اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

رحلة من الشك إلى اليقين: تجربة شخصية مع مدارس الوعي والطاقة

مقدمة في زمن كثرت فيه الشبهات وانتشرت فيه مفاهيم مغلوطة حول الوعي والطاقة والتنمية الذاتية، أصبح من الضروري تسليط الضوء على التجارب الواقعية التي خاضه

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

مقدمة

في زمن كثرت فيه الشبهات وانتشرت فيه مفاهيم مغلوطة حول الوعي والطاقة والتنمية الذاتية، أصبح من الضروري تسليط الضوء على التجارب الواقعية التي خاضها بعض الشباب والفتيات في هذا المجال. في هذا المقال، نستعرض تجربة شاب مر برحلة طويلة بين مدارس الطاقة والوعي، ليعود أخيراً إلى طريق اليقين، ويقدم لنا خلاصة ما عاشه من دروس وعبر، لعلها تكون منارة تنير الطريق لمن وقعوا في نفس الدوامة أو يقفون على أعتابها.

البداية: البحث عن السكينة في عالم مضطرب

يبدأ صاحب التجربة حديثه بأنه نشأ في أسرة محافظة، ملتزمة بالصلاة والصيام، وأن ما مر به لاحقاً لم يكن نتيجة لتقصير في التربية أو ضعف في الأساس الديني، بل كان نتيجة فراغ نفسي وشعور بالاكتئاب بعد تحقيق بعض أهداف الحياة، مثل الحصول على وظيفة والاستقلال. هذا الفراغ دفعه للبحث عن حلول خارج الإطار التقليدي، ليجد أمامه عالم "الريكي" و"علوم الطاقة" التي تعد بالشفاء النفسي والسلام الداخلي.

في البداية، لم يكن يشك في هذه الممارسات، بل كان يراها وسيلة علمية أو روحية لتحسين حياته. بدأ يتعلم عن الرموز، وطرق تفعيلها، والتأملات، دون أن يدرك أن هذا الطريق يحمل في طياته الكثير من المخاطر العقدية والنفسية.

التدرج في الاستدراج: كيف يُزيَّن الباطل؟

يشير صاحب التجربة إلى أن الشيطان لا يظهر للإنسان في البداية بشكل صريح، بل يبدأ بتزيين هذا الطريق، مستغلاً حاجة الإنسان للشفاء أو الراحة النفسية. يتم تقديم هذه العلوم على أنها علمية أو روحية، مع إغفال حقيقة أنها ليست مثبتة علمياً ولا شرعياً، بل تعتمد على الإيمان المطلق بمفاهيم غيبية غير مدعومة بأي دليل.

ومع مرور الوقت، يبدأ الممارس في تصديق أشياء لم تكن يوماً جزءاً من ثقافته أو دينه، ويشعر بأنه يمتلك معرفة خاصة يجهلها من حوله، حتى يصل به الأمر إلى الاستهانة بالعبادات الأساسية كالصلاة، ويصبح فريسة سهلة للأفكار الشيطانية.

الانجراف نحو التحريف: حين يتحول العلم إلى عقيدة

من أخطر ما يواجهه الممارس في هذه المدارس هو التحريف الممنهج للمفاهيم الدينية. فقد التقى صاحب التجربة بمدربين عرب وأجانب، بعضهم يدعي العلم الشرعي أو يحمل شهادات مزورة، ويستخدمون الدين كغطاء لجذب المتابعين. يبدأ التحريف بنسف مفاهيم أساسية مثل القضاء والقدر، ثم الصلاة والصيام، حتى يصل إلى تشويه صورة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح.

يتم تقديم مفاهيم مثل "الوعي النوراني" و"المدرسة الباطنية" و"تأويل القرآن" بطريقة باطنية منحرفة، ويُدخل للمتلقي أفكاراً وثنية عن الشاكرات والعين الثالثة وتناسخ الأرواح، حتى يصبح في حالة من الضياع الفكري والعقدي.

برمجة الحماية والرفض: كيف يُعزل الممارس عن واقعه؟

من أساليب هذه المدارس زرع ما يُسمى "برمجة الحماية والرفض"، حيث يُقنع الممارس بأن كل من يحاول نصحه أو تحذيره هو "ظلامي" أو "مغيب"، وأن عليه أن يبتعد عن أهله وأصدقائه حفاظاً على طاقته ووعيه. بهذه الطريقة، يُعزل الشخص تدريجياً عن مجتمعه، ويصبح أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المنحرفة دون وجود من يصحح له المسار.

