حقيقة قص الشعر والأظافر وربطها بمراحل القمر: بين العلم والخرافة

في السنوات الأخيرة، انتشرت ممارسات غريبة بين بعض المدربين والمهتمين بالطاقة واليوغا، حيث يتم ربط قص الشعر والأظافر بأيام معينة من الشهر القمري، بل ويتم دفنها أو حرقها ضمن طقوس معينة. فما حقيقة هذه الممارسات؟ وهل لها أصل علمي أو ديني؟ وكيف يمكن أن تؤثر على أبنائنا وبناتنا؟ في هذا المقال، نناقش هذه الظاهرة من منظور علمي وشرعي، ونكشف حقيقة ما يُروَّج له في بعض قنوات الطاقة واليوغا.

جذور الممارسات: فلسفة وطقوس وثنية

تعود فكرة ربط قص الشعر والأظافر بمراحل القمر إلى فلسفات وعقائد قديمة، مثل الهندوسية، والبوذية، وبعض حضارات بابل واليونان. في هذه العقائد، يُعتبر الشعر والأظافر جزءًا من القربان أو الطقوس الروحية، حيث يتم قصهما في أيام محددة من الشهر القمري، مع رسم رموز معينة على الجسد، أو إطلاق النوايا، أو حتى دفن أو حرق الشعر والأظافر بعد قصها.

بعض المدربين والمدربات اليوم يروجون لهذه الأفكار، ويحددون أيامًا مثل 7 أو 12 أو 17 من الشهر القمري لقص الشعر أو الأظافر، ويزعمون أن ذلك يؤثر على الطاقة أو النمو، أو يجلب الحظ أو يدفع الشرور. بل ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، فيدفنون الشعر أو الأظافر كجزء من "اكتمال مرحلة الرصد" أو "تعيين الخادم على الطلسم"، وهي مصطلحات مأخوذة من السحر والشعوذة.

هل لهذه الممارسات أصل في الإسلام؟

من المهم أن نوضح أن هذه الممارسات لا أصل لها في الشريعة الإسلامية. فالإسلام لم يحدد أيامًا معينة لقص الشعر أو الأظافر مرتبطة بمراحل القمر. بل إن مثل هذه الطقوس تعود إلى عقائد وثنية، كما في بعض طوائف الهندوسية والبوذية، ولا علاقة لها بالإسلام.

أما ما ورد عن استخدام البخور أو التطيب به في الإسلام، فهو أمر مستحب في أوقات معينة مثل يوم الجمعة أو أثناء الصلاة، لكنه لا يُمارس كطقس شعائري أو مرتبط بمراحل القمر أو غيرها من الظواهر الفلكية.

الرأي العلمي: هل يؤثر القمر فعلًا على نمو الشعر والأظافر؟

انتشرت بين بعض خبيرات الشعر فكرة أن قص الشعر في أيام "البيض" (13، 14، 15 من الشهر القمري) يؤثر إيجابًا على نمو الشعر، أو أن للقمر طاقات خفية تؤثر على الجسم. لكن ماذا يقول العلم؟

• لا يوجد أي دليل علمي معتبريثبت أن للقمر تأثيرًا مباشرًا على نمو الشعر أو الأظافر.
• الاعتقاد بأن القمر يؤثر على الشعر كما يؤثر على المد والجزر هوخرافةلا أساس لها من الصحة.
• كل الدراسات العلمية تؤكد أن نمو الشعر والأظافر يعتمد على عوامل وراثية وصحية، ولا علاقة له بمراحل القمر.

الجانب الشرعي: التنجيم والشرك

يرى العلماء أن ربط الحوادث الأرضية، مثل نمو الشعر أو الأظافر، بمراحل القمر أو مواقع النجوم يدخل في بابالتنجيم المحرم. والتنجيم هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية بطرق خفية لا يمكن التحقق منها، وهو من أعمال الشعوذة والسحر.

• الاعتقاد بأن للقمر أو النجوم تأثيرًا ذاتيًا في الحوادث الأرضية هو شرك أكبر، لأنه يجعل من غير الله فاعلًا في الكون.
• أما الاعتقاد بأن القمر سبب فقط، دون دليل شرعي أو علمي، فهوشرك أصغر.
• النبي ﷺ حذر من تعليق الأسباب غير الظاهرة أو التي لا دليل عليها، وعدَّها من الشرك الأصغر.

علم النجوم بين الحلال والحرام

• علم التأثير: وهو الاعتقاد بأن النجوم والكواكب تؤثر في الحوادث الأرضية (مثل السعادة والشقاء أو المرض والصحة)، وهذامحرم وشرك أكبر.
• علم التسيير: وهو استخدام النجوم لمعرفة المواقيت والاتجاهات (مثل تحديد أوقات الصلاة أو اتجاه القبلة)، وهذاجائزولا حرج فيه.

قال الله تعالى:

"وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ"(سورة النحل: 16)

خلاصة وتوصيات للأسر والمربين

• احذروا من الممارسات التي يتم ترويجها تحت مسمى الطاقة أو الوعي أو التنمية الذاتية، خاصة إذا كانت مرتبطة بطقوس وثنية أو خرافات فلكية.
• لا يوجد أي دليل علمي أو شرعييجيز ربط قص الشعر أو الأظافر بمراحل القمر أو دفنهما أو حرقهما ضمن طقوس خاصة.
• علموا أبناءكم وبناتكم التمييز بين ما هو دين وما هو خرافة، ووضحوا لهم أن الإسلام دين توحيد ونقاء من الشعوذة والسحر.
• التزموا بالسنة النبويةفيما يتعلق بالنظافة الشخصية، دون الدخول في طقوس دخيلة أو معتقدات باطلة.

رسالة ختامية

إن ما يُروج له اليوم من ربط قص الشعر والأظافر بمراحل القمر أو دفنهما أو إشراكهما في طقوس الطاقة ليس سوىخرافات وثنيةتمارس باسم الدين أو العلم. واجبنا أن نحصن أبناءنا وبناتنا بالعلم الصحيح والدين النقي، وأن نحذر من كل ما يخالف التوحيد والعقل.نسأل الله أن ينير طريقنا جميعًا، وأن يحفظ أبناءنا من كل باطل وخرافة.