🔵 سلسلة قراءات البتار ( الجزء الأول )
**من قناة سحر اليوغا والطاقة – إعداد: وهج (ماستر طاقة متقاعدة) وضيفها أبو محمد* في ظل الانتشار الكبير لمفاهيم الطاقة والتنمية البشرية والفلسفات الشرق
سلسلة قراءات البتار (الجزء الأول): كشف جذور حركة العصر الجديد وخطرها على العقيدة
**من قناة سحر اليوغا والطاقة – إعداد: وهج (ماستر طاقة متقاعدة) وضيفها أبو محمد*
مقدمة: العودة إلى العقيدة في مواجهة الفلسفات الزائفة
في ظل الانتشار الكبير لمفاهيم الطاقة والتنمية البشرية والفلسفات الشرقية في العالم العربي، أصبح من الضروري تسليط الضوء على جذور هذه الأفكار، ومدى توافقها أو تعارضها مع العقيدة الإسلامية. في سلسلة "قراءات البتار"، نناقش كتباً متخصصة في الدراسات العقدية، ونكشف حقيقة حركة العصر الجديد وفلسفاتها، مستندين إلى مؤلفات د. فوز كردي ود. هيفاء الرشيد وغيرهما من الباحثين.
تجربتي مع علوم الطاقة: من الانبهار إلى التوبة
تروي وهج، مقدمة البرنامج، تجربتها الشخصية مع علوم الطاقة والتنمية البشرية، حيث انبهرت في البداية بالمصطلحات البراقة مثل "الامتنان"، "الإيجابية"، "جذب شريك الحياة"، "عيش الوفرة"، "الشاكرات"، وغيرها. ومع الوقت، بدأت تلاحظ أن هذه المفاهيم ليست مجرد تطوير ذاتي، بل تحمل في طياتها جذوراً دينية وفلسفية دخيلة على الإسلام.
تقول وهج: "لو كنت أعلم حقيقة هذه العلوم منذ البداية، لما أضعت سنوات من عمري في ممارستها. للأسف، كثير من الناس يدخلون هذه الدورات بحسن نية، ويظنون أنها قريبة من علم النفس أو حتى من تعاليم الإسلام، دون بحث عن أصولها وجذورها".
كيف انتشرت هذه الفلسفات في مجتمعاتنا؟
توضح وهج أن حركة العصر الجديد وفلسفات الطاقة دخلت إلى المجتمعات العربية والإسلامية عبر موجة من الدورات والتطبيقات مثل الريكي، البرانا، فيتا، أكسس بارز وغيرها. في البداية، تبدو الدورات بريئة، لكن مع التعمق يظهر أنها مبنية على عقائد وديانات شرقية كالهندوسية والبوذية، وأفكار باطنية وغنوصية.
تقول: "كثير من الناس يكتشفون الخلل بعد عدة دورات، بينما يستمر البعض في التعمق حتى تتجذر هذه المعتقدات في عقولهم. تبدأ المصطلحات بالتسلل تدريجياً، حتى يجد الشخص نفسه يؤمن بأفكار غريبة عن دينه دون أن يشعر".
ما هي الباطنية والغنوصية؟
الباطنية
الباطنية لغةً تعني معرفة بواطن الأمور، واصطلاحاً هي اعتقاد بأن للنصوص الدينية معاني خفية لا تظهر إلا لخواص الناس. أصحاب الباطنية يزعمون امتلاك أسرار لا يبوحون بها إلا لمن يثقون به. ومن أمثلة العلوم الباطنية: الجفر، الحروف، السحر، التنجيم، العرافة، والقبالة (تفسير التوراة السري بالأرقام والحروف).
التأويل الباطني
هو إخراج النصوص الدينية عن معانيها الظاهرة، والادعاء بوجود معانٍ خفية لا يدركها إلا "الخاصة". هذا التأويل هو أحد أخطر أبواب الجهل والبدع، إذ يفتح المجال لتفسيرات وثنية ودخيلة على الإسلام.
الغنوصية
الغنوصية كلمة يونانية تعني "المعرفة" أو "العرفان"، وهي اعتقاد بإمكانية الوصول إلى المعرفة العليا أو "الإشراق" دون استدلال أو نظر، بل عن طريق الحدس والكشف الروحاني المباشر. أصحاب الغنوصية يدّعون امتلاك كرامات أو قدرات خاصة دون وساطة من الملائكة أو الجن، ويعتمدون على تجارب شخصية باطنية.
الجذور التاريخية لحركة العصر الجديد
ترجع جذور حركة العصر الجديد إلى الفلسفات الباطنية القديمة، والتي تسربت إلى الديانات السماوية عبر الترجمات المضللة للفلسفة اليونانية والشرقية. نلاحظ اليوم وجود أفكار باطنية في اليهودية (القبالة)، والمسيحية (الغنوصية)، وبعض الفرق في الإسلام (غلاة الصوفية).
مع دخول الفلسفات الشرقية إلى الغرب في القرن التاسع عشر، ظهرت حركات مثل الثيوصوفيا على يد هيلينا بلافاتسكي، التي نقلت الفلسفات البوذية والهندوسية إلى الغرب كما هي، دون تحريف. أما في العالم العربي، فقد دخلت هذه الأفكار متخفية في دورات التنمية البشرية والطاقة، وغُلفت بمصطلحات براقة.
الحركات الفلسفية المؤسسة للعصر الجديد
- الفلسفة المتعالية: أول حركة فكرية في أمريكا الشمالية تتأثر بالديانات الشرقية، وتؤمن بوحدة الوجود، والمعرفة الحدسية، وقدرات الإنسان الكامنة.
- حركة الفكر الجديد: ظهرت في القرن التاسع عشر، وركزت على العلاج الروحي الجماعي، التنويم المغناطيسي، وفكرة الطاقة الحيوية التي تشفي وتحقق السعادة.
- حركة الأرواحية (سبيرتشوالزم): أسسها السويدي إيمانويل سويدنبرج، وادعت إمكانية التواصل مع الأرواح وتفسير الغيبيات عبر التأمل والعرفان الباطني.
- جمعية الثيوصوفيا: أسستها هيلينا بلافاتسكي في نيويورك، وهدفت إلى اكتشاف القوانين الكونية، وتوحيد الأديان، والدعوة إلى "الأخوة الكونية".
المبادئ والعقائد الأساسية لحركة العصر الجديد
تلخص د. فوز كردي في كتابها "حركة العصر الجديد" أهم المبادئ التي تتبناها هذه الحركة، وهي:
- وحدة الوجود: الاعتقاد بأن كل شيء هو الإله، وأن الإله هو كل شيء. لا يوجد خالق منفصل عن المخلوقات، بل كل الوجود تجلٍ للإله.
- تأليه الإنسان: الإنسان هو الإله أو جزء منه، ويمكنه الوصول إلى الكمال أو الاستنارة من خلال مجاهدات وتقنيات معينة.
- تناسخ الأرواح (الكارما): الروح تنتقل بعد الموت إلى جسد آخر، ويُحدد مصيرها حسب أعمالها في الحياة السابقة. هذا الاعتقاد يتعارض مع أركان الإيمان في الإسلام.
- وحدة الأديان: جميع الأديان في جوهرها واحدة، والاختلافات بينها شكلية فقط. الهدف هو توحيد البشرية في دين واحد "كوني".
خطورة هذه المبادئ
هذه العقائد تهدم أركان الإيمان الإسلامي، وتؤدي إلى التشكيك في وجود الله، واليوم الآخر، والرسل، والملائكة، والقدر. كما تروج لفكرة أن الإنسان مسؤول عن قدره بالكامل، ويستطيع "خلق واقعه" بنفسه، متجاهلين الإيمان بالقضاء والقدر.
أثر حركة العصر الجديد على الشباب والمجتمع
توضح وهج أن كثيراً من الشباب والفتيات يدخلون دورات الطاقة والتنمية البشرية بحثاً عن حلول لمشاكلهم النفسية أو لتحقيق أهدافهم، دون إدراك أن هذه الدورات تحمل في طياتها أفكاراً باطنية وغنوصية تهدم العقيدة من الداخل. تبدأ المصطلحات بالتسلل تدريجياً، حتى تضعف العقيدة الإسلامية، ويبدأ الشخص في الإيمان بتناسخ الأرواح، وحدة الوجود، وتغيير أسماء الله وصفاته إلى "الكون" أو "المطلق".
تقول: "للأسف، نرى اليوم مسلمين يتحدثون عن الكارما، والحيوات السابقة، وقراءات التاروت، وكأنها أمور عادية، دون إدراك أنها تتعارض مع أصول الدين".
خاتمة: كيف نحصن أنفسنا ومجتمعنا؟
تدعو وهج وأبو محمد إلى ضرورة العودة إلى فهم السلف الصالح للنصوص الشرعية، وعدم الانسياق وراء التأويلات الباطنية أو الفلسفات الدخيلة. يجب توعية الشباب بخطورة هذه الحركات، وضرورة التمسك بالعقيدة الصحيحة، وعدم الانبهار بالمصطلحات البراقة أو الدورات التي تروج لأفكار مخالفة للإسلام.
وتختم وهج: "أسأل الله أن يتقبل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله كفارة لنا عن كل ما قدمناه، ويجعله شاهداً لنا لا علينا يوم الحساب".
مصادر ومراجع
- كتاب "حركة العصر الجديد" للدكتورة فوز بنت عبداللطيف كردي
- مشاركات د. هيفاء الرشيد في الدراسات العقدية
- تجارب واقعية من مقدمتي البرنامج
تنبيه: هذه السلسلة مستمرة، وسيتم في الحلقات القادمة مناقشة المزيد من تفاصيل حركة العصر الجديد وكيفية التصدي لها من منظور إسلامي.
**انشر الوعي، وشارك المقال مع من تحب.*