سلسلة "جحر العقرب": كشف شبهات مدارس الطاقة والوعي الزائف
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المقال، نسلط الضوء على سلسلة توعوية جديدة بعنوان "جحر العقرب"، وا
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في هذا المقال، نسلط الضوء على سلسلة توعوية جديدة بعنوان "جحر العقرب"، والتي تهدف إلى كشف أخطر الشبهات الفكرية والعقدية المنتشرة في حسابات مدربي الطاقة والوعي والتأملات، وتحليلها من منظور علمي وشرعي وعقلي. هذه السلسلة تأتي استجابةً لمسؤولية مجتمعية ودينية تجاه حماية أبناء وبنات العالم العربي والإسلامي من الوقوع في فخ هذه الأفكار والممارسات المنحرفة.
لماذا "جحر العقرب"؟
بدأت السلسلة كرد فعل على الانتشار المتزايد لممارسات الطاقة والعلاج بالطاقة، والتي تم تجريمها رسمياً في بعض الدول العربية. كثير من مروجي هذه الأفكار كانوا في الأصل ممارسين سابقين، ثم تابوا بعد أن أدركوا خطورة هذه المسارات على الفرد والأسرة والمجتمع والدين.
هدف السلسلة ليس التشهير بالأشخاص أو الإساءة لهم، بل مناقشة الأفكار والمناهج نفسها، وتقديم الردود العلمية والشرعية عليها، مع التركيز على بناء الوعي النقدي لدى المتلقي.
منهجية الحوار: رأي مقابل رأي
تعتمد السلسلة على استعراض منشورات أو مقاطع فيديو من مدربي الطاقة والوعي، ثم مناقشتها مع فريق من الخبراء في العلوم الشرعية والنفسية، بالإضافة إلى ممارسين سابقين للطاقة. يتم تحليل كل فكرة أو شبهة، وبيان خطورتها، وتفنيدها بالأدلة الشرعية والعقلية والعلمية.
أبرز الشبهات والأفكار التي تم تناولها
1. فكرة "اختيار الروح للتجربة الأرضية"
منشورات عديدة تروج لفكرة أن الإنسان "اختار" أن ينزل إلى الأرض ليخوض تجربة بشرية، وأنه نسي قدراته الحقيقية، وأن وجوده في الحياة هو مجرد "لعبة" أو "مسرحية" اختارها بنفسه.
الرد:
- هذه الفكرة تناقض العقيدة الإسلامية التي تؤكد أن الله هو الخالق، وأن الإنسان عبد مخلوق، لم يختر أصله ولا عائلته ولا شكله ولا قدره.
- وصف الحياة بأنها "لعبة" أو "تجربة" يفرغها من معناها الحقيقي كابتلاء وامتحان وعبادة لله.
- الترويج لفكرة أن الإنسان "إله صغير" أو "خليفة بمعنى الربوبية" هو انحراف خطير يدخل في عقائد وحدة الوجود والحلول، وينفي التوحيد الخالص لله عز وجل.
2. "شفاؤك بيدك" و"قانون الجذب"
انتشرت منشورات تزعم أن الشفاء من الأمراض أو تحقيق الأهداف هو بيد الإنسان فقط، وأن الكون يستجيب لذبذبات طاقته وأفكاره، وأن كل ما يحتاجه الإنسان موجود "في داخله".
الرد:
- هذه الأفكار تستبدل التوكل على الله والإيمان بالقدر، بمفاهيم باطنية وفلسفات شرقية دخيلة.
- في الإسلام، الشفاء بيد الله، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. أما القول بأن الإنسان هو مصدر الشفاء المطلق، فهو إنكار للقدرة الإلهية.
- "قانون الجذب" في جوهره يقوم على تاليه الذات، ويشبه السحر، ويخالف العقيدة الإسلامية التي تجعل الدعاء والتوكل والرضا بالقضاء والقدر أساساً في حياة المسلم.
3. "الحج والعبادات مشاعر فقط"
من أخطر ما رُوِّج له، أن الحج والعمرة مجرد "شعور" يمكن تكراره في أي مكان، وأن الذهاب إلى مكة ليس ضرورياً، بل يكفي أن "تعيش المشاعر" في بيتك أو حتى على سريرك!
الرد:
- هذا القول باطل ومخالف لنصوص القرآن والسنة وإجماع الأمة، فالحج شعيرة بدنية ومالية وزمانية ومكانية، لا تصح إلا بأداء المناسك في الأماكن المحددة.
- ضرب العبادات بعضها ببعض (كأن يقال: خدمة الأم تساوي الحج) هو من تلبيس إبليس، ووسيلة لإسقاط الفرائض.
- الاستشهاد بروايات ضعيفة أو مكذوبة لتبرير هذا الفكر، هو تحريف للدين وعبث بالعقيدة.
4. "علاقتك مع والديك وأهلك من اختيارك"
تروج بعض مدارس الطاقة لفكرة أن علاقتك السيئة مع والدك أو والدتك أو إخوتك أو زوجك هي من "اختيارك" أنت، وأنك وحدك تقرر التحرر منها، وأن كل ذلك بسبب "كارما" من حيوات سابقة!
الرد:
- هذا الفكر يضرب صميم الأسرة، ويشجع على العقوق وقطع الأرحام، ويخلق جواً من العداء والتمرد داخل العائلة.
- في الإسلام، بر الوالدين وصلة الرحم عبادة عظيمة، حتى لو كان الوالدان غير مسلمين أو قاسيين، فالله يأمر بالإحسان إليهما.
- فكرة الكارما وتناسخ الأرواح عقيدة باطلة دخيلة من الديانات الشرقية، لا أصل لها في الإسلام.
كيف يتم الترويج لهذه الأفكار؟
- البرمجة العقلية: تكرار العبارات والشعارات حتى تترسخ في اللاوعي، خاصة عند الشباب والمراهقين.
- الاستشهاد بعلوم زائفة: مثل ربط الأفكار بنظريات فيزيائية أو فلسفية (نظرية الكم، النسبية، إلخ) لإضفاء هالة من العلمية.
- التحريف اللغوي: استخدام مصطلحات براقة مثل "الوعي"، "التحرر"، "الطاقة الإيجابية"، "الكون بداخلك"، لإخفاء المعاني الحقيقية.
- الاستشهاد بروايات ضعيفة أو مكذوبة: لإقناع المتلقي بشرعية الأفكار.
- تقديم أنفسهم كبديل عن العلماء والأطباء: بزعم أن الحلول كلها في الداخل أو في الدورات التدريبية.
الآثار السلبية لهذه المدارس
- ضياع العقيدة الصحيحة: التشكيك في أركان الإيمان وأصول الدين.
- تفكك الأسرة والمجتمع: تشجيع الأبناء على عقوق الوالدين وقطع الأرحام.
- العزلة والانفصال عن الواقع: العيش في خيالات وأوهام "التحرر" و"الاستنارة".
- الانحراف الأخلاقي: تبرير العلاقات المحرمة وتفكيك القيم.
- الإضرار بالصحة النفسية والجسدية: الاعتماد على الشعوذة وترك العلاج العلمي الصحيح، كما حدث مع شخصيات عالمية مثل ستيف جوبز وغيره.
كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- تعزيز الوعي الديني والعلمي: فهم العقيدة الصحيحة، والتمييز بين الحق والباطل.
- الرجوع للعلماء الثقات والأطباء المختصين: في كل ما يتعلق بالصحة النفسية والجسدية.
- عدم الانسياق وراء العبارات الرنانة: وفحص كل فكرة أو ممارسة قبل قبولها.
- التحذير من الدورات المشبوهة: وعدم الانخداع بالمظاهر أو الشهرة أو عدد المتابعين.
- المناقشة الهادئة مع الأبناء: وبيان خطورة هذه الأفكار على الدين والدنيا.
رسالة أخيرة
إن ما تروج له بعض مدارس الطاقة والوعي ليس مجرد تطوير ذات أو تحسين حياة، بل هو مشروع لهدم العقيدة والأخلاق والأسرة والمجتمع. علينا جميعاً أن نتحمل مسؤوليتنا في التوعية، ونقف صفاً واحداً في وجه هذا التيار الخطير، مستعينين بالله، ومتمسكين بالقرآن والسنة، وبالعقل السليم.
نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا، وأن يثبتنا على الحق، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم.
شارك المقال مع من تحب، وكن سبباً في إنقاذ عقل وقلب من هذه الشبهات.
ملاحظة: إذا كان لديك تجربة أو سؤال حول هذه المواضيع، لا تتردد في التواصل مع المختصين أو الجهات الرسمية المعنية.
https://www.youtube.com/watch?v=VwTqLCduqMw