رحلتي مع البرامج الفكرية: بين التأثيرات الإيجابية والسلبيات الخفية
في سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، كنت في مقتبل العمر أعيش سنوات الدراسة الثانوية. في تلك المرحلة، لم أكن أعرف الكثير عن مفاهيم التفكير الإيجابي أو ا
في سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، كنت في مقتبل العمر أعيش سنوات الدراسة الثانوية. في تلك المرحلة، لم أكن أعرف الكثير عن مفاهيم التفكير الإيجابي أو السلبي؛ فقد كنت أعيش بفطرة طبيعية، لا يشغلني سوى واقع الحياة اليومية. لكن مع الوقت، بدأت أتعرف على برامج جديدة وكتب تتحدث عن تطوير الذات، وكان أولها كتاب "التفكير الإيجابي" الذي فتح لي باباً لعالم لم أكن أعرفه من قبل.
تأثير البرامج الدينية والتنموية
في تلك الفترة، بدأت أتابع برامج دينية يقدمها دعاة معروفون، بينهم داعية مصري كان يوجه شكرًا خاصًا للدكتور أحمد عمارة في إحدى حلقاته. هذا التفصيل البسيط جعلني أبحث أكثر عن الدكتور أحمد عمارة وأتابع برامجه، خاصة وأنه ظهر في قنوات دينية موثوقة، ما جعلني أطمئن لما يقدمه من أفكار.
كما كان هناك برنامج شهير من 11 جزءًا يتحدث عن اليابان، وخصص حلقة عن الصلاة، تحدث فيها عن الخشوع وربطها بمفهوم "الشاكرات" والطاقة الروحية. في ذلك الوقت، لم أكن أرى أي تعارض أو خطورة، بل اعتبرت أن هذه الأفكار مقبولة طالما أنها تُعرض في قنوات دينية وتلقى قبولاً من العائلة والمجتمع.
البحث عن الذات في عالم الإنترنت
مع تقدمي في العمر ودخولي عالم الإنترنت، بدأت أبحث عن مزيد من المعلومات حول هذه المفاهيم: أحمد عمارة، إبراهيم الفقي، الشاكرات، الطاقة، التأملات وغيرها. لم أكن أدرك حينها أن هذه القشور البسيطة ستؤثر عليّ بشكل عميق، فقد دخلت في حالة من الكآبة والعزلة في عمر كان من المفترض أن أعيش فيه أجمل سنوات التفوق والدراسة والصداقة.
كنت أتساءل كيف يمكن لأفكار كهذه أن تصل إلى قريتي الصغيرة وتؤثر فيّ وفي غيري من الشباب، خاصة وأنها تأتي من قنوات دينية يثق بها الأهل، بل ويفرحون عندما يرون أبناءهم يتابعونها.
الصدمة من بعض المفاهيم المطروحة
من أكثر الأمور التي أثرت في نفسيتي، كان حديث بعض المدربين عن الأذكار، حيث وصفها أحدهم بأنها مجرد ترديد ببغائي لا فائدة منه. كنت أجد راحتي في الأذكار، خاصة قبل النوم، وفوجئت عندما سمعت من يقول إن تكرار الأذكار بهذه الطريقة لا معنى له. هذا الكلام كان صدمة بالنسبة لي، إذ كيف يمكن أن نقلل من قيمة الأذكار التي تربينا عليها ونجد فيها السكينة والطمأنينة؟
قانون الجذب والتناقضات الفكرية
لاحقًا، تعرفت على ما يسمى "قانون الجذب" من خلال فيلم شهير وبرامج أجنبية. حاولت فهم الفكرة، لكنني وجدت الكثير من التناقضات، خاصة عندما دخلت هذه المفاهيم إلى عالمنا العربي وأصبحت تروج بطريقة مشوشة. لم أجد منطقًا في فكرة "التعلق وعدم التعلق" أو "التفكير الإيجابي لجذب الأحداث". ورغم أنني درست الفيزياء والرياضيات، لم أستطع قبول هذه الأفكار التي تفتقر إلى الأساس العلمي الواضح.
العودة إلى الجذور والوعي بالنعمة
الحمد لله، مع الوقت وبفضل زيارة بيت الله الحرام في رمضان، بدأت أستعيد توازني وأدرك قيمة النعم التي نعيشها في بلادنا. وأدعو أخواتي في دول الخليج خاصة إلى تقدير النعمة التي يمتلكنها، من تقاليد راسخة واحترام للمرأة وأمان فكري واجتماعي. لا داعي للانجراف وراء أفكار دخيلة تحمل أهدافًا مادية أو تسعى لجذب الشباب إلى مسارات غير واضحة.
خلاصة التجربة: الوعي والتمسك بالأصول
ما تعلمته من هذه التجربة أن بعض البرامج والكتب، حتى وإن ظهرت في قنوات دينية أو تنموية، قد تحمل أفكارًا غير متوافقة مع قيمنا ومعتقداتنا، وقد تؤدي إلى حيرة أو ضياع نفسي وفكري. علينا أن نكون واعين ونميز بين ما هو نافع وما قد يضرنا، وألا نسمح لأي فكرة أن تزعزع ثوابتنا الدينية أو تشتت عقولنا.
وأخيرًا، أقول لكل شاب وفتاة: لا تدعوا الفضول أو الانبهار ببريق العناوين يدخلكم في متاهات فكرية قد تبعدكم عن جوهر الإيمان والراحة النفسية. تمسكوا بالأذكار والصلاة، وكونوا على يقين أن السعادة الحقيقية في البساطة والرضا والتمسك بالأصول.
https://www.youtube.com/watch?v=IFXeUvCsEW4