظيفات، زاد الاكتئاب عندي، وتدهورت صحتي. شعرت أنني فقدت نفسي القديمة، وأصبحت غريبة حتى عن ذاتي."

4. التشكيك في الدين والهوية

من أخطر ما لاحظه المشاركون هو تسلل الشكوك في العقيدة والثوابت الدينية، حيث يتم الترويج لأفكار مثل:

  • "كل إنسان يفسر القرآن حسب وعيه."
  • "السنة النبوية ليست مصدرًا موثوقًا."
  • "الاستغفار الحقيقي ليس بتكرار الكلمات، بل بتخيل طاقة نورانية تغسل الهالة!"
  • "الحجاب مجرد حجاب قلب، وليس حجاب جسد."
  • "الكون يرسل لك رسائل ويحقق أمنياتك إذا أطلقت النية."

هذه الأفكار، وإن بدت في ظاهرها تطويرًا للذات، إلا أنها في حقيقتها تهدد هوية المسلم وتخلخل ثوابته.

5. الجانب التجاري: وعود الثراء مقابل المال

من الملاحظ أن كثيرًا من مدربي الطاقة والتنمية البشرية يبيعون دورات بأسعار مرتفعة جدًا، تحت شعار "قوانين الثراء" و"جذب المال". لكن الواقع أن معظمهم لا يحققون الثراء إلا من أموال المتدربين أنفسهم.

تقول مشاركة:

"دفعت آلاف الريالات في دورات عن طاقة المال والوفرة، ولم أحقق أي تحسن في حياتي، بل زادت ديوني وشعرت أنني تعرضت للخداع."

6. العودة إلى الجذور: التوبة وإعادة البناء

بعد سنوات من الضياع، يكتشف الكثيرون أن الطريق الذي سلكوه لم يجلب لهم سوى الألم. يبدأون رحلة العودة إلى الله، وإعادة بناء علاقتهم بالدين والأسرة والمجتمع.

تقول إحدى الناجيات:

"شعرت أنني دخلت الإسلام من جديد. بدأت أتعلم العقيدة من الصفر، وأرجع للصلاة والدعاء. أدركت أن السعادة الحقيقية في القرب من الله، وليس في دورات الطاقة والتنمية البشرية."

7. نصائح هامة للأسر والشباب

  • لا تسلم عقلك لأي مدرب أو دورة دون تمحيص.
  • استشر أهل العلم والمتخصصين قبل دخول أي برنامج تطوير ذات أو علاج بالطاقة.
  • احذر من أي دورة أو مدرب يشكك في ثوابت الدين أو يدعو لممارسات غريبة (تأملات، شاكرات، رسائل كون، إلخ).
  • العلم الحقيقي يؤخذ من مصادر موثوقة: القرآن، السنة، العلماء، الطب الحديث.
  • الحذر من العزلة والانقطاع عن الأسرة، فالدعم الحقيقي يأتي من الأهل والأصدقاء الصالحين.
  • لا تخجل من طلب المساعدة إذا شعرت بالضياع أو الشكوك، وارجع دائمًا إلى الله بالدعاء والذكر.

8. الرد العلمي والشرعي على مفاهيم الطاقة والشاكرات

  • لا يوجد في القرآن أو السنة أو العلم التجريبي ما يثبت وجود "الهالة" أو "الجسد الأثيري" أو "الشاكرات" كما تروجها الديانات الشرقية.
  • القرآن والسنة مصادر الهداية والشفاء الحقيقي، ولا يجوز خلطها بمفاهيم وثنية أو باطنية.
  • الاستغفار والذكر عبادة قلبية ولسانية، وليست تمارين طاقة أو تخيلات نورانية.
  • أي ممارسة أو اعتقاد يخالف التوحيد أو يشرك مع الله أحدًا (كالكون أو الطاقة أو الملائكة أو غيرها) فهو خطر عظيم على العقيدة.

9. مسؤولية المجتمع والأسرة

  • التوعية المستمرة بخطورة الدورات المشبوهة، وعدم الانخداع بالشعارات البراقة.
  • فتح باب الحوار مع الأبناء والبنات، وعدم تركهم فريسة للفراغ أو المحتوى المشبوه على الإنترنت.
  • الرجوع إلى أهل العلم في كل ما يخص العقيدة والتربية النفسية.
  • تشجيع القراءة في كتب التربية النبوية والعلوم التجريبية الموثوقة.

10. كلمة أخيرة

تجارب الشباب والفتيات في هذا المجال تؤكد أن السعادة الحقيقية والنجاح الدائم لا يأتيان من دورات مدفوعة أو ممارسات غامضة، بل من الإيمان بالله، والتمسك بالثوابت، والتعلم من مصادر موثوقة، والاعتماد على الأسرة والمجتمع الصالح.

إذا مررت بتجربة مشابهة، لا تيأس. التوبة والعودة إلى الله مفتوحة دائمًا، وكل تجربة مريرة يمكن أن تكون درسًا ينقذ غيرك من الوقوع في نفس الفخ.

احمِ نفسك وأهلك من الدجل الحديث، وكن واعيًا في اختيار مصادر العلم والتطوير الذاتي.

ولا تنسَ: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني".

هذا المقال مستوحى من تجارب واقعية ونقاشات حية، ويهدف إلى التوعية والتحذير من مخاطر بعض مدارس تطوير الذات وعلوم الطاقة التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية والصحة النفسية والاجتماعية.

https://www.youtube.com/watch?v=CFOuaAKsUHA

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك