🔵 ( أستضافونا ) لم يتحملوا كلام الله والتأصيل العلمي والفني للطاقة فقلبوها شتم وقذف
في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية العديد من المفاهيم والممارسات المتعلقة بما يُسمى "مدارس الطاقة" و"التنمية البشرية". وقد أثا
حقيقة مدارس الطاقة والتنمية البشرية: رؤية نقدية من منظور إسلامي
في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية العديد من المفاهيم والممارسات المتعلقة بما يُسمى "مدارس الطاقة" و"التنمية البشرية". وقد أثارت هذه الموجة الكثير من الجدل، خاصة مع محاولات البعض لإضفاء طابع ديني أو علمي على هذه الممارسات. في هذا المقال، نستعرض أصل هذه المدارس، ونحللها من منظور علمي وشرعي، ونوضح المخاطر الكامنة فيها على العقيدة والمجتمع.
مدارس الطاقة: الجذور الفلسفية والدينية
يرجع أصل معظم مدارس الطاقة المنتشرة اليوم إلى فلسفات وعقائد شرقية قديمة، أبرزها الهندوسية والبوذية والطاوية. من الرموز المحورية في هذه الفلسفات زهرة اللوتس، التي ارتبطت بفكرة التناسخ والكارما والاستنارة الكاملة. تؤمن هذه المدارس بأن الكون مخلوق من إله يُسمى "براهما"، وأن هناك طاقة كونية تنتقل عبر حلقات أثيرية، وتؤثر في حياة البشر ومصيرهم.
تطورت هذه الأفكار مع مرور الزمن، وخرجت منها البوذية، ثم انتقلت إلى الصين واليابان، حيث ظهرت مدارس جديدة للطاقة مثل "الفينج شوي" و"التشي كونج". وفي القرن التاسع عشر، انتشرت هذه المدارس غربًا، وتمت إعادة صياغتها لتناسب المجتمعات الغربية، ثم عادت لتنتشر في العالم العربي والإسلامي تحت مسميات جديدة.
التنمية البشرية: بين العلم والوهم
مع موجة العصر الجديد، ظهرت مدارس التنمية البشرية التي تدعي أنها تساعد الإنسان على تطوير ذاته وتحقيق النجاح والسعادة. إلا أن هذه المدارس، في الغالب، لا تستند إلى علوم تطبيقية أو اجتماعية راسخة، بل تعتمد على قواعد عامة وتحفيزات نفسية مؤقتة، وتروج لفلسفات شرقية دخيلة مثل الريكي، والثيتا، والبرمجة اللغوية العصبية، واستراتيجيات العقل والهندسة النفسية.
من أخطر ما في هذه المدارس أنها تعمل على نسخ الموروث القيمي والديني للمجتمعات، وتزرع مفاهيم جديدة مستمدة من عقائد غير إسلامية. كما أنها تروج لفكرة أن الإنسان هو محور الكون، وأنه يستطيع التحكم في مصيره عبر "قانون الجذب" أو "تفعيل الشاكرات"، متجاهلة بذلك الإيمان بالقضاء والقدر.
إضفاء الصبغة الإسلامية: "أسلمة" الطاقة والتنمية
عندما انتشرت هذه الأفكار في المجتمعات العربية، واجهت مقاومة من القيم والتقاليد الدينية والاجتماعية. فحاول مروجوها "أسلمة" هذه المفاهيم، بإدخال بعض المصطلحات الشرعية أو ربطها بآيات وأحاديث، أو الاستعانة بعلم النفس والاجتماع لإضفاء شرعية علمية عليها. إلا أن هذا التزييف أدى إلى خلط الحق بالباطل، ودس السم في العسل، ما جعل الكثير من المسلمين يقعون في شركيات وممارسات محرمة دون علم.
الشهادات الوهمية والخداع التجاري
من الظواهر الملفتة في هذا المجال انتشار الشهادات الوهمية مثل "لايف كوتش" أو "خبير طاقة"، والتي تُمنح مقابل مبالغ مالية زهيدة من منظمات غير معترف بها علميًا. ويقوم بعض الحاصلين على هذه الشهادات بتقديم أنفسهم كمعالجين أو مستشارين أسريين أو خبراء تنمية بشرية، ويستغلون حاجة الناس لتحقيق مكاسب مادية دون رقيب أو حسيب.
المخاطر الشرعية والعقدية
أجمع العلماء والمختصون الشرعيون على أن معظم ممارسات الطاقة والتنمية البشرية الحديثة مستمدة من عقائد وثنية، وتخالف أصول الإسلام في التوحيد والإيمان بالقضاء والقدر. فعلى سبيل المثال، قانون الجذب يدعو الإنسان إلى الاعتقاد بأن الكون قادر على تحقيق رغباته بمجرد ضبط ذبذباته، وهذا يتعارض مع العقيدة الإسلامية التي تؤكد أن النفع والضر بيد الله وحده.
كما أن محاولة ربط بعض الآيات أو الأحاديث بمفاهيم الطاقة هو خلط غير صحيح، لأن فهم النصوص الشرعية يجب أن يكون وفق فهم الصحابة والسلف الصالح، وليس وفق تأويلات عصرية أو فلسفات دخيلة.
الآثار المجتمعية والنفسية
أدى انتشار هذه المدارس إلى ظهور كوارث مجتمعية ودينية وأخلاقية، منها:
- زعزعة العقيدة: إدخال مفاهيم الشرك والطاقة الكونية في عقول الشباب.
- الخداع النفسي: ترويج قصص وهمية عن النجاح والتحفيز الكاذب.
- الاستغلال المالي: دفع الناس للالتحاق بدورات متتالية دون فائدة حقيقية.
- المشاكل الصحية: الاعتماد على علاجات غير علمية قد تضر بالصحة الجسدية والنفسية.
موقف الإسلام من هذه الممارسات
الإسلام دين كامل وشامل، لا يحتاج إلى استيراد عقائد أو فلسفات من أديان أخرى. قال الله تعالى:
"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا" (المائدة: 3).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع الأمم السابقة أو استيراد أفكارهم، وأكد على ضرورة الوقوف عند الدليل من القرآن والسنة بفهم الصحابة.
نصائح عملية للأسر والمجتمع
- التحقق من مصادر المعرفة: لا تأخذوا أي فكرة أو ممارسة إلا بعد التأكد من موافقتها للكتاب والسنة.
- مراقبة الأبناء: انتبهوا لما يتعلمه أبناؤكم في المدارس أو عبر الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بدورات الطاقة والتنمية البشرية.
- الوعي بالأساليب التسويقية: لا تنخدعوا بالشهادات الوهمية أو القصص المحفزة الكاذبة.
- الرجوع للعلماء الثقات: استشيروا أهل العلم في أي أمر يخص العقيدة أو العلاج النفسي.
خلاصة القول
مدارس الطاقة والتنمية البشرية الحديثة تحمل في طياتها مخاطر عظيمة على العقيدة والمجتمع، فهي ليست سوى إعادة إنتاج لعقائد وثنية وفلسفات دخيلة، تم تغليفها بعبارات علمية أو دينية لجذب الناس. الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحروا الحق، ويقفوا عند حدود الله، وألا ينجرفوا وراء كل جديد دون علم أو بصيرة.
نسأل الله أن يثبتنا على الحق، ويحفظ مجتمعاتنا من كل فتنة وضلال.