اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

رحلة الناجين من “علوم الطاقة” تحت المجهر: كشف الخدع وحماية العقيدة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات في العالم العربي موجات من الاهتمام بما يُسمى بـ"علوم الطاقة"، التأمل، اليوغا، البرمجة الذهنية، الخرائط

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب والفتيات في العالم العربي موجات من الاهتمام بما يُسمى بـ"علوم الطاقة"، التأمل، اليوغا، البرمجة الذهنية، الخرائط الفلكية، وحتى تقديم القرابين تحت مسميات “هدايا لله”. هذه الممارسات غالبًا ما يتم ترويجها على أنها أدوات للراحة النفسية، التطور الروحي، أو حتى جلب الرزق والسعادة. لكن ما الذي يكمن خلف هذه الظواهر؟ وما هي الآثار الحقيقية التي عانى منها من خاضوا هذه التجارب؟

في هذا المقال، نستعرض أبرز محاور النقاش وتجارب الناجين من هذه الدوائر، مع تحليل علمي وشرعي ونفسي، لنكشف الخدع ونحذر من المخاطر، ونقدم نصائح عملية لكل باحث عن السعادة الحقيقية.

البداية: كيف يبدأ الطريق؟

غالبًا ما يبدأ الأمر بدافع الفضول، أو الحاجة إلى علاج نفسي أو روحي، أو حتى رغبة في التميز والشعور بالقوة. قد يجد الشاب أو الفتاة إعلانًا عن دورة تأمل أو جلسة طاقة أو ورشة عمل عن البرمجة الذهنية، فينضم إليها بحثًا عن الراحة أو السعادة أو تحقيق الأهداف.

يقول أحد الناجين:

"في البداية كان الموضوع مجرد تأمل. كنت أمارس التأمل لساعات طويلة، وأشعر بعدها براحة مؤقتة. ثم تطور الأمر إلى ممارسة البرمجة الذهنية، فكنت أكتب يوميًا عبارات مثل: أنا ناجحة، أنا قوية، أنا ذكية... لكن مع الوقت بدأت ألاحظ تغيرات غريبة في نفسيتي وجسدي."

الانزلاق إلى عالم الخدع: الأصوات، “الأوصياء”، والشعوذة المقنّعة

مع التعمق في هذه الممارسات، يبدأ المتدرب في اختبار ظواهر غريبة: سماع أصوات في الرأس، الإحساس بمشاعر الآخرين، أو حتى رؤية أشياء غير مألوفة. هنا يبدأ المدربون في تفسير هذه الظواهر بأنها “ارتقاء روحي” أو “تواصل مع الأوصياء” أو “فتح الشاكرات”.

أحد الناجين يروي:

"بدأت أسمع أصواتًا ترحب بي وتقول لي: نحن هنا من أجلك، لا تخبري أحدًا بما يحدث لك، الناس سيظنون أنك مجنونة. ثم تطور الأمر حتى سمعت صوتًا يقول لي: أنا ربك! عندها أدركت أنني دخلت في عالم مظلم وخطير."

هذه الظواهر ليست “قدرات خارقة” كما يُروج لها، بل هي غالبًا أعراض نفسية أو تلاعبات شيطانية، كما أكد المختصون الشرعيون والنفسيون.

الخداع باسم الدين والعلم

من أخطر ما في هذه المدارس أنها تتسلل إلى العقول تحت غطاء الدين أو العلم. فترى المدربين يرددون عبارات مثل: "الرسول كان يتأمل في غار حراء، إذًا التأمل عبادة!" أو "هذه تقنيات مثبتة علميًا في علم الطاقة والذبذبات." لكن الحقيقة، كما أوضح المختصون، أن التأمل الذي مارسه النبي ﷺ كان تفكرًا وتدبرًا في خلق الله، وليس إسكاتًا للعقل أو استحضارًا للفراغ الذهني كما في ممارسات اليوغا الشرقية.

أما من الناحية العلمية، فكثير من المصطلحات مثل “تنشيط الدي إن إيه” أو “رفع الذبذبات” هي عبارات فضفاضة لا تستند إلى حقائق علمية مثبتة، وغالبًا ما تُستخدم لجذب الناس وإبهارهم بمصطلحات غامضة.

