اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

رحلتي مع "علاج الطاقة": تجربة شاب بين الوهم والواقع

بقلم أحد الشباب العرب - تجربة شخصية واقعية مقدمة

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

بقلم أحد الشباب العرب - تجربة شخصية واقعية

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم “علاج الطاقة” و”الوعي” و”التأملات” بشكل واسع في المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة بين الشباب الباحثين عن حلول لمشاكلهم الصحية أو النفسية أو حتى الروحية. كثيرون يُقبلون على هذه الدورات أو الجلسات أملاً في الشفاء أو التطور الذاتي، دون إدراك ما قد يترتب عليها من آثار خطيرة على الصحة النفسية والدينية والاجتماعية.

في هذا المقال، أنقل لكم تجربتي الشخصية مع عالم الطاقة، بكل تفاصيلها، منذ البداية وحتى الخروج منها، لعلكم تجدون فيها عبرة أو تحذيراً قبل اتخاذ قرار الدخول في هذا المجال.

كيف بدأت القصة؟

كنت شاباً في الثامنة عشرة من عمري، أعاني من مرض مزمن منذ الطفولة، عجز الأطباء عن إيجاد علاج جذري له. دفعني ذلك للبحث عن أي وسيلة للشفاء، خاصة بعد أن أثّر المرض على دراستي وحياتي الاجتماعية. إلى جانب ذلك، عانيت من مشاكل أسرية، وشعرت بضعف في الوازع الديني نتيجة نشأتي في بيئة مختلفة نوعاً ما.

في تلك الفترة، صادفت إعلاناً على أحد حسابات الإنستغرام عن جلسات “علاج الطاقة الثيتا”، وقررت التواصل مع المدربة. كانت الجلسة الأولى مجانية، وبعدها بدأت أُطلب مني مبالغ كبيرة مقابل جلسات نصف ساعة تصل إلى 400 ريال سعودي.

تجربة الجلسات الأولى: تحسن وهمي وارتباط نفسي

خلال الجلسة الأولى، طلبت مني المدربة الاسترخاء وشرب ماء “مُبرمج”، وأخبرتني أنني قد أشعر بتعب أو سخونة أو حتى مرض بعد الجلسة، وهذا “دليل على أن الطاقة بدأت تعمل”. بالفعل، شعرت بتعب شديد في اليوم التالي، ثم تحسنت بعض الأعراض الجسدية بشكل مؤقت، مما دفعني للاستمرار في الجلسات.

مع الوقت، بدأت المدربة تتحدث معي عن أمور دينية وروحية، وأوصتني بمتابعة كورسات لمدربين آخرين مثل أحمد عمارة، الذي كان يفسر القرآن بطريقته الخاصة، ويشكك في كثير من الثوابت الدينية، ويروّج لفكرة أن لكل إنسان طريقته الخاصة في الصلاة والعبادة.

التعمق في عالم الطاقة: من جلسات إلى دورات وكورسات

مع استمرار الجلسات، انتقلت إلى مدربات ومدربين آخرين، مثل هند محمد ونور كايزن، وكل واحدة كانت تدّعي أن لديها “طاقة أقوى” أو “قدرات أعلى”. بدأت أمارس تمارين غريبة، مثل الوقوف وترديد عبارات عن “لعنة الأجداد”، أو استقبال “الطاقة الكونية” عبر الشاكرات.

في إحدى الجلسات، عشت تجربة “استرجاع الماضي”، حيث تخيلت مواقف قديمة مرتبطة بالسحر والشعوذة في منزلنا. قيل لي إن هذه الذكريات دليل على وجود “سحر قديم” يجب تنظيفه بالطاقة، وأن كل مشاكلنا الأسرية مرتبطة بذلك.

الآثار النفسية والدينية: فقدان الهوية والانزلاق نحو الإلحاد

مع الوقت، لاحظت تغيراً كبيراً في شخصيتي وسلوكياتي. فقدت الرغبة في الصلاة والدعاء، وأصبحت أفكر بطريقة مادية بحتة: “لماذا أدعو الله إذا كنت أستطيع تحقيق كل شيء بالطاقة؟”. بدأت أتبنى أفكاراً إلحادية، وأشكك في كل الثوابت الدينية، حتى أنني لم أعد أعرف كيف أدعو أو أقرأ القرآن بشكل صحيح.