يتم أيضاً تفسير أي أعراض نفسية أو روحية على أنها "تطور روحي" أو "صحوة"، وليس مرضاً يحتاج لعلاج حقيقي، مما يزيد من تعقيد الحالة النفسية للممارس.

التجربة العملية: من التأملات إلى الشعوذة

يروي صاحب التجربة كيف دفع أموالاً طائلة لحضور دورات وشراء كورسات في الطاقة والخيمياء، وكيف سافر إلى معابد في دول مختلفة بحثاً عن السلام الداخلي، ليجد نفسه في النهاية يدور في حلقة مفرغة من الخيال والوهم، ويبتعد أكثر فأكثر عن الواقع والدين.

ويحذر من أن كثيراً من هذه الممارسات تتضمن أعمالاً شركية أو شعوذة مقنعة، مثل تقديم القرابين أو استخدام الرموز والأحجار، وكلها أمور لا تمت للعلم أو الدين بصلة.

العودة إلى الطريق: من الشك إلى اليقين

يصف صاحب التجربة نقطة التحول في حياته بأنها بدأت مع الزواج وبدء تكوين أسرة، حيث بدأ يتساءل: "ماذا سأعلم ابنتي؟ هل أرضى لها أن تتبع نفس الطريق الذي سلكته؟". هذه الأسئلة دفعته لمراجعة نفسه بصدق، والعودة تدريجياً إلى الصلاة والطهارة، وإعادة ترتيب أولوياته، والتخلص من كل الكتب والمحتويات التي كانت سبباً في انحرافه.

يؤكد أن العودة لم تكن سهلة، فقد واجه مقاومة داخلية شديدة، لكن مع الإصرار والدعاء، بدأ يشعر بالراحة والطمأنينة، وعاد لحياته الطبيعية، مؤكداً أن الصلاة والطهارة هما مفتاح الهداية والاتزان النفسي والروحي.

رسائل ونصائح للممارسين والباحثين

في ختام تجربته، يوجه صاحب القصة عدة نصائح عملية لكل من يمارس أو يفكر في دخول هذه الدوائر:

  • التمسك بالصلاة والطهارة: هما الحصن الحقيقي للإنسان من الانحرافات الفكرية والعقدية.
  • التحقق من مصادر العلم: أي علم لا يُدرس في الجامعات المعتبرة أو لا يُعترف به علمياً، فهو غالباً علم زائف أو عقيدة دخيلة.
  • الحذر من الخلط بين العلم والدين: كثير من المدربين يخلطون بين المفاهيم العلمية والدينية ليقدموا أفكارهم في صورة جذابة، لكنها في الحقيقة مليئة بالتحريف والتزييف.
  • عدم تصديق كل ما يُقال: استخدم نعمة العقل التي منحك الله إياها، ولا تسمح لأحد أن يسلبك إياها مهما كان بليغاً أو مقنعاً.
  • الحذر من العزلة: لا تبتعد عن أهلك وأصدقائك بحجة الحفاظ على طاقتك أو وعيك، فالعزلة تزيد من ضعفك أمام هذه الأفكار.
  • الرجوع للعلماء والمصادر الموثوقة: عند الشك أو الحيرة، استفتِ أهل العلم الموثوقين، وابتعد عن المدربين غير المؤهلين أو أصحاب الشهادات المزورة.
  • الاعتراف بالخطأ والتوبة: لا تخجل من العودة عن الخطأ، فكل تجربة هي درس، والتوبة بابها مفتوح دائماً.

كلمة أخيرة

هذه التجربة ليست حالة فردية، بل تمثل شريحة من الشباب والفتيات الذين وقعوا في فخ "مدارس الوعي والطاقة" بحثاً عن السعادة أو الشفاء أو التميز. إن العودة للطريق المستقيم ليست مستحيلة، بل هي ممكنة لكل من صدق مع نفسه ولجأ إلى الله بصدق، وتمسك بالعلم الصحيح والدين القويم.

نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة، وأن ينير بصائرنا جميعاً للحق، وأن يجعل من هذه التجربة عبرة نافعة لكل من يقرأها.

إذا استفدت من هذه القصة أو تعرف شخصاً قد يكون بحاجة لسماعها، فلا تتردد في مشاركتها. لعلها تكون سبباً في هداية أو إنقاذ نفس من الضياع.

https://www.youtube.com/watch?v=_ooSjL99rNA

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك