رحلة من داخل عالم الطاقة: تجربة واقعية وتحذيرات هامة
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم العلاج بالطاقة والتنمية الذاتية بشكل واسع في المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة بين الشباب والفتيات الباحثين عن حلول
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم العلاج بالطاقة والتنمية الذاتية بشكل واسع في المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة بين الشباب والفتيات الباحثين عن حلول لمشاكلهم النفسية أو الاجتماعية. ومع هذا الانتشار، ظهرت شهادات وتجارب لأشخاص خاضوا هذا المجال بعمق، ثم خرجوا منه حاملين رسائل تحذير وتوعية. في هذا المقال، نستعرض تجربة شخصية عميقة، ونحلل آليات التأثير والاستدراج في عالم الطاقة، ونوضح المخاطر الكامنة خلف الشعارات البراقة.
البداية: الفضول وحسن النية
تروي دانا، إحدى المدربات السابقات في مجال الطاقة، كيف بدأت رحلتها من باب الفضول وحسن النية. منذ طفولتها، كانت متأثرة بالأفلام والمسلسلات التي تتناول السحر والغموض، كما كان لديها شغف بالأحلام والرؤى. ومع انتقالها من السعودية إلى الأردن، واجهت تحديات وضغوطات جديدة، مما جعلها تبحث عن حلول غير تقليدية لمشاكلها.
عن طريق صديقة، تعرفت دانا على أولى جلسات العلاج بالطاقة، دون أن تكون لديها خلفية علمية أو دينية كافية حول هذا المجال. في البداية، كان الأمر أشبه بتجربة اجتماعية ممتعة، لكنها سرعان ما وجدت نفسها منجذبة إلى المجموعة، وبدأت تتلقى تدريبات متقدمة في مدارس الطاقة المنتشرة في أوروبا وكندا.
الصعود في السلم الطاقي: من متدربة إلى "جراند ماستر"
مع مرور الوقت، أصبحت دانا من أوائل المدربات في الأردن والعالم العربي في مدرسة طاقة معينة، ووصلت إلى مستوى "جراند ماستر" (المستوى التاسع)، وهو من أعلى المستويات في هذا النظام. افتتحت مركزاً خاصاً بها، وبدأت تعطي الدورات وتعالج الناس، وذاع صيتها في المجتمع.
في هذه المرحلة، كان كل شيء يبدو وردياً: شعور بالنشوة، تحسن مزعوم في حياة المتدربين، وزيادة في الثقة بالنفس. لكن خلف هذا البريق، بدأت تظهر تساؤلات وشكوك حول حقيقة ما يجري، خاصة مع الممارسات الغريبة مثل الطقوس أمام التماثيل، واستخدام رموز وتعويذات غير مفهومة.
آليات الاستدراج والتأثير
تكشف دانا عن آليات دقيقة تُستخدم في جذب الأشخاص لعالم الطاقة، منها:
- اللعب على المشاعر والاحتياجات: كثير من الداخلين لهذا المجال لديهم مشاكل مع المجتمع أو الأسرة، أو يشعرون بالرفض أو النقص. يتم استغلال هذه الثغرات لإقناعهم بأنهم "مميزون" أو "مكشوف عنهم الحجاب".
- تضخيم الأنا والشعور بالعظمة: يتم زرع فكرة أن الممارس قادر على الشفاء والتحكم بالطاقة، مما يؤدي تدريجياً إلى تضخم الذات والشعور بالتفوق على الآخرين، وحتى على الدين والمجتمع.
- تغيير المعتقدات تدريجياً: لا يتم نسف المعتقدات الدينية أو الاجتماعية دفعة واحدة، بل عبر خطوات صغيرة تبدأ بالتشكيك في المسلمات، ثم الترويج لفكرة أن "الصح والخطأ نسبي"، وأن الإنسان هو محور الكون، وأن كل الأديان متساوية.
- الاعتماد على الخيال والتأمل: يُطلب من المتدربين دائماً إغماض أعينهم وتخيل الطاقات والألوان والأحداث، مما يضع العقل في حالة استرخاء واستعداد لتقبل الأفكار الجديدة أو حتى الهلوسات.
- استخدام الرموز والتعويذات: في المستويات المتقدمة، يتم إدخال رموز سرية، وكل رمز يُقال أن له "خادم" أو كينونة تساعد في العلاج أو الجذب، وهذا في حقيقته استدعاء لعوالم غير مرئية (غالباً ما تُفسر دينياً بأنها شياطين أو جن).
التحذير من "المنطقة الرمادية"
من أكثر المفاهيم خطورة التي انتشرت بين ممارسي الطاقة، فكرة "خذ ما ينفعك ودع ما يضرك". تؤكد دانا أن هذا غير ممكن في عالم الطاقة، فالدخول لهذا المجال يعني فتح أبواب لعوالم غير مرئية والتعامل مع كينونات لا يمكن التحكم بها، حتى لو بدا الأمر في البداية آمناً أو مفيداً نفسياً.
وتشبه الأمر بتجربة الخمر: قد يكون فيه بعض النشوة في البداية، لكن أضراره أكبر بكثير من منافعه، كما أشار القرآن الكريم.
الأعراض والمخاطر النفسية والاجتماعية
مع تعمق الممارس في هذا المجال، تبدأ تظهر أعراض خطيرة، منها:
- انفصال عن الواقع: كثير من الممارسين يصبحون مدمنين على التأمل والخيال، ويفضلون عالم الخيال على الواقع، مما يؤدي إلى مشاكل في العلاقات الأسرية والاجتماعية.
- تغير في العلاقات: غالباً ما تتدهور علاقة الممارس بأهله وأصدقائه، ويبدأ في تكوين مجتمع جديد من "الطاقيين" فقط.
- اضطرابات نفسية وأحلام مزعجة: تكرار الكوابيس، الشعور بوجود كائنات غريبة، أو حتى التعرض لحالات "تلبس" كما حدث مع دانا نفسها.
- فقدان البركة: لاحظت دانا اختفاء البركة من المال والعلاقات، رغم زيادة الدخل في بعض الأحيان، لكنها كانت تشعر دائماً بعدم الاستقرار والطمأنينة.
استغلال النساء والفتيات
تشير التجربة إلى أن النساء أكثر عرضة للاستدراج في هذا المجال، بسبب طبيعة العاطفة والرغبة في الشعور بالتميز أو حل المشكلات العاطفية. كما أن بعض المدربين الذكور يستغلون هذه الثغرة لتحقيق شهرة أو مصالح شخصية.
الخيال: أداة برمجة خطيرة
يُعتبر الخيال عنصراً أساسياً في برمجة العقل الباطن لدى ممارسي الطاقة. من خلال التأملات الموجهة، يتم دفع الشخص لتخيل أشياء غير واقعية، مما يجعله أكثر قابلية لتقبل أفكار جديدة أو حتى الدخول في حالات هلوسة أو انفصال عن الواقع.
الرموز والشحن والتعويذات
من أخطر ما يُمارس في مدارس الطاقة المتقدمة، استخدام الرموز السرية وشحن الصور أو الأحجار الكريمة أو حتى العطور بتعويذات معينة. وغالباً ما تكون هذه الرموز مرتبطة بأسماء أو أرقام سرية يُقال أنها تستدعي "خداماً" أو "كينونات نورانية"، لكن في الحقيقة هي استدعاء للجن أو الشياطين بحسب المعتقد الإسلامي.
الخروج من الدائرة: رحلة العودة
تصف دانا كيف بدأت تشعر بأن هناك خطأ كبيراً في هذا المجال، خاصة بعد تعرضها لحوادث غريبة وأحلام مزعجة، وظهور نتائج سلبية على بعض المتدربين (مثل رؤية الجن أو حدوث مشاكل أسرية خطيرة). ومع زيادة وعيها الديني وقراءتها للكتب والمراجع، قررت التوقف نهائياً عن ممارسة وتعليم الطاقة، وأعلنت ذلك على حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، رغم تعرضها للانتقاد أو التخويف من بعض المقربين.
رسائل ختامية ونصائح للمجتمع
- لا يوجد طاقة بدون كينونات: كل من يدخل عالم الطاقة سيتعامل عاجلاً أم آجلاً مع كينونات غير مرئية، بغض النظر عن المسميات (ملائكة، حكماء، أرواح، إلخ).
- لا منطقة رمادية: لا يمكن أخذ ما ينفع وترك ما يضر في هذا المجال، لأن الضرر غالباً ما يكون خفياً ويظهر مع الوقت.
- ضرورة التوعية: يجب على الأسر والمجتمع توعية الأبناء والبنات بمخاطر هذه الممارسات، وعدم الانسياق وراء الشعارات البراقة أو التجارب الشخصية التي تبدو إيجابية في البداية.
- العودة إلى المصادر الموثوقة: في حالات الضيق النفسي أو البحث عن الذات، الأفضل العودة إلى المصادر الدينية والعلمية الموثوقة، واستشارة المختصين في الطب النفسي أو التنمية الذاتية المعتمدة.
- الحذر من الدورات والمنتجات الطاقية: كثير من الدورات أو المنتجات (مثل الأحجار أو العطور المشحونة) ليست سوى وسائل لاستدراج الناس وجني الأرباح على حساب صحتهم النفسية والدينية.
خلاصة
تجربة دانا وغيرها من الشهادات الحية تؤكد أن عالم الطاقة ليس كما يبدو من الخارج، وأن وراء الشعارات البراقة والوعود بالشفاء والسعادة، مخاطر حقيقية تهدد العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية. الوعي، البحث، وعدم الانسياق وراء كل جديد، هو السبيل لحماية أنفسنا وأبنائنا من الوقوع في فخاخ هذا العالم الغامض.
للمزيد من التوعية حول مخاطر علوم الطاقة والتنمية الذاتية غير المعتمدة، تابع المصادر الموثوقة واسأل أهل العلم والاختصاص.
هل لديك تجربة مشابهة أو سؤال حول الموضوع؟ شاركنا في التعليقات لنستمر في نشر الوعي.
https://www.youtube.com/watch?v=R_KGhn03a-4