تغيرت علاقاتي الاجتماعية، فقدت أصدقائي المقربين، وأصبحت أكثر جرأة وسلوكياتي غريبة حتى على نفسي. وصلت إلى مرحلة من العزلة والاكتئاب، وصرت أرى أو أسمع أشياء غريبة في المنزل، خاصة بعد ممارسة تعويذات وترديد طلاسم غير مفهومة.

الجانب المالي والاستغلال التجاري

لم تكن الجلسات مجانية، بل كانت المدربات يطلبن مبالغ كبيرة، ويشجعن على شراء المزيد من الدورات والكورسات، بحجة أن “الطاقة تحتاج إلى استمرارية”. حتى بعض المدربات كنّ يعانين من مشاكل مالية أو اجتماعية، رغم ادعائهن القدرة على جذب المال أو شريك الحياة بالطاقة!

الانهيار الصحي والنفسي: العودة إلى نقطة الصفر

بعد سنتين ونصف من ممارسة “علاج الطاقة”، تدهورت صحتي بشكل كبير، وتضاعفت أعراض المرض المزمن، واضطررت لدخول المستشفى مرات عديدة. لم أجد أي تحسن حقيقي، بل زادت مشاكلي النفسية والجسدية، وأصبحت أعاني من وساوس واكتئاب شديد.

العودة إلى الدين والشفاء الحقيقي

في لحظة يأس، عدت إلى الصلاة والدعاء بصدق، وابتعدت عن كل ما يتعلق بالطاقة والتأملات. بدأت أبحث عن علماء الدين الحقيقيين، واستفدت من تجارب السحرة التائبين، الذين أكدوا أن كثيراً من طقوس الطاقة ما هي إلا صور من السحر والشعوذة.

مع الوقت، بدأت أتعافى تدريجياً، رغم استمرار بعض الأعراض الجسدية والنفسية، لكن الفرق أنني عدت إلى الله، ووجدت الطمأنينة الحقيقية في العبادة والرضا بقضاء الله.

نصيحتي لكل شاب وفتاة: لا تنخدعوا بوهم الطاقة

  • لا يوجد في “علاج الطاقة” أو التأملات أي جانب ديني صحيح، بل هي تحريف للدين والقرآن والسنة.
  • النتائج الإيجابية المؤقتة ما هي إلا استدراج شيطاني، يعقبه دمار نفسي وديني واجتماعي.
  • أغلب من يدخلون هذا المجال يعانون من مشاكل التعلق أو الأزمات النفسية، ويبحثون عن حلول سريعة، لكنهم يقعون في فخ الاستغلال المالي والفكري.
  • لا يوجد مدرب أو مدربة طاقة يستطيع أن يغير قدرك أو يشفيك بمعزل عن إرادة الله.
  • العودة إلى الدين والقرآن والسنة، وطلب المساعدة من المختصين النفسيين أو الاجتماعيين، هو الطريق الصحيح للشفاء.

خاتمة

تجربتي مع “علاج الطاقة” لم تمنحني أي شفاء، بل دمرتني من جميع النواحي: الصحية، النفسية، الدينية، والاجتماعية. أنقلها لكم اليوم، ليس للتشهير بأحد، بل لتحذير كل من يفكر في الدخول لهذا العالم، أو يظن أنه طريق للشفاء أو التطور.

احذروا من هذه الطرق، وعودوا إلى الله، فهو الشافي والمعين، ولا تعظموا من مخلوقات لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً.

رسالة أخيرة

إذا كنت تعاني من مرض أو أزمة نفسية أو اجتماعية، لا تتردد في طلب المساعدة من الأطباء والمختصين، وكن واثقاً أن الله هو القادر على كل شيء. لا تجعل ضعفك أو حاجتك باباً يدخل منه الدجالون والمشعوذون إلى حياتك.

أسأل الله لي ولكم السلامة والهداية والثبات.

بقلم شاب عربي مر بتجربة “علاج الطاقة” وخرج منها بفضل الله.

https://www.youtube.com/watch?v=4wzhsNzPR0U

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك