ستار يتخفى فيه مدربو الطاقة: كيف يتلاعبون بالمسميات ويخدعون الناس؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل ملحوظ حسابات ومدربين يدّعون تقديم خدمات في مجالات الطاقة، الوعي، تطوير الذات، الاستشارات الأسرية، والعلاقات. ومع زيادة الوعي المجتمعي بخطورة بعض هذه الممارسات، بدأ هؤلاء المدربون في تغيير مسمياتهم، محاولين التخفي خلف عناوين تبدو بريئة أو حتى علمية، بينما يواصلون تقديم نفس الأفكار والممارسات التي قد تكون ضارة أو حتى محرمة شرعًا.

في هذا المقال، نسلط الضوء على هذه الظاهرة، ونقدم نصائح عملية لحماية نفسك وأسرتك من الوقوع ضحية لهذه الحسابات.

كيف يغيّر مدربو الطاقة مسمياتهم؟

مع ازدياد الوعي بخطورة "مدربي الطاقة" وممارساتهم، أصبح المجتمع أكثر حذرًا في التعامل معهم. نتيجة لذلك، لجأ كثير منهم إلى تغيير المسميات التي يقدمون بها أنفسهم. فبدلًا من "مدرب طاقة"، أصبحنا نرى عناوين مثل:

• مدرب حياة (Life Coach)
• خبيرة علاقات أسرية
• مستشارة تطوير ذات
• خبيرة وعي
• مدربة أنوثة أو ذكورة
• معالج بالصدمات أو التشافي الشمولي

هذه المسميات غالبًا لا تشير بشكل مباشر إلى أي ممارسة للطاقة أو الشعوذة، لكنها في الواقع غطاء لنفس الأفكار والممارسات.

لماذا يغيرون مسمياتهم؟

هناك عدة أسباب تدفعهم لهذا التغيير:

• الهروب من وصمة العار:أصبح المجتمع ينظر إلى مدربي الطاقة بعين الريبة، خصوصًا بعد انكشاف الكثير من الممارسات غير الأخلاقية أو غير العلمية.
• التحايل على الأنظمة:بعض الدول بدأت تلاحق هؤلاء المدربين قانونيًا، فغيّروا مسمياتهم للتهرب من الرقابة أو البلاغات.
• جذب فئات جديدة:باستخدام مسميات براقة وجذابة، يستطيعون استقطاب أشخاص جدد لا يعرفون حقيقة هذه الممارسات.

كيف تتعرف عليهم رغم تغيير المسميات؟

حتى لو بدا الحساب نظيفًا ومسماه بريئًا، هناك علامات يمكن أن تساعدك على اكتشافهم:

• استخدام مصطلحات مثل "تشافي"، "تطوير الذات"، "الوعي"، "تمكين"، "جلسات مجانية".
• تقديم استشارات في كل شيء: العلاقات، الصدمات، الطفولة، الأنوثة، الذكورة، وحتى الصحة الجسدية!
• الادعاء بقدرتهم على حل مشاكل عميقة جدًا خلال جلسات محدودة أو عبر تقنيات غير معترف بها علميًا.
• أخطاء إملائية أو لغوية في الحسابات، مما يدل أحيانًا على قلة التأهيل العلمي.
• طلب دفع مبالغ مقابل "جلسات خاصة" أو "استشارات" بدون أي ترخيص أو مؤهل رسمي.

أمثلة واقعية من الحسابات

عند تصفح بعض هذه الحسابات، ستجد عبارات مثل:

• "مدربة أنوثة، أساعدك في التشافي من صدمات الطفولة"
• "استشارية علاقات أسرية، أقدم جلسات لجذب شريك الحياة"
• "مدربة حياة، خبيرة وعي، أساعدك على الاتصال بذاتك"

كل هذه العناوين قد تبدو بريئة، لكن عند التعمق أو سؤالهم عن التقنيات المستخدمة، تجد أنهم يمارسون نفس أساليب الطاقة أو حتى يتحدثون عن تقنيات مثل "ثيتا هيلينج" أو "أكسس بارز" وغيرها من الممارسات غير العلمية.

لماذا يجب الحذر؟

• خطر على الدين والعقيدة:كثير من هذه الممارسات مرتبطة بمعتقدات دخيلة أو حتى شركية، وقد تؤدي للابتعاد عن تعاليم الدين.
• خطر نفسي واجتماعي:الاعتماد على هذه الجلسات قد يؤدي إلى تدمير العلاقات الأسرية أو الوقوع في مشاكل نفسية أعمق.
• خطر مالي:استنزاف الأموال مقابل وعود كاذبة أو جلسات بلا فائدة حقيقية.
• انتهاك الخصوصية:مشاركة تفاصيل حياتك الخاصة مع أشخاص غير مؤهلين قد يعرضك للابتزاز أو الاستغلال.

نصائح عملية لحماية نفسك وأسرتك

• لا تثق بأي حساب أو شخص لمجرد المسمى:لا تغتر بالمسميات البراقة، وابحث دائمًا عن المؤهلات الرسمية والتراخيص.
• ارجع لأهل الاختصاص:إذا كنت تعاني من مشكلة نفسية أو أسرية، توجه إلى طبيب نفسي أو أخصائي سلوكي معرفي معتمد.
• تعلم البحث والتحقق:لا تأخذ كل ما يُقال في هذه الحسابات على أنه حقيقة، وابحث بنفسك في المصادر العلمية والشرعية.
• احذر من مشاركة تفاصيلك الشخصية:لا تشارك مشاكلك الخاصة مع أي شخص عبر الإنترنت بدون معرفة حقيقية به وبمؤهلاته.
• راقب أبناءك وبناتك:كثير من الضحايا من فئة الشباب والفتيات الباحثين عن حلول سريعة لمشاكلهم.
• تذكر أن الحلول الحقيقية تحتاج وقتًا وجهدًا:لا توجد حلول سحرية أو جلسات سريعة تغير حياتك بين ليلة وضحاها.

كلمة أخيرة

المجتمع بحاجة إلى وعي أكبر بمخاطر هذه الحسابات، وعدم الانسياق وراء كل جديد أو "ترند" على الإنترنت. الحلول الحقيقية للمشاكل النفسية والاجتماعية تأتي من أهل العلم والخبرة، وليس من مدربين بلا تأهيل أو ترخيص.

احمِ نفسك وأهلك، وكن واعيًا في اختياراتك. ولا تنسَ أن تسأل دائمًا وتتحقق، ولا تثق إلا بمن يستحق الثقة.