الآثار النفسية والاجتماعية: العزلة، الأمراض، فقدان البركة

من خلال شهادات الناجين، يتضح أن هذه الممارسات لا تجلب السعادة الحقيقية، بل تؤدي غالبًا إلى نتائج عكسية:

  • العزلة عن الأهل والأصدقاء: حيث يُقنع الممارس بأن “طاقته” تتأثر بالآخرين، فيبتعد عن أسرته ويقطع علاقاته.
  • اضطرابات نفسية: مثل سماع الأصوات، القلق الدائم، أو حتى الاكتئاب.
  • فقدان البركة في المال والصحة: كثيرون ذكروا أنهم رغم حصولهم على المال، إلا أنهم لا يشعرون بالسعادة أو البركة فيه.
  • أمراض جسدية غامضة: بعض الناجيات ذكرن تعرضهن للإجهاض أو فقدان البصر أو أمراض مزمنة بعد الدخول في هذه الدوائر.

الشعوذة الحديثة: الخريطة الفلكية، “الهدايا لله”، والقرابين

من أخطر ما ظهر مؤخرًا هو تقديم “الهدايا لله” أو الذبائح بناءً على خريطة فلكية أو يوم ميلاد الشخص، مع قراءة أذكار أو أدعية خاصة. هذه الممارسات ليست من الإسلام في شيء، بل هي شعوذة صريحة، وتفتح باب التعامل مع الجن والشياطين.

يحذر المختصون:

"لا تعطوا أحدًا اسمكم واسم أمكم وتاريخ ميلادكم وساعة ميلادكم لأي مدرب أو قارئ خرائط فلكية. هذه معلومات تُستخدم في أعمال السحر والرصد."

الرد الشرعي والعلمي: حماية العقيدة والعقل

أكد العلماء والدعاة أن كل هذه الممارسات لا أصل لها في الشريعة، بل هي من مداخل الشيطان لتزيين الباطل وإضلال الناس. وذكّروا بأهمية الرقية الشرعية، وقراءة القرآن، والالتزام بأذكار الصباح والمساء، والاعتماد على الله وحده في جلب النفع ودفع الضر.

أما من الناحية العلمية، فكل ما يُقال عن “تفعيل الدي إن إيه” أو “تغيير الذبذبات” أو “الطاقة الكونية” لا سند له في الأبحاث العلمية الرصينة، بل هو خليط من الفلسفات الشرقية القديمة والخرافات.

نصائح عملية للوقاية والنجاة

  • اعرف دينك جيدًا: اقرأ القرآن وتعلم السنة، واعرف أن السعادة والراحة الحقيقية في القرب من الله، لا في تقنيات مستوردة من ديانات أخرى.
  • لا تنخدع بالمصطلحات البراقة: ليس كل ما يُقال عنه “علم” أو “تطوير ذات” هو حقيقة، بل قد يكون بابًا للشعوذة أو الشرك.
  • استشر أهل العلم والعقل: إذا راودك الشك في ممارسة ما، اسأل العلماء أو المختصين ولا تعتمد على رأيك وحدك.
  • احذر من العزلة والانقطاع عن الأهل: لا تصدق من يقول لك أن أهلك “طاقتهم سلبية” أو أنهم “يعيقون تطورك”.
  • لا تعطِ معلوماتك الشخصية لأي شخص: خاصة تاريخ الميلاد واسم الأم وساعة الولادة.
  • التزم بالأذكار الشرعية: فهي الحصن الحقيقي من كل شر.
  • احذر من تقديم القرابين أو الذبائح بغير وجه حق: هذه ليست من الإسلام، بل من أعمال السحر والشرك.
  • لا تتبع كل ما تسمع أو تشاهد: الفضول قد يكون بابًا للوقوع في الضلال، فاضبط نفسك وكن ناقدًا لكل ما يعرض عليك.

ختامًا: السعادة الحقيقية في الصراط المستقيم

تجارب الناجين من “علوم الطاقة” وغيرها من الممارسات الباطنية تؤكد أن الطريق إلى السعادة والراحة النفسية ليس عبر تقنيات مستوردة ولا شعوذة مقنّعة، بل في العودة إلى الله، والتمسك بالقرآن والسنة، والرضا بما قسم الله، وحسن الظن به.

كما أن حماية النفس والعقل تبدأ من إدراك خطورة هذه الدوائر، وعدم الانجرار خلف كل جديد دون تمحيص أو سؤال أهل العلم.

فحافظ على دينك، وكن يقظًا لعقلك وقلبك، ولا تفرط في نور الهداية من أجل سراب زائف.

مصادر للتوسع:

  • القرآن الكريم والسنة النبوية
  • كتب العقيدة الإسلامية
  • دراسات علم النفس حول التأمل واليوغا
  • فتاوى العلماء حول علوم الطاقة والشعوذة

ساهم في نشر الوعي

إذا كنت تعرف شخصًا وقع في هذه الممارسات، شاركه هذا المقال، وكن سببًا في إنقاذه.

والله ولي التوفيق.

https://www.youtube.com/watch?v=kC0G8ASxDD4

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك