رحلتي مع مدارس الطاقة والوعي: تجربة حقيقية وتحذير للأجيال
مرحباً بكم جميعاً في هذا المقال الذي أشارككم فيه تجربة شخصية عميقة وممتدة عبر سنوات طويلة مع ما يُعرف بمدارس الطاقة والوعي والتنمية البشرية. هذه التجر
مرحباً بكم جميعاً في هذا المقال الذي أشارككم فيه تجربة شخصية عميقة وممتدة عبر سنوات طويلة مع ما يُعرف بمدارس الطاقة والوعي والتنمية البشرية. هذه التجربة ليست مجرد سرد لأحداث، بل هي رسالة توعوية لكل من يبحث عن الحقيقة أو يفكر في خوض هذه المسارات. أكتب لكم اليوم بعد رحلة دامت 25 عاماً، مليئة بالتجارب، التحديات، والندم أحياناً، وأتمنى أن تكون كلماتي سبباً في حماية شخص واحد على الأقل من الوقوع في نفس الأخطاء.
البدايات: الفضول والمعرفة المبكرة
بدأت رحلتي مع كتب التنمية البشرية في سن مبكرة جداً، تحديداً في عمر 11 سنة. في ذلك الوقت، لم يكن الإنترنت متاحاً كما هو اليوم، وكانت طفولتنا تقضي معظمها في اللعب خارج المنزل. لكنني وجدت نفسي منغمسة في قراءة كتب ومراجع تتعلق بالطاقة، الاستبصار، والخيمياء، والتي حصلت عليها من قريبتي الأكبر مني سناً، وكانت تدرس في الجامعة وتهتم كثيراً باللغات والعلوم الغربية.
من الكتب التي أثرت فيّ كان كتاب "الخيميائي"، الذي رغم كونه رواية، إلا أنه أثار في نفسي الفضول لمعرفة "جوهر الكون" كما كان يبحث عنه بطل الرواية. ومع مرور الوقت، أصبحت أعتبر الكثير من المفاهيم التي قرأتها مسلّمات، دون أن أمتلك القدرة على التمييز أو النقد، خاصة وأنني كنت في مرحلة عمرية لم يكتمل فيها نمو الدماغ المسؤول عن اتخاذ القرار.
التأثر بالبيئة والتجارب الشخصية
كانت قريبتي تلك مثالاً حياً على التغير الجذري الذي قد يحدث لمن يغوص في هذه المجالات. فقد بدأت متدينة جداً، ثم انتقلت تدريجياً إلى تجارب دينية مختلفة حتى تركت الدين تماماً وغادرت البلاد. هذا التحول كان صادماً لي ولعائلتها، وأصبح درساً مؤلماً في مدى خطورة الانجراف خلف هذه الأفكار دون وعي أو تمحيص.
أما أنا، فواصلت القراءة والممارسة وحدي، وبدأت أتعمق في ممارسات الاستبصار واليوغا، ليس كرياضة جسدية فقط، بل كعقيدة روحية. كنت أبحث عن زيادة الحدس، وتطوير القدرات الذهنية، دون إدراك للعواقب النفسية والجسدية والروحية.
اليوغا والطاقة: أكثر من مجرد رياضة
من الأخطاء الشائعة اليوم الاعتقاد بأن اليوغا مجرد تمارين استطالة أو رياضة بدنية. الحقيقة أن اليوغا في أصلها عبادة وثنية، ترتبط بمعتقدات روحية عميقة، وتهدف إلى فتح "شاكرات" الجسد، والتي يُزعم أنها مراكز للطاقة. هذه الممارسات تتطلب طقوساً معينة، أوقاتاً محددة (كأوقات الغروب)، وترافقها تمارين تنفس وتأمل طويلة ومرهقة.
خلال سنوات ممارستي، عانيت من مشاكل صحية مثل أزمات تنفسية، واضطرابات في المعادن والفيتامينات بالجسم، وزيادة الوزن، دون أن أعي أن السبب هو تلك الممارسات. كما لاحظت أن اليوغا تفرض عزلة روحية وفكرية، وتفتح أبواباً خطيرة على النفس والعقل.
من الوعي إلى الفراسة: رحلة البحث عن الذات
بعد سنوات من ممارسة اليوغا والطاقة، انتقلت إلى دراسة علوم الوعي والفراسة، وقرأت كتباً كثيرة في تحليل الشخصيات، الأبراج، العناصر الأربعة، وغيرها. لكنني اكتشفت مع الوقت أن هذه العلوم الحديثة غالباً ما تفتقر إلى الأسس العلمية، وتعتمد على أحكام عامة قد تظلم الناس وتؤدي إلى سوء الفهم.
حتى في تحليل الخط أو الصوت أو التوقيع، وجدت أن الكثير من الممارسين يدّعون معرفة الغيب أو الحكم على الأشخاص من مجرد خط يدهم أو صوتهم، وهذا ظلم كبير، خاصة وأن هناك عوامل صحية ونفسية تؤثر على هذه الأمور.
خطورة المدارس الحديثة: التنمية البشرية والوعي الزائف
مع انتشار كتب التنمية البشرية، أصبح من السهل على أي شخص أن يدّعي أنه "مدرب وعي" أو "لايف كوتش" بعد حضور دورة أو اثنتين. هذه الدورات غالباً ما تروج لمفاهيم مثل "قانون الجذب" و"الذبذبات"، وتدفع الناس للاعتقاد بأنهم يستطيعون تغيير واقعهم بمجرد تغيير أفكارهم أو ترديد توكيدات صوتية.
الحقيقة أن الإنسان ليس نظاماً بيولوجياً مفتوحاً يستقبل ويرسل الطاقة كما يدّعون، بل هو مخلوق معقد له حدود بيولوجية ونفسية وروحية. الاعتماد على هذه المفاهيم الزائفة قد يؤدي إلى الإحباط، القلق، وحتى الأمراض النفسية.
الممارسات الخطيرة: الأحجار، الزيوت، والبخور
في مرحلة من المراحل، دخلت في عالم الأحجار الكريمة، الزيوت، والبخور، واستمعت إلى مدربين يروجون لاستخدامها في "شحن الطاقة" أو "فتح الحظ". هذه الممارسات ليست بريئة كما تبدو، بل ترتبط غالباً بطقوس سحرية أو معتقدات باطنية خطيرة. حتى موضوع "تنظيف الشاكرات" أو "جلسات الريكي" قد يؤدي إلى أضرار نفسية وجسدية كبيرة، كما حدث معي ومع كثيرين أعرفهم.
الأعراض الجسدية والنفسية: الثمن الباهظ
خلال سنوات الممارسة، عانيت من أعراض جسدية ونفسية متعددة: مشاكل في التنفس، اضطرابات في المعادن، زيادة الوزن، قلق، وسواس، وحتى أعراض انسحابية تشبه الإدمان عند التوقف عن سماع التوكيدات أو ممارسة التأملات.
هذه الأعراض ليست مجرد أوهام، بل هي نتائج حقيقية لتغيير كيمياء الدماغ والجهاز العصبي بسبب الممارسات الطويلة الخاطئة. كثير من الناس يظنون أن بإمكانهم الخروج بسهولة من هذه الدوامة، لكن الحقيقة أن بعض الأضرار قد تكون دائمة أو تحتاج لسنوات من العلاج النفسي والروحي.
نقطة التحول: العودة إلى الفطرة والدين
رغم كل ما وصلت إليه من شهرة في مجال الفراسة والتنمية البشرية، ظل هناك شعور دائم بعدم الراحة، وعدم الرضا الداخلي. بدأت أراجع نفسي وأسأل: ماذا لو كنت على خطأ؟ كم من الناس تأثروا بكلماتي أو نصائحي؟ هل سأتحمل وزرهم يوم القيامة؟
نقطة التحول الحقيقية كانت بعد تجربة جلسة "تنظيف شاكرات" عند مدربة معروفة، حيث شعرت بعدها بتدهور صحي ونفسي كبير، لم يتحسن إلا بعد العودة للرُقية الشرعية والدعاء والتمسك بالعبادات. أدركت حينها أن كل تلك الممارسات لم تجلب لي سوى التعب، وأن السعادة والراحة الحقيقية في العودة إلى الله والفطرة السليمة.
نصائح عملية لكل باحث عن الحقيقة
- لا تدخل من باب الفضول: كثير من الناس يبدأون بهذه الممارسات بدافع الفضول، ثم يجدون أنفسهم في دوامة لا تنتهي من الدورات والكورسات والتجارب.
- احذر من الدورات والمدربين غير المؤهلين: ليس كل من يدعي المعرفة أو يحمل لقب "مدرب" أو "كوتش" يستحق الثقة. ابحث عن المصادر الموثوقة، وابتعد عن كل من يروج لمفاهيم غامضة أو غير مثبتة علمياً.
- اليوغا ليست رياضة بريئة: مهما حاول البعض تبريرها كتمارين استطالة أو استرخاء، فهي في أصلها عبادة وثنية تحمل معتقدات خطيرة، وقد تفتح أبواباً لا تُغلق بسهولة.
- لا تثق في تحليل الشخصيات من الخط أو الصوت أو الشكل: هذه علوم غير دقيقة، وقد تظلم الناس أو تؤدي إلى سوء الفهم.
- التحصين بالدعاء والرُقية الشرعية: الأصل في العلاج النفسي والروحي هو الدعاء واللجوء إلى الله، وليس الاعتماد على مدربين أو معالجين غير مؤهلين.
- احذر من التوكيدات الصوتية والتأملات: قد تؤدي إلى الإدمان وتغيير كيمياء الدماغ، وتسبب أعراضاً انسحابية خطيرة.
- لا تستهين بالأعراض الجسدية والنفسية: إذا شعرت بأي تغيرات سلبية بعد ممارسة هذه الأمور، أوقفها فوراً واطلب المساعدة من مختصين موثوقين.
- العلاج النفسي السليم يكون عند الطبيب أو الأخصائي المعتمد: لا تذهب لأي شخص يدعي القدرة على العلاج بالطاقة أو الوعي دون مؤهلات طبية معترف بها.
رسالة خاصة للنساء والشباب
أغلب ضحايا هذه المدارس من النساء والشباب الباحثين عن حلول سريعة لمشاكلهم النفسية أو الاجتماعية. لا تصدقوا كل ما يُقال عن "النرجسية" أو "العلاقات السامة" أو "الطفل الداخلي" دون تشخيص طبي دقيق. لا تسمحوا لمصطلحات عابرة أو فيديوهات على اليوتيوب أن تشتت عائلاتكم أو تزرع الشك في علاقاتكم.
لمن هم في المنطقة الرمادية: لا تتردد في العودة
إذا كنت تشعر بالحيرة أو الشك، فلا تتردد في العودة إلى الله وطلب الهداية. اسأل، ابحث، ناقش، ولا تغلق عقلك أمام النصيحة. تذكر أن الهداية بيد الله، وأن الدعاء هو الأصل في كل شيء.
الخلاصة: الدروس المستفادة
- الطاقة والوعي والتنمية البشرية ليست حلولاً سحرية، بل قد تكون أبواباً لمشاكل أكبر.
- الرجوع إلى الفطرة والدين هو الأمان الحقيقي.
- التجربة خير معلم، لكن ليس عليك أن تجرب كل شيء بنفسك. استفد من تجارب الآخرين، وكن واعياً في اختياراتك.
أسأل الله لي ولكم الثبات والهداية، وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر. هذه تجربتي أضعها بين أيديكم أمانة، لعلها تكون سبباً في حماية شخص من الوقوع في نفس الدوامة.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
بقلم: ديانا، تجربة 25 سنة في مدارس الطاقة والوعي والتنمية البشرية
https://www.youtube.com/watch?v=_pSfNDNhzic