اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

رحلتي مع فلسفة الطاقة والتنمية البشرية: تجربة شخصية وتحليل نقدي

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والكتب التي تتحدث عن "طاقة الأنوثة والذكورة" و"قوانين الجذب" و"تطوير الذات" في عالمنا العربي، خاصة عبر وس

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
4 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والكتب التي تتحدث عن "طاقة الأنوثة والذكورة" و"قوانين الجذب" و"تطوير الذات" في عالمنا العربي، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كثيرون، وأنا منهم، دخلوا هذا العالم بدافع تحسين الذات وتحقيق الأهداف، لكن مع الوقت بدأت ألاحظ أموراً غريبة وتساؤلات عميقة حول جدوى هذه المفاهيم. في هذا المقال، أشارككم تجربتي الشخصية مع هذه الدورات، وكيف تطورت نظرتي لها، وما الدروس التي خرجت بها.

البداية: البحث عن التغيير

كل شيء بدأ عندما كنت أبحث عن طرق لتنظيم وقتي وتحقيق أهدافي. وجدت كتباً شهيرة في مكتبات الخليج تتحدث عن التنمية الذاتية، ثم التحقت بدورات حول "تخطيط الوقت" و"وضع الأهداف". في البداية، كان الهدف واضحاً: كيف أرتب حياتي وأحقق طموحاتي خلال خمس أو عشر سنوات قادمة.

التحول إلى فلسفة الطاقة

مع مرور الوقت، لاحظت أن هذه الدورات بدأت تدخل مفاهيم جديدة مثل "طاقة الأنوثة والذكورة"، وأصبح الحديث يدور حول ضرورة تحقيق التوازن بين هاتين الطاقتين. ظهرت مصطلحات مثل "الين واليانغ" (مأخوذة من الفلسفة الصينية)، وبدأت المدربات يوزعن نسباً للطاقة: 75% أنوثة و25% ذكورة للمرأة، والعكس للرجل! كان هناك تشجيع على ممارسات مثل المشي حافية على البحر، أو كتابة عبارات مثل "أنا قوية" يومياً، أو الاستماع إلى تأملات صوتية خاصة بالمدربة صباحاً ومساءً.

تسويق الدورات والكتب

لم يتوقف الأمر عند الدورات فقط، بل ظهرت مواقع إلكترونية للاشتراك، وكتب جديدة، وصفحات على إنستغرام تقدم نصائح يومية حول الطاقة والتخطيط والتوكيدات. كان هناك إصرار على كتابة التوكيدات يومياً، ولصق صور الأهداف على لوحة خاصة، وترديد أذكار أو أدعية معينة، وحتى الاستماع لتأملات صوتية طويلة قد تستغرق نصف ساعة يومياً.

الشكوك والتساؤلات

مع الوقت، بدأت أشعر أنني أضيع وقتي في كتابة التوكيدات وترديد العبارات دون أن أرى نتائج حقيقية. كنت أكتب يومياً "أنا قوية" أو "أنا أستطيع"، وأجلس أمام المرآة أردد هذه العبارات، لكنني لم أكن مقتنعة بها في داخلي. بل بدأت أشعر أنني أعيش في دوامة من التكرار دون فائدة، وأن يومي يضيع بين كتابة التوكيدات، ومتابعة الصور، والاستماع للتأملات.

الجانب السلبي: العزلة والشعور بالوحدة

من الأمور التي لاحظتها أيضاً أن هذه الفلسفة كانت تدعو أحياناً إلى الابتعاد عن الأشخاص "السلبيين"، حتى أصبح كل من حولي سلبيين في نظري! وجدت نفسي أنعزل عن المجتمع، وأقضي وقتي مع دفتر التوكيدات، وأشعر بالوحدة والانطوائية. كل ذلك جعلني أتساءل: هل هذه التنمية الذاتية فعلاً تساعدني أم تضرني؟

اكتشاف الحقيقة والعودة للجذور

مع مرور الوقت، بدأت أكتشف أن كثيراً من هذه الممارسات لا تتفق مع قيمي الدينية والثقافية. لاحظت أن بعض المدربين يدمجون آيات وأذكاراً مع مفاهيم الطاقة والجذب بطريقة غير واضحة، وأحياناً يطلبون إرسال "نية" للكون أو الامتنان للكون بدلاً من شكر الله تعالى. شعرت أن هناك خلطاً بين الدين والفلسفة الشرقية، وأنني أضيع وقتي في ممارسات لا أؤمن بها حقاً.

الدروس المستفادة

  • لا تتبع كل جديد دون وعي: ليس كل ما يروج له في التنمية الذاتية مناسباً أو صحيحاً. من المهم أن نبحث ونتحقق من مصادر المعلومات، وألا ننجرف وراء كل صيحة جديدة دون فهم عميق.
  • التوازن الحقيقي يبدأ من الداخل: التغيير الإيجابي لا يأتي من ترديد العبارات أو لصق الصور، بل من العمل الجاد، والتخطيط الواقعي، والاعتماد على الله أولاً وأخيراً.
  • احترام القيم الدينية والثقافية: يجب أن نميز بين ما يتوافق مع ديننا وقيمنا، وما هو دخيل علينا من فلسفات غربية أو شرقية قد لا تناسبنا.
  • الوقت أثمن من أن نضيعه: لا تجعل حياتك تدور حول كتابة التوكيدات أو الاستماع لتأملات طويلة بلا نتيجة. استثمر وقتك في تطوير مهاراتك الحقيقية، وتحقيق أهدافك بخطوات عملية.
  • الامتنان يكون لله أولاً: الامتنان والشكر يجب أن يكونا لله تعالى، وليس للكون أو للطاقة كما تروج بعض الدورات.

كلمة أخيرة

تجربتي مع فلسفة الطاقة والتنمية البشرية كانت مليئة بالتساؤلات والدروس. أدعو كل من يقرأ هذا المقال أن يتحلى بالوعي، وألا ينجرف وراء أي فكرة دون تمحيص. التنمية الحقيقية تبدأ من الداخل، ومن علاقتنا بالله، ومن العمل الجاد والمستمر لتحقيق أهدافنا.

إذا كانت لديك تجربة مشابهة أو رأي حول هذا الموضوع، شاركنا به في التعليقات. لعل في تبادل الخبرات فائدة للجميع.

https://www.youtube.com/watch?v=7hTzMWJztwI

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك