سلسلة جحر العقرب: كشف شبهات مدارس الطاقة والوعي وتحصين العقول
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في الحلقة الثانية من سلسلة "جحر العقرب"، التي تهدف إلى كشف وتفن
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في الحلقة الثانية من سلسلة "جحر العقرب"، التي تهدف إلى كشف وتفنيد الشبهات والأفكار المغلوطة المنتشرة في حسابات مدربي الطاقة والوعي، وتوعية الأفراد والمجتمعات بخطورة هذه الممارسات التي لم ولن يقرها دين أو علم أو عقل.
لماذا هذه السلسلة؟
في ظل انتشار ما يُسمى بمدارس الطاقة والوعي والتأملات، ومع وجود فتاوى رسمية وقرارات تمنع وتجّرم هذه الممارسات في كثير من البلدان، أصبح من الضروري توعية الناس بخطورة هذه الأفكار، خاصة أن كثيراً من المدربين والممارسين السابقين للطاقة كانوا يجهلون حقيقة ما يروجون له، بل ويقعون في تكرار الشبهات دون وعي أو إدراك.
كيف تعمل سلسلة "جحر العقرب"؟
تعتمد السلسلة على عرض ما ينشره مدربو الطاقة والوعي من مقاطع ومنشورات، ثم مناقشتها مع مختصين في العلم الشرعي وممارسين سابقين للطاقة، لتوضيح الأخطاء والشبهات، والرد عليها بالأدلة الشرعية والعلمية والمنطقية. هدفنا ليس التشهير بالأشخاص أو التجريح، بل بناء معرفة حقيقية قائمة على الحجة والدليل من الكتاب والسنة والعلم الصحيح.
مصادر المعرفة الحقيقية
في بداية كل حلقة، نؤكد أن مصادر المعرفة للإنسان ثلاثة:
- الحس: ما يدركه الإنسان بحواسه من سمع وبصر ولمس.
- العقل: ما يستنتجه الإنسان من خلال التفكير والربط بين الأحداث.
- الخبر الصادق: وهو ما يأتي عن طريق الوحي أو الأخبار الموثوقة، خصوصاً في الأمور الغيبية كعالم الروح والبرزخ.
أما ما يروج له مدربو الطاقة من أن الوعي أو "الوعي الطاقي" مصدر للمعرفة، فهو مجرد تخيلات وتواصلات مع الجن أو غيره، ولا يُعتد به في بناء العقيدة أو المعرفة.
الرد على شبهات الروح والبرزخ
من الشبهات المنتشرة، ادعاء بعض المدربات تحضير الأرواح أو معرفة أسرار البرزخ أو الحياة السابقة. والحقيقة أن علم الروح وعالم البرزخ من الغيب الذي اختص الله به نفسه، ولم يطلع عليه أحد من خلقه. وما يقال عن تناسخ الأرواح أو معرفة الحياة السابقة هو من عقائد البوذية والهندوسية والديانات الوثنية، ولا أصل له في الإسلام.
وقد وضّحت الأحاديث الصحيحة أن الروح لها وجود حقيقي، وأنها تُقبض وتُصعد وتعود إلى الجسد في القبر، لكن حقيقتها وكيفيتها لا يعلمها إلا الله، ولا يمكن معرفتها بالحس أو بالعقل، بل فقط بالخبر الصادق من القرآن والسنة.
خطورة التشكيك في الثوابت الدينية
من أخطر ما يروج له مدربو الطاقة والوعي، التشكيك في الثوابت الدينية والموروث الشرعي، مثل:
- التشكيك في استجابة الدعاء، وطرح أسئلة تشكك في وجود الله أو في عدله، أو الادعاء بأن هناك "إله حقيقي" غير الذي يعبده المسلمون.
- الدعوة لترك دين الآباء والأجداد، بحجة "تحرير العقل" والبحث عن الحقيقة، مع استشهادهم المضلل بقصص الأنبياء مثل قصة إبراهيم عليه السلام.
- الادعاء بأن التراث الديني قد "تم مسحه" وأن ما وصلنا هو جزء ضئيل من الدين الحقيقي، في محاولة لإسقاط الثقة في السنة النبوية وأقوال العلماء.
كل هذه الأساليب تهدف لزرع بذور الشك في النفوس، ودفع الناس للبحث عن "بدائل" روحية أو فلسفية، غالباً ما تقود إلى الانحراف عن العقيدة الصحيحة.
البرمجة الذهنية وخطورة الرسائل الخفية
تعتمد كثير من منشورات مدربي الطاقة على ما يُعرف بـ"البرمجة الذهنية" أو الرسائل الخفية (Subliminal)، حيث يتم تكرار الأسئلة التشكيكية، وطرح بدائل وهمية، وإثارة الشكوك حول المعتقدات الدينية، حتى يعتاد المتلقي على هذه الأفكار ويبدأ في تقبلها دون وعي.
مثال ذلك: منشورات تسأل "هل أنتم تدعون الله الحقيقي؟ لماذا لم يستجب لكم هذا الإله؟"، ثم يتم ربط الدعاء بالشيطان أو الأصنام، في خلط متعمد بين مفاهيم العبادة الصحيحة والشرك.
الرد الشرعي والعلمي
الرد على هذه الشبهات يكون كالتالي:
- الدعاء: الله سبحانه وتعالى وعد باستجابة الدعاء، لكن الاستجابة قد تكون بإعطاء ما طلب العبد، أو دفع سوء عنه، أو ادخارها له في الآخرة. وليس من حق أحد أن يحدد كيف ومتى يستجيب الله، فذلك من علم الغيب.
- التمسك بالموروث الشرعي: ما وصلنا من القرآن والسنة محفوظ بحفظ الله، ومنهج العلماء في نقل الأحاديث وتوثيقها هو من أدق المناهج العلمية في التاريخ.
- الروح والبرزخ: لا يجوز لأحد أن يدعي معرفة أسرار الروح أو البرزخ أو الحياة السابقة، فذلك من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وأي ادعاء في هذا الباب هو افتراء على الله وكذب على الناس.
خطورة ربط الصحة النفسية والجسدية بالطاقة
من الممارسات المنتشرة أيضاً، ربط الأمراض الجسدية أو النفسية بمفاهيم الشاكرات والطاقة، مثل الادعاء بأن ارتداء الملابس الضيقة يؤثر على "شاكرة الجذر" ويسبب أمراض الكلى أو الرحم! أو أن المشاعر السلبية هي سبب كل الأمراض.
هذه الادعاءات لا تستند لأي دليل علمي، بل هي خرافات مستوردة من الديانات الشرقية، وتهدف لجذب الناس إلى دورات الطاقة والعلاج الزائف.
وهم توأم الشعلة والعلاقات الروحية
انتشرت أيضاً مفاهيم مثل "توأم الشعلة" و"توأم الروح"، والتي تدعي وجود علاقة قدرية بين شخصين، وأن الفراق بينهما يؤدي إلى الموت أو الكآبة، وأن الغاية من هذه العلاقة "محاربة الشياطين" أو "إنارة الأرض"! هذه المفاهيم لا أصل لها في الإسلام، بل هي مستوردة من الفلسفات الوثنية، وتفتح الباب للفجور والانحراف عن العلاقات الشرعية.
وهم القوانين الكونية والكون المحايد
يروج بعض مدربي الطاقة لفكرة أن "الكون هو الرازق"، وأن هناك "قوانين كونية" إذا طبقتها حصلت على المال والسعادة بغض النظر عن الأخلاق أو الدين، وأن الكون "محايد" بين الخير والشر. هذا الفكر مخالف للعقيدة الإسلامية التي تقر بأن الله وحده هو الرازق، وأن توزيع الأرزاق والحظوظ بيده سبحانه، وأن العمل بالأسباب لا ينافي التوكل على الله.
كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- التمسك بالقرآن والسنة: اجعل القرآن والسنة هما الفلتر لأي فكرة أو ممارسة جديدة.
- البحث عن الدليل: لا تقبل أي ادعاء أو معلومة دون طلب الدليل الشرعي أو العلمي.
- عدم التساهل مع الشبهات: ناقش الأفكار مع أهل العلم، ولا تتلقاها دون تمحيص.
- التوعية المستمرة: تابع البثوث والبرامج التوعوية، وشارك في نشر المعرفة بين أهلك وأصدقائك.
- الرضا بقضاء الله: اعلم أن الرزق والصحة والسعادة بيد الله وحده، وأن السعي بالأسباب لا يعني التحكم في النتائج.
كلمة أخيرة
إن ما يروج له مدربو الطاقة والوعي من أفكار وممارسات هو في جوهره محاولة لهدم الثوابت الدينية، وزعزعة العقيدة، واستبدالها بفلسفات دخيلة لا أصل لها في الدين أو العلم. واجبنا جميعاً أن نحصن أنفسنا وأبناءنا بالعلم الصحيح، وأن نكون يقظين لأي محاولة لزرع الشك أو الانحراف في عقولنا.
نسأل الله أن يثبتنا على الحق، ويحفظ أبناءنا ومجتمعاتنا من كل شر، وأن يجعل هذا الجهد خالصاً لوجهه الكريم.
سلسلة جحر العقرب مستمرة في كشف الشبهات وتحصين العقول. تابعونا دائماً للمزيد من الردود العلمية والشرعية على أخطر ما يُنشر في مدارس الطاقة والوعي.
https://www.youtube.com/watch?v=40uGcSPqC0w