سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع" لفاديم زيلاند: نقد علمي وعقدي لمفاهيم العصر الجديد
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي والإسلامي كتب ومفاهيم تتعلق بالوعي والطاقة وتطوير الذات، من أبرزها سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع" للكاتب الر
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي والإسلامي كتب ومفاهيم تتعلق بالوعي والطاقة وتطوير الذات، من أبرزها سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع" للكاتب الروسي فاديم زيلاند. هذه السلسلة، التي تضم كتبًا مثل "فضاء الاحتمالات"، "حفيف نجوم الصباح"، "إلى الأمام نحو الماضي"، و"إدارة الواقع والتحكم فيه"، أثارت جدلاً واسعًا بين القراء والمهتمين بالتنمية البشرية، خاصة لما تتضمنه من أفكار فلسفية وروحانية تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
في هذا المقال، نستعرض أبرز ما جاء في لقاء علمي مع فضيلة الدكتور أيمن العنقري، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والذي تناول فيه بالنقد والتحليل هذه السلسلة، موضحًا مصادرها الفكرية ومخالفاتها العقدية، وقدم نصائح مهمة للقراء والمهتمين بهذا المجال.
من هو فاديم زيلاند وما هي سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع"؟
فاديم زيلاند هو كاتب روسي ملحد ذو توجهات روحانية غامضة، لا يكشف عن تفاصيل حياته الشخصية ولا يظهر في المناسبات العامة. بدأ بنشر كتبه منذ عام 2004، وادعى أنه تلقى معرفته من "الحكمة القديمة" عبر وسيط روحي، وليس من اجتهاده الشخصي. هذه المعرفة، بحسب زيلاند، مستمدة من الفلسفات الهندية القديمة، السحر، والباطنية الحديثة، بالإضافة إلى أفكار مستوحاة من حركات العصر الجديد.
سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع" تروج لفكرة وجود "فضاء الاحتمالات"، وهو فضاء طاقي يحتوي على جميع السيناريوهات الممكنة للأحداث، ويزعم زيلاند أن الإنسان يمكنه، عبر قوة النية والوعي، أن يختار السيناريو الذي يريده ويصنع قدره بنفسه.
أبرز المفاهيم في سلسلة زيلاند
1. فضاء الاحتمالات
يطرح زيلاند مفهوم "فضاء الاحتمالات" كبديل عن مفهوم القدر في العقيدة الإسلامية. يرى أن كل ما يمكن أن يحدث في حياة الإنسان موجود في هذا الفضاء، وأن الإنسان قادر على اختيار ما يشاء عبر قوة أفكاره ونيته، وليس عبر التسليم لمشيئة الله.
2. النية الخارجية
يعتبر زيلاند أن "النية الخارجية" هي قوة خارقة تشبه الإله، تمنح الإنسان القدرة على تغيير مستقبله والتحكم في مصيره. ويزعم أن الإنسان باتحاده مع هذه النية يصبح قادراً على تحقيق المستحيل وصنع واقعه بنفسه.
3. وحدة الوجود وتقديس الذات
من أخطر ما في فلسفة زيلاند، اعتقاده بوحدة الوجود، أي أن الإنسان جزء من الإله، وأن نية الإنسان هي نية الرب نفسه! وهذا انحراف عقدي خطير يتعارض مع التوحيد الخالص في الإسلام.
4. القدر التفاعلي
يروج زيلاند ومعه بعض المدربين العرب لفكرة أن الإنسان يمكنه تغيير قدره عبر قوة النية وبرمجة العقل اللاواعي، وأن القدر ليس مكتوبًا عند الله، بل هو مجرد احتمالات عشوائية يختار منها الإنسان ما يشاء.
5. البندولات
يستخدم زيلاند مفهوم "البندولات" للإشارة إلى التيارات الفكرية أو الجماعية التي تسيطر على وعي الإنسان وتبعده عن تحقيق ذاته. ويقترح طرقًا "لإخماد البندولات" عبر تجاهلها أو السخرية منها أو التصعيد ضدها.
6. تناسخ الأرواح
يدعو زيلاند إلى عقيدة تناسخ الأرواح، أي أن الروح تنتقل بعد الموت من جسد إلى آخر، وينكر بذلك البعث والحساب والجنة والنار، وهو ما يتعارض مع أصول الإيمان الإسلامي.
7. التعلق بالأشياء وطلب العون من الأرواح
من التطبيقات الخطيرة في كتبه، دعوته للجوء إلى "الأشياء" و"الأرواح" و"الملاك الحارس" لتحقيق الأمنيات، وهي دعوة صريحة للشرك بالله والتعلق بغيره.
8. رفض الشعور بالذنب
يحذر زيلاند من الشعور بالذنب ويعتبره عائقًا أمام تحقيق الذات، بينما في الإسلام، الندم والشعور بالذنب هما دافعان للتوبة والرجوع إلى الله.
نقد علمي وعقدي لمفاهيم زيلاند
- إنكار القدر الإلهي:
يرفض زيلاند أن يكون الله هو الذي كتب مقادير الخلائق، ويزعم أن الإنسان يصنع قدره بنفسه، وهذا يتعارض مع الركن السادس من أركان الإيمان في الإسلام.
- الشرك في الربوبية:
من خلال اعتقاده أن الإنسان جزء من الإله أو أنه يخلق مع الله، يقع زيلاند في شرك الربوبية، وهو من أعظم الذنوب في الإسلام.
- الاعتماد على مصادر معرفية باطلة:
يعتمد زيلاند على الإلهام، الحدس، التواصل مع الأرواح والشياطين، وكلها مصادر لا يعتد بها في الإسلام، بل تعد من أبواب السحر والشعوذة.
- الدعوة لوحدة الأديان ونسبية الحقيقة:
يدعو زيلاند إلى قبول جميع الأديان والمذاهب، ويرفض الحكم على أي منها بالخطأ أو الصواب، في حين أن الإسلام يؤكد أن "الدين عند الله الإسلام".
- التمرد على العقائد التقليدية:
يرى زيلاند أن العقائد الدينية التقليدية (ومنها الإسلام) عائق أمام "إدارة الواقع"، ويدعو إلى تحطيمها للوصول إلى "الاستنارة".
- تدمير مقام العبودية لله:
يسعى زيلاند إلى تضخيم الذات الإنسانية وفصل الإنسان عن التعلق بالله، ويروج لفكرة أن الإنسان لا يحتاج إلى الدعاء أو التضرع لله، بل يكفيه الاعتماد على نفسه وطاقته.
نصائح للقراء والمهتمين
- احرص على دراسة العقيدة الصحيحة:
فهم أركان الإيمان، خاصة الإيمان بالقدر، يحصنك من الانحرافات الفكرية. ينصح بقراءة كتب العقيدة الموثوقة مثل "رسالة القضاء والقدر" للشيخ ابن عثيمين.
- استشر المتخصصين قبل قراءة أي كتاب:
لا تنساق وراء الترشيحات أو الموضات، بل اسأل أهل العلم عن الكتب التي تنوي قراءتها، خاصة في مجالات التنمية البشرية والطاقة والوعي.
- ابتعد عن مصادر الشبهات:
لا تستمع لأهل البدع أو الضلال، ولا تتعرض لمصادر التشويش الفكري، فالعقل يتأثر بما يسمع ويقرأ.
- العودة إلى القرآن والسنة:
اجعل لك وردًا يوميًا من القرآن، وأكثر من الدعاء، واطلب من الله الثبات على الحق.
- التربية العقدية للأبناء:
على الآباء والأمهات الاهتمام بتعليم أبنائهم العقيدة الصحيحة منذ الصغر، وفتح الحوار معهم حول الشبهات التي قد تواجههم في عصر السوشيال ميديا.
كلمة أخيرة
سلسلة "ترانس سيرفينج الواقع" لفاديم زيلاند ليست مجرد كتب تطوير ذات أو وعي، بل تحمل في طياتها أفكارًا فلسفية وروحانية خطيرة تهدم أصول العقيدة الإسلامية، خاصة في باب القضاء والقدر وتوحيد الله. لذا وجب التحذير منها، والتنبيه على خطورتها، والدعوة إلى العودة إلى مصادر المعرفة الصحيحة: القرآن والسنة بفهم السلف الصالح.
نسأل الله أن يثبتنا على التوحيد، وأن يحمينا وأبناءنا من كل فكر منحرف، وأن يجعلنا من أهل العلم والبصيرة.
للمزيد من التوعية حول شبهات كتب الوعي والطاقة، يمكنكم متابعة قناة الدكتور أيمن العنقري على التليجرام، حيث يقدم مواد علمية وعقدية موثوقة.
بقلم: فريق التحرير العلمي
https://www.youtube.com/watch?v=PII7ObdytX8